سياسة

لماذا دب الخلاف في معسكر حلفاء أوكرانيا؟


تدخل الحرب الأوكرانية شيئا فشيئا، مرحلة صدام الحلفاء، إذ تتمسك كييف باستراتيجية “المكاسب الصغيرة”، فيما تشكك أمريكا في جدواها.

ويعتبر الأوكرانيون أن الدفاع عن أماكن ذات قيمة استراتيجية ضئيلة يستحق التكلفة من حيث الخسائر البشرية والأسلحة، لأن الروس يدفعون ثمناً أعلى في هذه المعارك، لكن ذلك يأتي عكس الرغبة الأمريكية.

على سبيل المثال، احتدم القتال في منطقة زابوريجيا بجنوب أوكرانيا، لمدة 10 أشهر حتى الآن، على مرحلتين: أولاً مع القوات الأوكرانية التي كانت في موقع الهجوم، والآن باتت في مرحلة الدفاع، بعد تصعيد روسيا هجماتها على المنطقة، بعد أن حققت أوكرانيا مكاسب الصيف الماضي.

ووصف المحللون العسكريون، استراتيجية أوكرانيا بثلاث كلمات “الاحتفاظ (بالمكاسب السابقة) والبناء والضرب”، وفقا لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

ويُفسر الوصف على أنه الاحتفاظ بالخط الدفاعي في جنوب شرق البلاد، وتجديد وحداته القتالية بقوات جديدة والرد بهجمات بعيدة المدى بطائرات دون طيار على مصافي النفط والأهداف اللوجستية العسكرية داخل روسيا.

نصف دائرة

وفي زابوريجيا، كان هذا يعني الدفاع عن المنطقة التي سيطرت عليها في الهجوم المضاد في الصيف الماضي، وهي عبارة عن نصف دائرة بعمق 10 أميال تضغط على الأراضي التي تسيطر عليها روسيا. 

وفي الطرف الجنوبي من نصف الدائرة، تقع قرية روبتاين، والتي استعادت أوكرانيا السيطرة عليها في الصيف الماضي في ذروة الهجوم المضاد الذي لم يفشل في تحقيق اختراق كبير فحسب، بل ترك الروس في وضع قوي بما يكفي لبدء الضغط عبر الجبهة الجنوبية.

وفي هذا السياق، يمكن أن تتعرض القوات الأوكرانية التي تحتل هذا الجيب في خط المواجهة، للهجوم من ثلاث جهات، مما يخلق معضلة.

وعلى الرغم من أن التخلي عن هذا الجيب من شأنه أن يخفف الضغط على القوات الأوكرانية. إلا أنه قد يشير أيضًا إلى انتكاسة رمزية في الحرب. حيث تفقد أوكرانيا الأراضي التي اكتسبتها العام الماضي وسط ارتفاع تكلفة الضحايا وتدمير الأسلحة.

وفي مقابلة أجريت معهم الأسبوع الماضي، وصف الجنود الذين قاتلوا هناك مؤخراً. حدوث تأرجح في مسار القتال في كلا الاتجاهين، وتفوق المدفعية الروسية عليهم بشكل كبير. 

وقال الجنرال إيفان هافريليوك، نائب وزير الدفاع، لوسائل الإعلام الأوكرانية. يوم الإثنين الماضي، إن روسيا تطلق بشكل عام على طول خط المواجهة سبعة أضعاف قذائف المدفعية التي تطلقها أوكرانيا.

وأثبتت الأسلحة الأمريكية التي تم التبرع بها للهجوم المضاد. في العام الماضي، بما في ذلك مركبات سترايكر المدرعة. فائدتها في حماية الجنود من هذه الهجمات أثناء الدفاع.

لكن السياسة الأمريكية تهدد الآن إمدادات الأسلحة. إذ تعثرت حزمة مساعدات عسكرية ومالية قيمتها نحو 60 مليار دولار في الكونغرس الأمريكي منذ أشهر بسبب اعتراضات من بعض الجمهوريين. 

وأعلنت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأسبوع الماضي. أنها سترسل 300 مليون دولار كمساعدة عسكرية مؤقتة باستخدام الأموال المتبقية من المساعدات المعتمدة مسبقًا.

في المقابل، قالت هيئة الأركان العامة الروسية. يوم الثلاثاء، إن القوات الروسية هاجمت الجيب المحيط بروبتاين والمناطق القريبة منه تسع مرات خلال اليوم الماضي. 

والسبب؛ عندما استولى الأوكرانيون على القرية في العام الماضي. اخترقوا خط الدفاع الروسي الرئيسي المضاد للدبابات. والآن يحاول الروس صدهم وسد تلك الفجوة، بحسب “نيويورك تايمز”.

رمز استراتيجي

ومثل باخموت وأفدييفكا في مراحل سابقة من الحرب، أصبحت بروبتاين. التي كان عدد سكانها قبل الحرب حوالي 500 شخص، مجرد أطلال.

 وطوال فترة الحرب، أثار المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكراراً المخاوف من أن أوكرانيا صمدت لفترة أطول مما ينبغي في الدفاع عن مثل هذه الأماكن الثلاثة. وألزمت الجنود والذخائر بالتشبث بالمدن المدمرة التي لا قيمة استراتيجية لها.

لكن بالنسبة لأوكرانيا، تظل المنطقة المحيطة بروبتاين. مناطق تستحق القتال من أجلها، على الأقل في الوقت الحالي.

وقال يوري ساك، المستشار السابق لوزير الدفاع الأوكراني. عن القتال في هذه القرية: “في مرحلة ما، يصبح الرمز استراتيجيًا”، مضيفا أن الدفاع عن مكاسب الهجوم المضاد “مهم للروح المعنوية. ومهم لدعم السكان، ومهم للإيمان الداخلي بقدرتنا على الفوز”.

وأوضح ساك أن القتال أيضًا أكثر تكلفة من حيث الخسائر البشرية .بالنسبة للروس المهاجمين مقارنة بالأوكرانيين في مواقعهم الدفاعية. 

ومضى قائلا “طالما استمرت هذه الحسابات، فإنها تدعم الثبات على الأرض. إنها الحرب، لذا فإن الخسائر في كلا الجانبين أمر لا مفر منه”.

وتشن روسيا الآن هجوماً على طول خط المواجهة بأكمله. والذي يمتد على شكل هلال يبلغ طوله 600 ميل من الحدود الروسية في شمال شرق أوكرانيا إلى نهر دنيبرو الجنوبي. ويستغل جيش الكرملين تفوقه في مجال الذخيرة والقوى العاملة والطيران.

وقامت روسيا بتعزيز صفوف جيشها من خلال نشر فرق من السجناء السابقين. وتشتري قذائف مدفعية وصواريخ وطائرات بدون طيار من كوريا الشمالية. وإيران للمساعدة في تجديد إمداداتها، وفق نيويورك تايمز 

فيما تتجنب طائرات روسيا، الدفاعات الجوية الأوكرانية عبر إسقاط قنابل من مسافة آمنة.

وقال الجيش الأوكراني إن روسيا أسقطت هذا العام أكثر من 3500 قنبلة انزلاقية. وتعمل أدوات الحرب الإلكترونية في موسكو على تشويش الإشارات .وإحداثيات الأسلحة الموجهة عبر الأقمار الصناعية في أوكرانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى