سياسة

مفتي القدس يصدر فتوى أثارت الكثير من الجدل والانتقادات

 قام مفتي القدس محمد حسين، من دون حتى الاستناد إلى أي قواعد أو أدلة شرعية، أو نصوص من القرآن والسنة النبوية، بتحريم صلاة الإماراتيين في المسجد الأقصى، وذلك بعد إعلان معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، والتي بموجبها يصبح جميع المسلمين لديهم الحق بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.                                                                     

وتعتبر هذه الفتوى هي الأولى من نوعها في التاريخ الإسلامي، والتي يقوم فيها رجل دين بإفتاء يخص تحريم عبادة فرضها الله على جنسية بنفسها جراء معاهدة سياسية يرفضها هو، والغريب في هذا الأمر أن الداعية هو نفسه من دعا سابقا المسلمين من جميع أنحاء العالم إلى الصلاة في المسجد الأقصى، مما يجعله محط اتهام بتناقض فتوى وتسييسها، ويثير تساؤلات بخصوص معايير إصدار الفتاوى.

وقد أثارت هذه الفتوى الغريبة رفض وانتقادات عدد من العلماء والدعاة، وأكدوا بأنه لم يصدر في التاريخ الإسلامي عن السلف أو الخلف فتوى تمنع شخصا أو جماعة من الصلاة في مسجد من مساجد المسلمين.

غير معتبرة شرعا

ومن جهته فقد أعرب الدكتور عباس شومان عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عن اندهاشه بخصوص الفتوى التي صدرت عن مفتي القدس والتي تتعلق بتحريم صلاة الإماراتيين في المسجد الأقصى بعد الإعلان عن معاهدة السلام بين الإمارات وإسرائيل، حيث رفض الدكتور عباس شومان تحميل الشريعة ما لا تحتمله، وقال بخصوص ذلك: أرفض إصدار فتاوى شرعية لا تستند إلى أي مرتكزات أو قواعد شرعية، ولا أعرف بصفتي من المختصين في الفقه الإسلامي مسوغا للحكم بإبطال صلاة شعب دولة مسلمة بكامله في مسجد من مساجد الله اعتمادا على موقف سياسي اتخذته دولته، وليس دفاعا عن الإمارات ولا تدخلا في مواقفها السياسية التي يقدرها قادتها فإن الفتوى الصادرة انتقائية وغير معتبرة شرعا.

وأشار أيضا إلى أن تركيا ترتبط بعلاقات مع إسرائيل منذ العام 1949، وكانت أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل وهذه العلاقات مستمرة حتى وقتنا هذا، ووصلت إلى التعاون في المجالات الاقتصادية والعسكرية، وهو أبعد من التطبيع بكثير، ومع ذلك لم نسمع عن فتوى فلسطينية تحرم صلاة الأتراك في المسجد الأقصى ولا نريد أن نسمع، كما أن قطر ترتبط بعلاقات تجارية مع إسرائيل ولم نسمع بتحريم صلاة القطريين في الأقصى ولا نريد أن نسمع. 

وتابع المتحدث ذاته قوله بأن الفتوى تتعارض مع الضغط القوي من القيادات في فلسطين لإصدار فتاوى تطالب المسلمين كافة بزيارة الأقصى والصلاة فيه، مضيفا: في حدود علمي لم يصدر في تاريخنا الإسلامي عن السلف أو الخلف فتوى تمنع شخصا أو جماعة من الصلاة في مسجد من مساجد المسلمين.

تسييس الفتاوى مرفوض

وفند من جانبه الداعية وسيم يوسف، فتوى مفتي القدس، وطالبه بنص صريح من القرآن والسنة على الأدلة التي استند عليها في فتواه، واعتبر ذلك أمر مسيس، وفي مقطع فيديو بثه عبر حسابه في تويتر وخاطب فيه مفتي القدس، قال يوسف: تحريم عبادة لا بد له من دليل شرعي أو نص صريح صحيح من رسول الله، أنت حرمت عبادة في المسجد الأقصى وخصصت الإماراتيين، بسبب معاهدة السلام مع إسرائيل، مضيفا بأن الصحابة أدوا عمرة في الكعبة وكانت تحت قبضة المشركين، حتى بعد صلح الحديبية، ولم يقل لهم النبي حرام أو لا يجوز، وأوضح أيضا بأنه إذا كان من أجل السلام مع إسرائيل حرمت على الجنسية الإماراتية الصلاة في المسجد الأقصى، يعني ذلك أن هذا التحريم قاعدة عامة بتحريم الصلاة على القطريين والأتراك والأردنيين والمصريين لأنهم لديهم معاهدات سلام مع إسرائيل، معتبرا بأن تلك الفتوى هي دليل واضح على تسييس الفتاوى وتوظيف الدين في الأمور السياسية، وتابع وهو مستنكر تحرم الصلاة على جنسية فقط لخلاف سياسي.

المعاهدات من صلاحيات ولي الأمر شرعا

هذا وكان مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي قد أكد بأن العلاقات والمعاهدات الدولية من الصلاحيات الحصرية والسيادية لولي الأمر شرعا ونظاما، كما أشاد المجلس بالخطوة السديدة الموفقة التي قامت قيادة الإمارات العربية المتحدة باتخاذها وساهمت في وقف تمدد السيادة الإسرائيلية على مناطق من الأراضي الفلسطينية.

وفي نفس الصدد، قال الشيخ عبدالله بن بيه رئيس المجلس بأن هذه المبادرة هي من الصلاحيات الحصرية والسيادية لولي الأمر شرعا ونظاما، وبين أن في الشريعة نماذج كثيرة وأصول شرعية ناظمة لمثل هذه القضايا صلحا وسلاما وفقا لما تقتضيه الظروف والمصلحة العامة .

وفي بيان له، أشاد المجلس بحكمة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وما يسعى إليه من أجل السلام العادل والمتواصل في منطقة الشرق الأوسط، معتبرا بأن هذه المبادرة هي السبيل لتحقيق السلام في المنطقة، وأكد تأييده لكل ما تقوم به الدولة لمصلحة البلاد والعباد باعتبار أن المصلحة هي المعيار الشرعي لتصرفات ولي الأمر والذي هو وحده المقدر للمصلحة والمحقق للمناط فيما يتعلق بالحرب والسلام والعلاقات بين الأمم.

وصدر تقرير عن الأونروا مؤخرا حيث جاء فيه أنه من بين أهم 20 داعما ومتبرعا للشعب الفلسطيني، لا يوجد لا اسم تركيا، ولا قطر، ولا إيران، بينما تحتل الإمارات المرتبة الرابعة بين أكبر عشر 10 دول تدعم ماليا دولة فلسطين منذ قيام السلطة الفلسطينية العام 1994، وقد كان اخرها مساهمات بأكثر من 828 ألف دولار منذ العام 2013 إلى أبريل 2020 من أجل تمويل قطاعات متنوعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

إلى ذلك، اتفق يومه الخميس في اتصال هاتفي كل من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على بدأ العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، وقد تم الإعلان بعد ذلك عن وقف إسرائيل خطة ضم أراض فلسطينية، تحت طلب ودعم من دولة الإمارات.

وبالإضافة إلى إيقاف خطة ضم الأراضي الفلسطينية، فإن معاهدة السلام تلك قد شملت مواصلة الإمارات وإسرائيل جهودهما من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، وأيضا السماح لكافة المسلمين بزيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه.

إن التوصل إلى مثل هذه المعاهدة، والذي بموجبها تم منع إسرائيل من ضم غور الأردن والمستوطنات بالضفة الغربية وهذا ما قدره الفلسطينيون بنحو 30% من مساحة الضفة، يعتبر دليلا واضحا على حكمة الدبلوماسية الإماراتية، وقد كان هناك ترحيب عربي دولي واسع عقب الإعلان عن معاهدة السلام حيث قامت دول عربية بينها مصر والأردن والبحرين وسلطنة عمان وموريتانيا بتهنأة دولة الإمارات من أجل التوصل لهذا الاتفاق التاريخي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى