سياسة

كتاب “الجهاد لدى الحركات الإسلامية المعاصرة”: الكشف عن تأصيل مفهوم الجهاد لدى جماعة الإخوان


تناول كتاب “الجهاد لدى الحركات الإسلامية المعاصرة من جماعة الإخوان المسلمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية” للكاتب التونسي عبيد خليفي، مسألة تأصيل مفهوم الجهاد باعتماد مقاربة تاريخية نقدية ساهمت في الكشف عن عدة أبعاد لهذا المفهوم ارتبطت أساسا بالثقافة العربية وبتاريخ التشريع الإسلامي المرتكز على “النص القرآني” و”السنة النبوية” وإنتاجات فقهاءه على مر الزمن. 

ويعتبر الكاتب أنّ مفهوم الجهاد يستند إلى مشروعية دينية إسلامية للعنف العربي البدوي، ذلك العنف الذي أفرزته إكراهات المجال الجغرافي وسياقاته التاريخية القائمة على الغزو والعنف من أجل الماء والكلأ والنساء. 

وقد تعددت أبعاد هذا المفهوم لتشمل أبعاد رمزية مثل الجهاد بالأموال والأنفس، متجاوزاً مجرد القتال والحرب. وعلى مستوى الواقعي والعملي فقد ارتبط هذا المفهوم  بالعائلة الحاكمة (الأموية، العباسية، العثمانية) و بالدولة التي كانت ترعاه وتحدد مساراته وأهدافه.

يرى الكاتب أنّ اعتماد المقاربة التاريخية النقدية لدراسة الجهاد والجماعات الجهادية الإسلامية مكنه من استخراج ثلاث أجيال جهادية؛ يتمثل الجيل الأول في جيل النهضة وجيل المفكرين والمصلحين الذي ظهر بعد الموجات الاستعمار الغربي للدول العربية الإسلامية، والذي جاء بمفهوم جهاد العقل والفكر والتنوير  والتحفيز لتطوير المجتمعات في محاولة لمحاكاة المجتمعات الغربية. 

أما الجيل الثاني فقد تبنى طرح السيد قطب للجهاد باعتباره وسيلة للتغير بعد ما حلّ بجماعة الإخوان المسلمين في مصر من صعوبات وتضييقات إثر مواجهتها مع النظام الحاكم، حيث عرفت الصحوة الإسلامية  تحولاً من حركة فكرية سياسية عالمية إلى حركة جماهرية عامية تهدف لنصرة جماعات وأقليات دينية. 

وتطورت إلى إسلام حركي يتبنى مفهوم جهاد القتال لتحقيق مشروع سياسي والوصول إلى الحكم. لتصبح أرض خراسان ( أفغانستان) الملجأ لتحقيق التغيير المنشود ولكن على مستوى إقليمياً أولا ودولي ثانية بزعامة ”عبد الله عزام” الذي حوّل كلام السيد قطب في كتابه “معالم في الطريق” إلى أفعال وغزوات و“جهاد مقدّس للذوات” حسب تعبير الكاتب، والذي انتهى بالاقتتال والتنازع على السلطة بين الجهاديين أنفسهم بعد ذلك. 

وبالنسبة للجيل الثالث الذي يسميه البعض الجيل الثاني لتنظيم القاعدة والذي انبثق عن الجيل الأول بزعامة عبد الله عزام وأسامة بن لادن، الذي تبنى أطروحة مركزية العمل الجهادي في أرض خراسان لفك الحصار على فلسطين وأراضي المسلمين والثأر من الدول العظمى، فقد كانت انطلاقة الجيل الثالث إثر  تفكك تنظيم القاعدة و تهدّم مشروعه القاعدي، لينتقل الجهاديون إلى العراق والسودان وغيرها من الدول ويتحول الجهاد من جهاد المركز إلى جهاد الأطراف ومن جهاد الكل إلى جهاد الأجزاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى