صواريخ الردع النووي: الهند تتقدم وباكستان تراهن على السرعة والتكتيك

لا يُعد السباق الصاروخي بين الهند وباكستان مجرد منافسة عسكرية. بل هو نتاج عقود من التوترات الإقليمية والرهانات الاستراتيجية.
فبعد هجوم كشمير الأخير الذي استهدف سائحين هنود، عادت المخاوف من تصعيد قد يطول أسلحة متطورة، في منطقة تعيش على وقع توازن دقيق بين قوتين نوويتين، بحسب مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية.
ويُسلط هذا التنافس الضوء على كيف تُحوِّل الدول التهديدات المُتبادلة إلى سباق لتطوير ترسانات قادرة على إعادة تعريف حدود الأمن والردع.
صواريخ عابرة للقارات
للْهند تاريخ عريق في إطلاق وتوظيف الصواريخ. ففي القرن الثامن عشر. كانت مملكة ميسور في جنوب الهند أول دولة تستخدم صواريخ ذات هياكل حديدية في الحروب.
وقد أذهلت هذه الصواريخ البريطانيين لدرجة أنهم استنسخوها واستعملوها في جيشهم – كان من أبرز مشاهدها قصف حصن ماكهينري في بالتيمور. وبحسب الروايات فإن “الوميض الأحمر” في النشيد الوطني الأمريكي يعود في الأساس لصاروخ ميسوري بريطاني مُعدّل.
-
الهند وباكستان: تصعيد عند الحدود ومراسم رسمية تخلو من المصافحة
-
الهند تطلب وباكستان تحذر.. واشنطن تناور دبلوماسيًا
وبعد استقلالها عن المملكة المتحدة، شرعت الهند فوراً في السعي وراء التكنولوجيا العسكرية الحديثة رغم العقبات التكنولوجية والدبلوماسية. لا سيما حرمانها من تكنولوجيا الصواريخ من دول متقدمة مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا.
غير أن الهند طوّرت مجموعة واسعة من الصواريخ. بما فيها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs)، ما يجعلها من بين سبع دول فقط على وجه الأرض تمتلك هذه التكنولوجيا.
-
الشرارة من كشمير مجددًا.. الرصاص يتحدث بين الهند وباكستان
-
جدارية ضخمة في البرلمان الهندي الجديد تشعل غضب البلدان المجاورة
اليوم، تحوَّلت الهند إلى عملاق تكنولوجي، تمتلك أجيالا متعددة من الصواريخ، تشمل: صواريخ “أجني-5” عابرة للقارات (يبلغ مداها 5,000 كم). والتي تضعها ضمن نادي الدول السبع المسيطرة على هذه التقنية.
أنظمة دفاع متكاملة مثل “باد” للتصدي للصواريخ على ارتفاعات عالية، و”إيه إيه دي” للتصدي للصواريخ على ارتفاعات منخفضة.
-
عمران خان ينازع نواز شريف الفوز بالانتخابات الباكستانية
-
بالمرتزقة.. تركيا تسعى لإشعال الحرب بين باكستان والهند بعد ليبيا وكاراباخ
وصاروخ “براهموس” الفرط صوتي (سرعة تصل إلى 3 ماخ)، المُطور بالشراكة مع روسيا. والقادر على توجيه ضربات دقيقة عبر منصات متعددة.
هذه الإمكانيات تجعل الهند لاعباً رئيسياً في ساحات الصراع الإقليمية والدولية، خاصة مع طموحها لموازنة النفوذ الصيني.
تفوق تكنولوجي
في المقابل، لا تمتلك باكستان خيار الصواريخ الباليستية العابرة للقارات. إذ لم تكن إسلام آباد راغبة – أو ربما قادرة – على استثمار الموارد في تطوير التقنيات المتقدمة اللازمة لنشر نظام صواريخ باليستية عابرة للقارات.
كما ترى باكستان أن القرب الجغرافي من عدوتها، الهند، يجعل الصواريخ الباليستية العابرة للقارات غير ذات صلة في أي صراع من هذا القبيل.
ويُلبي مخزون باكستان الحالي من أنظمة الصواريخ أهدافها الإقليمية، ألا وهي ردع الهند. وتعتمد باكستان على استراتيجية ذكية ترتكز على:
-
6 قتلى في انفجار بباكستان خلال مسيرة تأييد للفلسطينيين
-
من غبار الانسحاب إلى غموض العودة.. ماذا يحدث في باغرام؟
تطوير صواريخ “شاهين” الذي يبلغ مداه 2750 كيلومترا بالتعاون مع الصين، لتغطية الأراضي الهندية بالكامل.
وتعزيز الردع النووي التكتيكي عبر رؤوس حربية صغيرة قابلة للنشر السريع.
ونشر أنظمة دفاع صاروخي مثل “HQ-9BE” الصينية. ولكنها على الأرجح غير مجهزة لمنع أكثر أسلحة الهند تطورًا، مثل براهموس، من الوصول إلى هدفها.
هذا النهج يُبرز كيف تعوّل إسلام آباد على “الحد الأدنى من الردع” لتعويض الفجوة التكنولوجية، مع الحفاظ على تحالف استراتيجي مع بكين.
-
إيران تقصف مقرين لجماعة “جيش العدل” في باكستان.. التفاصيل
-
أفغانستان: «مقبرة الإرهاب» و«مقبرة الغزاة»
موازنة الرعب
رغم التفوق الهندي الواضح في عدد الصواريخ وتنوعها، تفرض القوة النووية الباكستانية واقعاً جيوسياسياً فريداً. فالهند تُدرك أن أي ضربة تقليدية قد تُواجه برد نووي مدمر، حتى وإن كانت صواريخها قادرة على اختراق الدفاعات الباكستانية.
بالمقابل، تعلم باكستان أن تطويرها لأسلحة نووية تكتيكية. قد يدفع الهند إلى اعتماد استراتيجيات “الضربة الأولى”.
وهذه المعادلة تجعل الصراع محكوماً بمنطق “الخيارات المرعبة”. حيث يُصبح تفادي الحرب نفسها هو الهدف الأسمى لكلا الطرفين، حتى مع استمرار تحديث الترسانات.