الخليج العربي

كلمة الإمارات في الأمم المتحدة: دعم الأمن, الاستقرار ومعالجة أزمات المنطقة


خارطة طريق شاملة لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم تضمنتها كلمة الإمارات في الأمم المتحدة.

كلمة الإمارات أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الإثنين، وضعت الإمارات خلالها رؤيتها لحل الأزمات والتحديات السياسية والأمنية والإنسانية وغيرها في المنطقة والعالم، وعلى رأسها التطرف والإرهاب والنزاعات في المنطقة، وجائحة كورونا.

دور إماراتي بارز.. محوران

وكان أبرز ما يميز ملامح تلك الخارطة الشاملة والرؤية المتكاملة لحل أزمات المنطقة والعالم في الكلمة التي ألقاها خليفة شاهين المرر وزير الدولة الإماراتي، هو تضمنها الدور الإماراتي البارز في تحقيق تلك الرؤية. 

وظهر الدور الإماراتي في تلك الرؤية عبر محورين، الأول: جاء عبر ما أنجزته على أرض الواقع من مبادرات يجني ثمارها العالم، مثل اتفاق السلام الإبراهيمي التاريخي، وإطلاقها مبادرة يوم الإخوة الإنسانية الدولية، ومبادراتها الإنسانية والإغاثية لدعم الجهود العالمية لمكافحة كورونا ومد يد العون لأي دولة تحتاج للمساعدة.
أما المحور الثاني: استعرضت خلاله الإمارات رؤيتها المستقبلية لدعم عالم أكثر أمنا واستقرار واستدامة، والتي تتضح في وثيقة مبادئ الخمسين التي ترسم الخارطة السياسية والاقتصادية والتنموية للدولة خلال الخمسين عاما المقبلة.

كما يتضمن استضافتها لأحداث عالمية على رأسها “إكسبو دبي 2020” الذي ينطلق بعد أيام، أو عضويتها في مجلس الأمن الدولي خلال الفترة 2022-20203، أو سعيها لاستضافة أعمال الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP28، المقرر عقدها في عام 2023.

اليوبيل الذهبي

وربطت الإمارات المحورين، باحتفالها هذا العام باليوبيل الذهبي لتأسيسها، لتكون ما أنجزته منذ 50 عاما على تأسيسها هو هدية للإنسانية، التي يحق لها أن تحتفي هي الأخرى بتلك المناسبة الوطنية الإماراتية التاريخية.

وفي هذا الصدد ، قال خليفة شاهين المرر وزير الدولة الإماراتي، في كلمة بلاده أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، إن الإمارات ترى أن العام الجاري “شكل مرحلة تاريخية مع احتفال البلاد باليوبيل الذهبي لتأسيسها والإعلان عن وثيقة الخمسين التي ترسم الخارطة السياسية والاقتصادية والتنموية للدولة”. 

وبين أن هذا العام يشهد أيضا  إقامة معرض إكسبو دبي 2020، معربا عن تطلع بلاده “أن يساهم هذا الحدث الدولي في مرحلة التعافي المقبلة من جائحة كوفيد 19 وأن يدعم الجهود الدولية التي تهدف إلى بث روح الأمن والتفاؤل بين الشعوب عبر توفير منبر لتواصل العقول وتطوير حلول مبتكرة لأهم التحديات الدولية والاستعداد لصنع مستقبل أكثر إشراقا وازدهارا”.

رسالة إماراتية واضحة للعالم بأن إنجازات الإمارات هي من أجل الإنسانية جمعاء، وأهدافها تصب في صالح دعم أمن واستقرار المنطقة على الصعيدين الحالي والمستقبلي.

معالجة أزمات المنطقة

وفي رؤيتها لمعالجة أزمات المنطقة، وضعت الإمارات مبادئ وقواعد عامة ترى أنه يمكن تطبيقها بشكل عام على تلك الأزمات، ثم انتقلت لرؤية أكثر تفصيلا لحل كل أزمة على حدها، بما يتوافق مع خصوصيتها وطبيعتها.
وحول رؤيتها العامة، فأكدت أن “معالجة المسائل الدولية الملحة وبناء عالم أكثر أمنا واستدامة ” يتطلب  عدد من الأمور من أبرزها:
–   بلورة موقف دولي موحد لمواجهة التحديات الدولية المشتركة.
–   رغبة سياسية حقيقية تتطلب وضع الخلافات جانبا وتعزز العلاقات للتركيز على مستقبل وأمن شعوبنا.
–   بلورة حلول سلمية للنزاعات وتدارك الأزمات السياسية قبل تفاقمها للتمكن من حل النزاعات.
وأكدت على دورها في هذا الصدد مشيرة إلى أنها ” ستواصل دعم الجهود الأممية الدولية التي تهدف لتحقيق تقدم ملموس في العمليات السياسية.”

