فوز ترامب يعزز صناعة الأسلحة الأوروبية والطلب على المعدات العسكرية
يشعر الكثير في أوروبا بالقلق من عودة دونالد ترامب إلى السلطة، لكن قطاعا واحدا فقط لا يتوقف حدوث أزمة، بل ينتظر انتعاشة.
إذ تشهد أوروبا زيادة كبيرة في ميزانيات الدفاع، مدفوعة بضغوط طويلة الأمد من واشنطن ورد فعل القارة نفسها على الحرب في أوكرانيا. وهذا يعد بوفرة في العقود العسكرية لصانعي الأسلحة في القارة وكذلك في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى.
ويفسر أيضًا سبب ارتياح صناعة السلاح الأوروبية، نسبيًا تجاه ترامب.
-
«الطائرة الخنزيرة».. الحارس الأمريكي الذي يجوب سماء الشرق الأوسط
-
قائد “إيريني”: حكومة الوفاق انتهكت حظر الأسلحة على ليبيا
ووفق تحليل في مجلة “بوليتيكو” الأمريكية، تبرز هنا السيناريوهات المستقبلية.
من بين تلك السيناريوهات، إذا سحب ترامب الولايات المتحدة من حلف شمال الأطلسي “الناتو”، وترك أوروبا بمفردها سواء فيما يتعلق بالدفاع عن نفسها أو دعم كييف، فسيتعين على القارة الاعتماد على شركات الأسلحة الخاصة بها، مما سيؤدي إلى زيادة في العقود.
ولكن حتى لو لم يقم الرئيس الجديد بأي شيء جذري للغاية، فإن الحجم الهائل للإنفاق الدفاعي الجديد في القارة يُنتظر أن يتزايد، إذ تقدر المفوضية الأوروبية أن أعضاء التكتل سيحتاجون إلى إنفاق 500 مليار يورو على الدفاع خلال العقد المقبل، لا يزال يعني أنه سيكون هناك الكثير من الأموال المتاحة لشركات الدفاع الأوروبية.
-
2025: تحولات جيوسياسية وصراعات عالمية في الأفق
-
العقوبات الأوروبية الذكية ضد تركيا: المفهوم والآمال والمآل
الفائز الأول
ومع ذلك، من المرجح أن تكون الولايات المتحدة هي الفائز الأول في تعزيز الدفاع الأوروبي.
في هذا الصدد، يقول جان بيه، الأمين العام للوبي الصناعة الدفاعية في بروكسل (ASD)، لمجلة “بوليتيكو” الأمريكية: ”لا يمكن للصناعة الدفاعية الأوروبية أن تغطي كل شيء، خاصة بعد عقود من نقص الاستثمارات التي قوضت بشكل خطير القدرات الصناعية الدفاعية لأوروبا”.
وأضاف ”يجب عكس هذا الاتجاه. إن شراء السلاح غير الأوروبي يعني في نهاية المطاف أن الصناعة الأوروبية ستستمر في الكفاح من أجل الحصول على عائد على استثماراتها وستفقد بمرور الوقت خبرتها التكنولوجية والمهارات ذات الصلة.“
-
أوكرانيا 2024: الحرب النووية تلوح في الأفق
-
تركيا تفشل في الوفاء بالتعاقدات العسكرية بعد الصفعة الأوروبية
ووفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن ما يقرب من 55 في المائة من واردات أوروبا من الأسلحة في الفترة من 2019 إلى 2023 كانت من أمريكا، بزيادة حادة عن 35 في المائة خلال السنوات الخمس السابقة.
لكن بيتر ويزمان، وهو باحث بارز في معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام الدولي (SIPRI)، قال: ”فيما يتعلق بعمليات التسليم، فإن الحجم الفعلي للأسلحة المنقولة من الولايات المتحدة إلى الدول الأوروبية، من المقرر أن يزداد بشكل كبير في السنوات المقبلة“.
واعتبر أن هذه الصفقات ”لا علاقة لها بترامب“ بل بالتدافع على العتاد في أعقاب الحرب على أوكرانيا.
-
جرس أوكرانيا يدق في أوروبا: شراكات جديدة لبناء قاعدة دفاعية صناعية
-
إيطاليا رادار: أوروبا بدأت مراقبة حظر الأسلحة على ليبيا
ويمكن أن يتحول هذا الاتجاه أكثر لصالح أمريكا إذا حاولت الدول التودد إلى ترامب من خلال إبرام المزيد من العقود مع الشركات الأمريكية.
بدوره، قال دبلوماسي أوروبي: ”نحن لا نعرف الكثير عن نوايا ترامب، ولكنني لن أتفاجأ إذا كانت الدول، خاصة في الشرق، ستشتري المزيد والمزيد من المنتجات الأمريكية“.
ورغم ذلك، لا تزال الشكوك قائمة – ومعظمها يتعلق بكيفية تصرف ترامب.
وقال كريستيان مولينغ، الذي يتتبع المشتريات الدفاعية لمؤسسة برتلسمان: ”الردع لعبة عقلية، وليس لعبة أسلحة“. مضيفا ”أنا أشكك في الافتراض الأساسي القائل بأنك تستطيع شراء القيادة الأمريكية من خلال صفقات الأسلحة“.
-
لماذا تشكل طهران تهديدًا أكبر لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية؟
-
غواصة “الحوت الأزرق”.. درع أمني لحماية البنية التحتية في بحر البلطيق
وفي الوقت الحالي، تبلي الشركات الأمريكية بلاءً حسناً، حيث تبيع مقاتلات لوكهيد مارتن من طراز “F-35A”، ومروحيات أباتشي، ونظام الدفاع الجوي باتريوت، ودبابات أبرامز وغيرها إلى دول في جميع أنحاء القارة.
انتعاشة الصناعة بأوروبا
لكن دول الاتحاد الأوروبي التي تعمل على تحديث جيوشها، مثل بولندا ورومانيا، تشتري أيضًا من صانعي الأسلحة الأوروبيين، ومن غير المرجح أن ينتهي ذلك قريبًا، بغض النظر عما يفعله ترامب، وفق مجلة بوليتيكو.
والعام الماضي، أنفقت بولندا 1.5 مليار يورو على آلاف البنادق من طراز كارل جوستاف M4، ومئات الآلاف من طلقات الذخيرة من السويد، بينما اشترت في عام 2023 طائرات الإنذار المبكر والتحكم الأوروبية من طراز Saab 340.
وتدرس وارسو أيضًا شراء طائرات يوروفايتر تايفون التي يصنعها اتحاد شركات إيرباص، وبي إيه إي سيستمز، ضمن تحديث قواتها الجوية المستمر.
فيما تشتري رومانيا صواريخ دفاع جوي من طراز “ميسترال 3” من فرنسا.
وتظهر دول أوروبية أخرى أنماطاً مماثلة. إذ إن هناك حوالي 15 دولة أوروبية في طريقها لشراء طائرات “F-35A” الأمريكية، لكن طائرات يوروفايتر تايفون الأوروبية تتطلع إلى مبيعات جديدة لألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
-
الناتو مستاء من البرود الأميركي تجاه حاجة أوكرانيا للسلاح
-
خريطة التقسيم.. كيف ترى موسكو وكييف مستقبل أوكرانيا؟
وما يخدم شركات الأسلحة الأوروبية بصورة أكبر، هو ضغوط ترامب على دول القارة لرفع إنفاقها الدفاعي بشكل أكبر، لمضاهاة المساهمة الأمريكية في حلف الناتو.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لشركة راينميتال الألمانية، أرمين بابيرغر، في تصريحات لـ”بلومبرغ”، هذا الشهر، أن ” الضغط الذي يخلقه ترامب في الوقت الحالي جيد لأوروبا“.