مفاوضات جدة.. آمال السودانيين باتفاق رغم كثرة الخلافات
تتجه أنظار السودانيين إلى مدينة جدة السعودية حيث من المرتقب أن تستأنف جولة جديدة من المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط آمال بحل ينهي الأزمة رغم كثرة الخلافات بين الطرفين المتصارعين.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر مطلعة على المفاوضات بالجيش أن الجولة ستناقش بنود إعلان جدة لحماية المدنيين الموقع مطلع مايو/أيار الماضي، إلا أن عضوا في وفد قوات الدعم السريع نفى ذلك، لافتا إلى أن المفاوضات ستركز على وقف العدائيات من أجل الوصول إلى اتفاق حيالها، وفق الموقع الإخباري “سودان تريبيون”.
ونقل الموقع الإخباري السوداني عن عضو في وفد الدعم السريع المفاوض، لم يسمه، تأكيد أن ما يردده الجيش السوداني بعدم وجود أجندة جديدة في المفاوضات المقبلة “غير صحيح”.
وأشار إلى أن الجولة المنتظرة “لن تتطرق للاتفاق السابق إنما ستناقش وقف العدائيات من أجل الوصول إلى اتفاق بالخصوص”.
وأكد أن “لا يجوز أن تتم أية ترتيبات إنسانية ما لم يكن هناك اتفاق لوقف إطلاق نار حقيقي وملتزم به”، مشددا على رفض قوات الدعم السريع للاتهامات الموجهة إليهم بعدم الالتزام بإعلان جدة لحماية المدنيين.
وأضاف: “اتفاق جدة السابق لم يوقع عليه الدعم السريع منفردا إنما وقع عليه الطرفان، وهناك التزامات بشأنه تشمل الطرفين وكل بنوده تخص القوتين معًا وهو ليس مفصلًا على طرف دون الآخر”.
واتهم من وصفهم بـ”الفلول” بـ”الكذب والتشويش” على المفاوضات حتى قبل أن تبدأ “كونهم لا يملكون إرادة حقيقية للسلام بسبب سيطرتهم على صنع القرار في المؤسسة العسكرية”، على حد تعبيره.
وحول خارطة الطريق التي طرحتها الحكومة لوقف الحرب والتي اشتملت على عدد من البنود بما في ذلك تجميع قوات الدعم السريع في معسكرات تبعد نحو 50 كلم من مركز المدينة أجاب عضو وفد الدعم السريع قائلا: “أي خارطة قدمت من قبل الفلول لا تعنينا في شيء ولا نعيرها أي التفاتة”.
وكانت صفحة “خرطوم نيوز” التابعة لحكومة ولاية الخرطوم نقلت عن عضو وفد الحكومة المفاوض السفير عمر صديق، قوله إن المفاوضات “ستبنى على تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في إعلان جدة الموقع في مايو/أيار الماضي”.
وأوضح أن “هذه الاتفاقية حددت الأفعال المحظورة في الفترة القصيرة لإعلان وقف إطلاق النار لأن هناك التزاما من الطرفين بوقف الهجمات والاعتداء على المدنيين لكنَّهم واصلوا اعتداءهم على البنى التحتية واستخدام المدنيين كدروع بشرية إضافة للسلب والنهب والترويع واحتلال منازل المواطنين، ورأى أنها أفعال تخالف القانون الدولي خاصة اتفاقية جنيف المعنية بالنزاعات الداخلية”.
وأوضح صديق أن “أهم ما ورد في إعلان جدة فيما يتعلق بالمبادئ الإنسانية هو ضمان استمرار تدفق الإغاثة للمواطنين ووصولها بدون أي عراقيل وسلامة وحماية العاملين في مجال الإغاثة”.
الجيش والدعم السريع في جدة
وأمس الأربعاء، أعلن الجيش السوداني قبول دعوة السعودية لاستئناف العملية التفاوضية مع قوات الدعم السريع.
ووفق بيان للجيش السوداني على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” فإن القيادة العامة للجيش “قبلت الدعوة من دولتي الوساطة بمنبر جدة؛ المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية باستئناف العملية التفاوضية مع قوات الدعم السريع“.
وأكد الجيش السوداني أن قبوله الدعوة يأتي “إيمانا من القوات المسلحة السودانية بأن التفاوض من الوسائل التي ربما تنهي الحرب”.
وتابع: “قبلنا الدعوة بالذهاب إلى جدة لاستكمال ما تم الاتفاق عليه من قبل، وهو تنفيذ إعلان جدة كاملا، لتسهيل العمل الإنساني وعودة مواطنينا والحياة الطبيعية إلى المدن”.
وأعرب عن أمله في أن تلتزم قوات الدعم السريع “هذه المرة بما تم الاتفاق عليه سابقا”، لافتا إلى أن “استئناف التفاوض لا يعني توقف معركة الكرامة الوطنية، فالقضاء على المتمردين ودحرهم هو هدف الشعب السوداني والقوات المسلحة السودانية وهي ملتزمة بهذا الهدف لوضع البلاد في مسارها الصحيح”.
من جانبها، أعلنت قوات الدعم السريع السودانية مشاركتها في مفاوضات تعقد في جدة، برعاية سعودية أمريكية لإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من 6 أشهر.
وقالت قوات الدعم السريع، التي يرأسها محمد حمدان دقلو “حميدتي“، على حسابها بمنصة “إكس” للتواصل الاجتماعي (تويتر سابقا)، إن مشاركتها تأتي “تقديراً للظروف القاسية التي يعيشها الشعب السوداني جراء الحرب (..) ورغبة من قوات الدعم السريع في رفع المعاناة عن كاهل شعبنا، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتلبية لدعوة المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية لاستئناف التفاوض.
وأشارت إلى أن وفدها وصل الأربعاء إلى مدينة جدة السعودية ودعت “الطرف الآخر” (قوات الجيش) للتحلي بالمصداقية والواقعية والإرادة في الوصول إلى حل يوقف الحرب وينهي معاناة الشعب السوداني.
وفي وقت سابق، قالت مصادر دبلوماسية إن الوفد التفاوضي للجيش يتكون من 4 أعضاء هم: رئيس الوفد اللواء محجوب بشرى، واللواء أبو بكر فقيري، والمقدم طلال سليمان، والسفير عمر صديق.
وحسب المصادر، فإن وفد قوات الدعم السريع التفاوضي يضم رئيس الوفد، العميد عمر حمدان، بالإضافة إلى عز الدين الصافي، ومحمد المختار، وفارس النور.
ترحيب سعودي
ورحبت المملكة العربية السعودية باستئناف المحادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع في مدينة جدة بتيسير من المملكة والولايات المتحدة الأمريكية بالشراكة مع ممثل مشترك لكلٍ من الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) اليوم الخميس .
وقالت وزارة الخارجية السعودية، في صحفي اليوم أوردته وكالة الأنباء السعودية، إنه “في هذا الإطار تحث المملكة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على استئناف ما تم الاتفاق عليه بينهما في إعلان جدة “الالتزام بحماية المدنيين في السودان” بتاريخ 11 مايو/أيار الماضي وعلى اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأمد الموقّع من الطرفين في مدينة جدة بتاريخ 20 مايو/أيار الماضي”.
وتؤكد المملكة حرصها على وحدة الصف وأهمية تغليب الحكمة ووقف الصراع لحقن الدماء ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، ودعماً لانتهاء هذه الأزمة وخروج السودان منها وصولاً إلى اتفاق سياسي يتحقق بموجبه الأمن والاستقرار والازدهار للسودان وشعبه.
الاشتباكات لا تتوقف
وتأتي المفاوضات بينما تشهد العاصمة الخرطوم، ومدن سودانية أخرى، معارك عنيفة بين الجيش السوداني، وقوات “الدعم السريع“، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة، من أجل إحكام السيطرة على الأرض لتقوية الأوراق التفاوضية.
وأبلغ شهود عيان باندلاع اشتباكات جديدة بين الجيش والدعم السريع، بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في مدن الخرطوم وبحري وأم درمان.
وحسب الشهود، فإن الاشتباكات القوية، وسقوط القذائف العشوائية أدت إلى تصاعد ألسنة اللهب والدخان.
كما أفاد شهود عيان بتجدد الاشتباكات بين القوتين المتصارعتين في مقر الفرقة 16 مشاة بمدينة نيالا حاضرة ولاية جنوب دارفور.
وذكر الشهود، أن قوات “الدعم السريع” تحاول فرض سيطرتها على الفرقة 16 مشاة، من أجل إحكام السيطرة على ولاية جنوب دارفور.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي، يخوض الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
ويتبادل الجيش بقيادة البرهان، و”الدعم السريع” بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي“، اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.