اخترنا لكم

لبنان بين الإصلاح والفساد

فهد ديباجي


يرى الكثير من اللبنانيين أن النكبة والحالة اللبنانية تحتاج أكثر بكثير من موافقة مرحلية للقيادات السياسية للسير ببرنامج إصلاحي داخلي تنفّذه حكومة ذات مهمة محددة؛ لأن الطبقة السياسية منبوذة بالأساس من غالبية الفئات الشعبية بسبب ما آلت إليه الأمور في ظل قيادتها وإدارتها وخصوماتها وصفقاتها. وحيث أن اللبنانيين كانوا يفتشون عن حبل نجاة رماه لهم ماكرون، لاسيما في ظل مأزق وجودي شعبي في ظل حراك وطموح بالتغيير الجذري ورفض كل الطبقة السياسية، إلا أن الشعب اللبناني وجد نفسه أمام حل من اثنين، إمّا المثابرة في مساره، وإمّا الوصول إلى الفوضى والجوع والعيش وسط الدمار المتراكم الذي امتدّ بعد انفجار المرفأ إلى عاصمتهم وسقوط وغرق ما تبقى، علّه بذلك يحفظ هيكل لبنان .

انفجار المرفأ وتدمير أكثر من ثلث مدينة بيروت وتهاوي بعض معالمها وانكسار أهلها، جعل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يبدو وكأنه الدينامو المحرك لخيوط المشهد في لبنان، في وقت تبدو فيه القوى السياسية اللبنانية لاسيما الموجودة في السلطة في موقف ضعف، وليس عليها إلا الانصياع وتنفيذ المطالب الشعبية.

المشكلة أن المتحكمين يمسكون بمفاصل السلطة القائمة، خصوصا الثنائي حزب الله والتيار الوطني الحر، الذين كان بيدهم زمام أمور الحكومة المستقيلة “حكومة حسان دياب”، وكان بإمكانهم بعيداً عن وطأة تهديد ووعيد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتلويح بعقوبات، السير عن طريق الإصلاحات، ليس ذلك فقط بل كان بالإمكان السير بها منذ سنوات ولكن ما كان قائما، هو التسويات والمحاصصة والفساد، وهو يجعلنا ننتظر مطالبة شعبية حثيثة للحكومة الجديدة المنتظرة التي من المتوقع أن لا تملك من الأمر شيئا، ولا تملك القدرة على حصر السلاح بيد الدولة. بتنفيذ الإصلاحات العاجلة بما يخدم المصلحة الوطنية بدلا من العودة إلى طرق الفساد السابقة والانحياز، التي أدخلت البلاد في تجاذبات سياسية عميقة وأزمة اقتصادية أنهكت البلاد، وهو ما يجعلها للفشل أقرب، إلا أن هيمنة حزب الله على الحكومة والسياسة في البلاد تجعل لبنان وحيدا ومحروما من الدعم “الخليجي أو الأميركي” وربما الأوروبي، وهو ما سيُعيد غليان الشارع من جديد وبالتالي سقوط الحكومة.

أعتقد أن دول الخليج ما عدا قطر تؤمن بأن جهود ترميم البيت اللبناني يحب أن تكون بيد اللبنانيين أنفسهم، وأن هذا الأمر يبقى رهين جملة من الشروط، في مقدمتها تسليم سلاح حزب الله للدولة، ثم استبعاد هيمنته عن السلطة. ويدخل لبنان كدولة وطنية مئويته الثانية، فيما يشهد أسوأ أيامه، فهي لحظة تأمل واعتبار، ما يدعو إلى الأمل واليأس معا، في التباس متناقض يكاد أن يكون سمة ملازمة للكينونة اللبنانية، فهل يعود التعايش وتعود الدولة المدنية؟ أم يستمر واقع لبنان اليوم المحكوم بقوة السلاح الكامن بيد جيش من طائفة تفضل مصالح إيران على لبنان؟.

نقلا عن العين الإخبارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى