لماذا يرعب «الحشاشين» الإخوان؟
يهاجمون كل من يفتح دفاترهم المخطوطة بدماء الأبرياء ولا يسلم منهم حتى من يتطرق لأشباههم مؤكدين بذلك نسلهم الأيديولوجي الهجين.
وكما كان متوقعا، انطلقت سهام الإخوان فور بث أولى حلقات “الحشاشين” لتنغرس مخالبهم في المسلسل المصري وصناعه، في هجوم حاد فجر أكثر من سؤال حول علاقة الجماعة بأكثر الفرق دموية في التاريخ الإسلامي.
وأحداث المسلسل الذي يقوم ببطولته الممثل المصري كريم عبد العزيز، تكشف نهج الجماعات الإرهابية والتكفيرية منذ أيام “الحشاشين”، وتختزل تشابه الأفكار بين حسن الصباح مؤسس هذه الفرقة، وحسن البنا مؤسس جماعة الإخوان.
كما تكشف مبدأ السمع والطاعة الذي يسير على نهجه أنصار الجماعتين الأخطر في العالم، وكيف نجح مؤسس “الحشاشين” في إقناع أتباعه بأفكار خاطئة لتبرير جرائمهم، تماما مثلما فعل البنا مع أتباعه.
و«الحشاشين» لقب أطلق على فرقة كانت عناصرها تتخفى وسط الحشائش لاغتيال معارضيها، وقيل أيضا لشربهم “الحشيش” قُبيل عمليات الاغتيال حتى لا يحدث أن يتراجعوا عنها في اللحظات الأخيرة.
وبمجرد بث الحلقة الأولى من المسلسل على شاشات الفضائيات المصرية، شنت لجان الإخوان هجوما ضاريا على صناعه، في ضجيج يرى خبراء أنه فضح هواجس الجماعة من أن يكتشف العالم أنها امتداد لتلك الطائفة الإرهابية سيئة السمعة.
وليست هذه المرة الأولى التي يهاجم فيها الإخوان عملا دراميا، فلقد دأبت على استهداف أي عمل يكشف حقيقتها ويفضح خفاياها مثل مسلسل “الجماعة” بجزئيه، و”الاختيار” بأجزائه، و”القاهرة كابل”.
والمؤكد أن الجماعة فشلت في صرف الناس عن متابعة المسلسلات، لكنها وجدت ضالتها في نشر سلسلة من الشائعات والأكاذيب والتعليقات الساخرة عن هذه المسلسلات، معتمدة على سياسة تراكم الأكاذيب لأجيال تالية.
وجهان لعملة واحدة
يرى خبراء أن التشابه والتطابق بين “الحشاشين” والإخوان هو السبب الرئيسي لهجوم الجماعة على العمل الدرامي، مخافة الربط بين الجماعتين واعتبارهما وجهين لعملة واحدة في ذهن المشاهد.
ومن أوجه التشابه والتطابق أن الجماعتين لهما قائد له السمع والطاعة، ويخلطان بين الدين والسياسة بشكل فج ومتعمد، كما يعملان على تقويض أنظمة الحكم.
أيضا، تربي الجماعتان أتباعها منذ الصغر تربية خاصة ممنهجة ضد المجتمع، وتستخدم الاغتيالات وسيلة للتموضع السياسي، ولهما أفرع في الكثير من الدول، ودخلتا مباشرة حلبة توازنات القوة داخل منظومة العلاقات الدولية الإقليمية في زمن كل منهما.
ما وراء الهجوم
في قراءته لأسباب هجوم الجماعة على المسلسل وأبطاله ومدى تشابه أو تطابق بعض الجوانب بين الإخوان والحشاشين، يرى سامح عسكر، الكاتب المصري والباحث في التاريخ الإسلامي، أن هناك جوانب تشابه واختلاف بين الجماعتين.
ويعتقد عسكر هجوم الجماعة على المسلسل يأتي “ضمن استراتيجية العرقلة والتقويض وإثارة السخط التي تنتهجها الجماعة منذ ثار عليهم الشعب المصري في 2013”.
ويقول إن “كل الشواهد تؤكد أن هناك جوانب شديدة التشابه بين الإخوان والحشاشين مثل السمع والطاعة للأمير، والتربية الخاصة والتنظيم السري، وعمليات الاغتيال لقادة المجتمع، ووقوفهم كقوة مناهضة لأنظمة الحكم”.
وحول سبب هجوم الإخوان على العمل الدرامي، يرى عسكر أن هذا يأتي ضمن استراتيجية عامة تنتهجها الجماعة لإثارة السخط والبلبلة بين صفوف الشعب.
وموضحا أن هذا “يعود في الأساس لخوف الجماعة من الربط بينهم وبين الحشاشين التي انتهت تاريخيًا قبل عقود، إلا أنها سيئة السمعة سواء من اسمها (الحشاشين) المستمد من تناولهم لمخدر الحشيش، أو من قيامهم بالقتل والاغتيالات بدم بارد”.
ويشير عسكر إلى أنه من أوائل الكتاب الذين قارنوا بين الجماعتين وحذروا من مخاطرها الفكرية والسياسية والتربوية، إلا أنه يخشى أن يحظى المسلسل بقسط من تعاطف المشاهدين مع البطل الذي يقوم بدوره الفنان كريم عبد العزيز بدلاً من عقد المقارنة بين أفكار الجماعتين وتبين خطورتهما على المجتمع.
ويؤكد الكاتب المصري أن “ما تحاول أن يخفيه الإخوان ظهر بسبب هجومهم المتسرع فسيكتشف المشاهدون أن منهجهم هو نفس منهج الحشاشين، سواء من حيث مبدأ تقويض الدول والعمل علي انهيارها، أو سياسة الاغتيالات”.
“تطابق مذهل”
من جانبه، يرى ثروت الخرباوي، الكاتب والمفكر المصري، أن هجوم الإخوان على المسلسل هو ما أثار انتباه المتابعين للتطابق المذهل بين الإخوان والحشاشين.
ويقول الخرباوي، إنه عقد هذه المقارنة في كتابه “أئمة الشر”، ليس فقط وفق المسميات الأساسية للجماعتين، ولكن مقارنة لمنهجهما ودورهما الوظيفي”.
ويوضح أن مؤسس الحشاشين اسمه “حسن”، وأنه أسس “جماعة الدعوة” التي عرفت باسم الحشاشين في القرن الحادي عشر الميلادي، كجزء من الطائفة النزارية نسبة إلى نزار بن المستنصر المنتمية للمذهب الإسماعيلي، وأنه في بدايته كان شيعيًا يتبع الإثنى عشرية ثم انتقل للإسماعيلية النذارية.
ولفت إلى أن ما تقدم “يتشابه مع سيرة حسن البنا الذي أسس جماعة الإخوان والتي يطلق هو عليها مصطلح الدعوة والتي انطلقت من مدينة الإسماعيلية”، معتبرا أنه “قد يكون محض صدفة وقد لا يكون، لكن الأهم هو التطابق في المناهج والسياسيات”.
وبحسب الخرباوي، فإن “حسن البنا وحسن الصباح قاما باستخدام مناهج تربوية تقوم على عزل أتباعهم عن المجتمع وغرس الكراهية والعداء ضد أوطانهم وحكامهم، وعلى اعتماد تربية مبدأ السمع والطاعة العمياء ليتمكن كل منهما بالتحكم في أتباعهما لتنفيذ مخططاتهما الإجرامية”.
“فرق الموت”
ويستكمل الخرباوي: ” كما شكل حسن الصباح فرق الموت التي نجحت في اغتيال العديد من أعداء الطائفة من سلاطين ووزراء، شكل حسن البنا جهازا خاصا لاغتيال وتصفية معارضي الجماعة من قيادات المجتمع”.
ويلفت الخرباوي إلى “تطابق موقف الحشاشين والإخوان من القدس رغم اختلاف الظروف، فالحشاشون كانوا يعلنون أنهم ضد الصليبيين، ولكنهم لم يحاولوا أبدا الدفع بقوتهم في المعارك ضدهم بل بالعكس قاموا بقتل كل من يحاول مقاومة الصليبين وتحرير القدس”.
وأشار إلى أن هذا “هو نفس موقف الإخوان الذين يعلنون أنهم يناصرون القضية الفلسطينية وأنهم سيزحفون شهداء بالملايين لتحريره، والحقيقة أنهم لم يطلقوا رصاصة واحدة تجاه تحرير القدس بل قتلوا كل من يناهض ويقاوم من أجل القدس والقضية الفلسطينية سواء معنويا أو جسدياً”.
وبالنسبة للخرباوي، فإن “أخطر أوجه التشابه بين الجماعتين هو قيام حسن الصباح وحسن البنا باختراق صفوف ومؤسسات الدول التي يريدون هدمها، وقاموا بتجنيد بعضهم منذ طفولتهم وعلمهم أغلب اللغات المعروفة في تلك الفترة “.
ويتابع أن ما تقدم “سهل اختراق الدول المجاورة واستغلال وجود أتباع كخلايا نائمة في قصور الأمراء والخلفاء لتنفيذ عمليات الاغتيال وإضعاف الدولة بشكل ممنهج، وهو ذاته منهج حسن البنا الذي اخترق العديد من المؤسسات وحاول إسقاط الدولة في أكثر من مناسبة”.
ويختتم الخرباوي بتأكيده على أن “الإخوان جماعة سرية خطيرة ستنتهي وستلقى مصير جماعة (الحشاشين)”، مشددا في الآن نفسه على أن أي جماعة سرية في التاريخ سيكون مصيرها الزوال.