ليبيا ومشروع المصالحة… التفاصيل
برزت تساؤلات عن المشروع بعد انطلاق مصالحة وطنية شاملة في ليبيا، عما إذا كان له فعل القدرة على حل خلاف الليبيين.
وأطلق المجلس الرئاسي الليبي الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة الوطنية في العاصمة طرابلس، مؤكدا أنه يهدف لحل الخلاف بين الليبيين.
وأكدت عضو الهيئة القيادية بحزب “ليبيا للجميع” حنان العبيدي أنها “تؤيد تلك الخطوة”. قائلة “نعم.. أؤيد المصالحة بغض النظر عمن أطلقها أو ما هدفه. وإن كانت مكاسب سياسية أو غيرها، المهم أن يسعى الجميع لعقد المصالحة، لأن ذلك ما يحتاجه الوطن في هذا المنزلق الخطير الذي نعيشه منذ سنوات”.
وأعربت العبيدي عن تمنيها أن تطول المصالحة جميع القضايا الليبية. وألا تركز فقط على الأطراف المتحاربة سياسيا، وتنسى أولئك المتخاصمين اجتماعيا”.
وتدعوا بأن تبدأ المصالحة بعقد صلح حقيقي بين مدينتي مصراتة وتاورغاء، مؤكدة أن إهمال الليبيين لقضية تاورغاء أحد أهم أسباب عثرات الوطن”.
وتاورغاء مدينة تقع غرب ليبيا، مهجرة بالكامل من جارتهم مدينة مصراتة، التي تعد الأكثر في عدد المليشيات المسلحة، وهجرت مليشيات مصراتة أهالي مدينة تاورغاء البالغ عددهم نحو 45 ألف نسمة بسبب اتهامهم بتأييد زعيم ليبيا الراحل معمر القذافي إبان الثورة التي أطاحت بحكمه عام 2011.
وتطرقت العبيدي لنقطة أخرى قائلة إن “إطلاق مشروع مصالحة في بلد متأزم ويعاني من الصراع والاستقطاب والتوترات الأمنية يجعل من أهم مقومات النجاح هو اختيار المكان المناسب لإطلاقه، وهو ما لم يوفق فيه المجلس الرئاسي”.
وقالت “اختيار مدينة طرابلس الراضخة تحت حكم المليشيات، والتي لا يمكن للعديد من الذين من المفترض أنهم أطراف في المصالحة الدخول إليها بسبب خوفهم على أنفسهم، كان أمرا خاطئا”.
ووجهت حنان العبيدي نصيحة للمجلس الرئاسي الليبي بضرورة أن يكون حَكَما عدلا في ملف المصالحة، وألا ينحاز لطرف ويجعل الواعز الديني والوطني فقط محركا له في هذا الملف”.
وعلق علي عمر جابر، المسؤول السياسي في النظام الليبي السابق قائلا إن “المصالحة الوطنية في اعتقادي شعار مرفوع، وتم تداوله بشكل مستمر لكن دون وجود نقاش حقيقي عن هويته وشكله”.
وفي حديث مع “العين الإخبارية” تساءل المسؤول الليبي السابق عما إذا كانت المصالح “هي مصالحة بين أطراف معينة (خصوم سياسيين مثلا) أم مصالحة بين الدولة القائمة وكافة أطراف المجتمع”.
مصالحة مجتمعية
وأضاف “أعتقد أن أي مصالحة مجتمعية في ليبيا ينبغي أن تنطلق من تحمل الدولة لمسؤوليتها أمام الجميع، وتتعهد بجبر الضرر للجميع، وتتعهد بإخلاء السجون ممن سجنوا بسبب الصراع القائم منذ 2011”.
وتابع، تحتاج المصالحة الوطنية إلى توفر الأمن والاستقرار للمواطن، وهذا الأمن يحتاج لأن ينتهي وجود المليشيات، إضافة إلى تعهد قوات الأمن والشرطة بالالتزام بالقانون وعدم خرقه”.
وختم المسؤول الليبي السابق حديثه قائلا “أعتقد لا مصالحة مجتمعية حقيقية إلا بعد بناء المؤسستين العسكرية والشرطة، أما ما يجري اليوم فلا أراه إلا استمرار لرفع شعارات يراد بها استمرار الوضع القائم حاليا”.
وخلال إطلاق الرؤية الاستراتيجية لمشروع المصالحة، طالب رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح الليبيين بالتنازل لبعضهم لضمان سلامة البلاد.
وقال “نتطلع في هذه المرحلة التاريخية إلى السمو فوق الخلافات ونبذ المشاحنات والصراعات التي عطلت مسيرة الحياة وأفسدت العلاقات وحالت دون توحيد المواقف والصفوف وضيعت القدرات”. مؤكدا أنه يجب على الجميع التنازل لضمان سلامة البلاد.
وعن تفاصيل المشروع، قال نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي عبدالله اللافي إن المصالحة الصحيحة لا تنتهي بالتوقيع على مشروع أو اتفاق بل هي مشروع وطني مستمر يعالج أخطاء الماضي، ويحصن المجتمع من الوقوع في براثن النزاع ويؤسس لقيام دولة القانون”.
وأكد أن مجلسه فضّل العمل بعيدا عن الأضواء للتأسيس لمشروع المصالحة مستعينا بعدد من الخبراء في مختلف المجالات. إضافة إلى مشاركة أصحاب الأفكار والمبادرات في تناول المشروع من مختلف جوانبه”.
ويعد إطلاق مشروع للمصالحة الوطنية في ليبيا وتشكيل مفوضية وطنية عليا، أحد أهم ما كلف به المجلس الرئاسي الليبي من قبل ملتقى الحوار السياسي الليبي المنعقد في جنيف بين أطراف النزاع الليبي، والذي رعته الأمم المتحدة وانبثق عنه المجلس الرئاسي كسلطة ليبية في 5 فبراير 2021.
وتشهد ليبيا أزمات عديدة بينها الأزمة السياسية التي تعاظمت مؤخرا بعد إصرار عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية على عدم الامتثال لقرار برلمان البلاد. الذي أعفاه من منصبه وكلف فتحي باشاغا على رأس حكومة جديدة.