الأزمة اليمنية.. الحل السياسي

وفي رؤيتها التفصيلية لحل أزمات المنطقة، قالت الإمارات، إن “خلق بيئة مناسبة للسلام والاستقرار خاصة في منطقتنا يتطلب تنفيذ وقف شامل ودائم لإطلاق النار لاسيما في اليمن والحفاظ عليه بشكل مستدام في ليبيا وسوريا وترحيل كافة القوات الأجنبية” .
وأكد وزير الدولة الإماراتي أن بلاده تعّول على موقف دولي واضح يرفض التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية، مشيرا إلى “أن جهود بلاده الرامية لإنهاء دائرة الصراع في المنطقة العربية لن تتكلل بالنجاح دون وقف التدخلات الإقليمية الفجة في الشأن العربي” .
وشدد المرر على أن “الاحترام الكامل لسيادة الدول العربية والتوصل لحلول سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة يبقى السبيل الوحيد لإنهاء أزمات المنطقة العربية.”
وأشار في هذا  الصدد إلى أن هناك “فرصة سانحة للوصول لسلام دائم في اليمن لا يمكن تحقيقه إلا عبر حل سياسي شامل يتضمن وقف إطلاق النار”.
ولفت إلى” أن  مبادرات حقيقية لإنهاء الحرب في اليمن آخرها مبادرة السعودية لإنهاء الحرب في اليمن”.
وشدد على أن ” نجاح هذه الجهود يتطلب إرادة والتزاما من كافة الأطراف”، منددا بمواصلة مليشيات الحوثي استفزازها وعدوانها الذي يعرقل العملية السياسية في اليمن.
كما أكدت الإمارات على ضرورة تنفيذ بنود اتفاق الرياض والالتزام به لتوحيد الصف اليمني.

اتفاق السلام .. ودعم فلسطين

ومن على منصة الأمم المتحدة، برهنت الإمارات مجددا على التزامها الأبدي بدعم القضية الفلسطينية ونشر السلام، مجددة تمسكها بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية.
التزام أكدت عليه الإمارات مرارا وتكرارا، قولا وفعلا، قبل وبعد وخلال توقيع اتفاق السلام التاريخي مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020.
وفي هذا الشأن، أكد خليفة شاهين المرر، وزير الدولة الإماراتي، أن “دعم الاستقرار في المنطقة العربية يتطلب إنهاء الاحتلال لكافة  الأراضي الفلسطينية والعربية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يحقق حل الدولتين”.
وبين أنه بمناسبة “مرور عام على الاتفاق الإبراهيمي نتفاءل بما شهدته المنطقة من إنشاء علاقات جديدة فتحت آفاقا للسلام والمصالحة نسعى عبرها لتحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق الازدهار والاستقرار لشعوب المنطقة”.
ومنذ خطوتها التي وصفها مراقبون ومسؤولون بالشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل، ما فتئت دولة الإمارات تؤكد أن المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
ومنذ الإعلان عن الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل قبل عام، مر قطار السلام بمحطات هامة، وحقق إنجازات قياسية في فترة قصيرة.
تلك المحطات والإنجازات تتوج جهودا متسارعة لتطبيق اتفاق السلام التاريخي على أرض الواقع، وتعكس رغبة صادقة في أن يسهم التعاون بين الجانبين في النهوض بالمنطقة عبر إطلاق مرحلة جديدة للعلاقات والتعاون بين الدول في منطقة الشرق الأوسط، تقود لترسيخ الأمن والسلام والاستقرار.
سلام من شأنه تحفيز النمو الاقتصادي، وتعزيز الابتكار التكنولوجي، وتوثيق العلاقات بين الشعوب، وتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة.

مكافحة الإرهاب.. تحذير مهم

أيضا تضمنت كلمة الإمارات في الأمم المتحدة رؤيتها لمكافحة الإرهاب، متضمنة تحذير هام للعالم.
وقالت الإمارات في هذا الصدد، إن “استمرار النزاعات في المنطقة وتفاقهما بسبب الجائحة ينذر بمستقبل تواصل فيه الجماعات المتطرفة والإرهابية مثل الحوثيين وداعش والقاعدة وجماعة الإخوان وحزب الله  تجنيد أجيال جديدة من الشباب لخدمة العنف والكراهية”.
وشددت على أنها ” لن تتهاون في جهودها لمكافحة هذه الآفة”.
ودعت إلى تكثيف التعاون الأمني والدولي في هذا الصدد مع احترام القانون الدولي.
كما شددت على ضرورة الحفاظ على أمن إمدادات الطاقة وحرية الملاحة والتجارة مع السعي لخفض التصعيد.
وفي هذا المحور، أشادت الإمارات بدور الاتحاد الأفريقي في بذل جهود حثيثة في التصدي للإرهاب والتطرف، ودعت إلى تقديم الدعم الدولي للاتحاد في هذا الصدد، مؤكدة على أهمية الحفاظ على أمن واستقرار القارة الأفريقية.

نووي إيران

الملف النووي الإيراني وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لدول المنطقة من أبرز التحديات لأمن واستقرار المنطقة، لذلك لم تخلو كلمة الإمارات من التنبيه إلى ضرورة ضمان خلو منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
وقال الوزير الإماراتي، خلال كلمة بلاده، إنه “لا يمكن تجاهل برنامج إيران النووي وبرنامج الصواريخ وتدخلها في المنطقة”.
وشدد على أن “أي اتفاق مستقبلي يجب أن يعالج أوجه القصور في خارطة العمل الشاملة المشتركة وأن يشرك دول المنطقة به”.
ودعا طهران إلى احترام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار، مطالبا بإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث.

الأزمة الأفغانية

وفيما يتعلق برؤيتها لحل الأزمة الأفغانية، شددت الإمارات على الحاجة إلى تعزيز الأمن والاستقرار في أفغانستان بما يلبي تطلعات شعبها.
وأكدت على أهمية تأمين وصول المساعدات الإنسانية للشعب الأفغاني، لافتة في ها الصدد إلى مواصلتها دعم الجهود الإنسانية في أفغانستان.
وتواصل الإمارات جهودها الإنسانية في أفغانستان، منذ أول يومٍ سيطرت فيه طالبان على الحكم، وأبدى فيه الشعب الأفغاني حاجته للمساعدة، فكانت أولى طائرات المساعدات تحط في كابول قادمة من الإمارات.
جهود تتواصل وسط احتفاء من مختلف أطياف الشعب الأفغاني والمجتمع الدولي، بجهود ومبادرات الإمارات التي تأتي ضمن استراتيجية الأخوة الإنسانية التي تنتهجها وتضع في أولوياتها “الإنسان أولاً” من دون تمييز في الجغرافيا أو العرق أو الدين.

الأخوة الإنسانية والتسامح

وضمن رؤيتها لنشر التسامح والأخوة الإنسانية، دعت الإمارات إلى “تكثيف التعاون لنشر التسامح عبر التصدي لخطاب الكراهية”.
 وبينت أنه “مع الاحتفال الأول باليوم الدولي للأخوة الإنسانية تستبشر الإمارات بما شهدناه من دعوات عالمية تشجع على الحوار بين الأديان والثقافات.”
كما دعت إلى التركيز على استشراف المستقبل والاستثمار في مجالات الأمن والسلام.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور للإمارات وللشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، عددا من المبادرات التاريخية والمواقف الإنسانية، أسهمت في نشر ثقافة التسامح والسلام في العالم، ونزع فتيل عدد من الأزمات والتخفيف من حدتها، والوقوف حائط صد أمام أفكار التطرف والتشدد.
من أبرز تلك المبادرات رعايته لوثيقة الأخوة الإنسانية التي تم توقيعها في الإمارات 4 فبراير/ شباط 2019 تلك المبادرة التي تحولت ليوم دولي، احتفى به العالم لأول مرة فبراير/ شباط الماضي.

تغير المناخ وكورونا

على صعيد مواجهة الأزمات العالمية، أكدت الإمارات، أمام الأمم المتحدة، حرصها على ترسيخ الاستجابة الإنسانية في سياستها الخارجية، ومساهمتها في تخفيف وطأة الأوضاع في المناطق المتضررة من النزاعات والكوارث.
وأكد الوزير الإماراتي أنه “ينبغي علينا تكثيف العمل متعدد الأطراف لمساعدة الشعوب في التصدي للجائحة كورونا”.
كما شدد على ضرورة وضع استجابة عالمية لتغير المناخ خلال الدورة 26 لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ، لافتا إلى أن تغير المناخ يعد من أكثر التحديات الملحة، وقال “يمكننا الحد من تداعياته وتحقيق العديد من الفوائد الاقتصادية للدول عبر الاستثمار في الحلول التي تخفف من حدته”.
وجسدت الإمارات مفهوم الأخوة الإنسانية في دعمها العالم لمواجهة جائحة كورونا “كوفيد- 19″، حيث قدمت ولا تزال تقدم الدعم والمساعدة للعديد من الدول لتجاوز تداعيات جائحة “كوفيد- 19″، حيث أرسلت نحو 2250 طناً من المساعدات الطبية إلى 136 دولة.
وفي إطار جهودها للحد من آثار تغيرات المناخ، تسعى الإمارات لاستضافة أعمال الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ COP28، المقرر عقدها في عام 2023.

عضوية مجلس الأمن

واختتم خليفة شاهين المرر ، وزير الدولة الإماراتي، كلمة بلاده ، التي جاءت بمثابة إعادة تأكيد على الالتزام الإماراتي يدعم الأمن والسلم العالمي، على مختلف الأصعدة، ومواجهة الأزمات العالمية، وخصوصا مع انتخاب الإمارات عضوا لمجلس الأمن الدولي.
وقال في هذا الصدد إن “عضويتنا في مجلس الأمن للفترة 2022-2023 ، ستركز عضويتنا على تجربتنا وخبرتنا ونهجنا بهدف مد الجسور لمعالجة أهم التحديات بدء من التطرف والإرهاب والأزمات الإقليمية مرورا بمكافحة الأوبئة والتغير المناخي وصولا لقضايا المرأة والشباب وتعزيز دورها في تحقيق الأمن والسلام”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى