سياسة

“مقالب الموت”.. كيف تحول السعي وراء “اللايكات” إلى خطر قاتل؟


انتشرت أخيرا ظاهرة غريبة يدّعي من خلالها بعض الشبان موته أو اختناقه بهدف تحقيق مشاهدات عالية على مواقع التواصل. ليصاب الأهل بالهلع قبل أن يخرج الشاب، ويعترف بمقلبه “المزعج”.

تلك الظاهرة “الخطيرة” قد تودي بحياة مرتكبها، ما يستدعي البحث عن الأسباب النفسية التي تجعله يفعل ذلك، وكشف الآثار السلبية لهذه الظاهرة. وما إذا كان الشاب يفعل ذلك من أجل لفت الانتباه له، أم أن هناك أسبابًا أخرى.

وقالت أستاذة علم النفس بجامعة الأزهر الدكتورة جيهان النمرسي إن الأشخاص الذين يقومون بهذه المقالب يتمتعون بقدر كبير من الجرأة والمغامرة وحب الدخول في المخاطر. لافتة إلى أنهم لا يملكون ثقة بأنفسهم.

وأضافت النمرسي، أن “هذه الشخصية من صفاتها أنها تحب لفت الانتباه إليها.وتستمد ثقتها بنفسها وتقديرها لذاتها من خلال الآخرين، وتشبع رغباتها بالرضا عن نفسها من خلال تقدير الآخرين لها. وهم يعتقدون أن الآخرين لن يقدروهم إلا بمثل هذه الأفعال.وهذا يدل على عدم الثقة بالنفس وعدم تقدير الذات”.

وتابعت أن “النجاح في العمل وفي الحياة. الذي يمثل مصدر فخر وثقة بالنفس لدى الأصحاء، لا يمثل أي شيء بالنسبة لهذه الشخصية. لكن الثقة التي يسعى لاكتسابها تأتي عن طريق الشهرة وعن طريق إعجاب الآخرين به. لذا يسعى لتقديم مواقف خطرة عبر مواقع التواصل، مثل تسلق قمم عالية، أو المشي على حبل، وغيرها من الطرق غير الطبيعية التي تفوق إمكانات الأشخاص العاديين”.

وأشارت النمرسي، إلى أن الربح المادي هو أحد أسباب القيام بهذه الأشياء. موضحة، “ليس شرطًا أن يقوم الشخص بفعل أشياء خطرة، ولكن من الممكن أن يفعل أشياء تمثل إهانة للنفس.مثل من يسكب دلوا من الماء القذر فوق جسده، أو يكسر البيض على وجهه. وهذا نراه كثيرًا عبر تيك توك، والهدف منه جني الربح”.

وتابعت: “قديما كان الطفل يحاول لفت انتباه والديه إليه من خلال ادعاء المرض. أو إصابة نفسه بأي شيء، حتى يحصل على الاهتمام المفقود منهما. وكذلك الاشتباك بينه وبين أصدقائه في المدرسة، أو السرقة. فنجد أنه لا يحتاج إلى المال. لكنه يسرق ليشعر بالانتصار على الشخص الذي سرقه، ما يزيد الثقة بالنفس لديه”.

وأكدت النمرسي أن هؤلاء الأشخاص يعانون سوء الصحة النفسية والعدوان والاضطراب النفسي والقلق. ومن أهم طرق علاجهم هو لفت الانتباه لهم بأشياء نافعة. وأن يسعى المقربون منهم إلى الثناء عليهم دائمًا، والتحدث عن مميزاتهم لتعزيز الثقة بالنفس لديهم.

 

اضطراب شخصية

ووصف الطبيب النفسي المصري جمال فرويز هؤلاء الأشخاص بأنهم يعانون اضطراب الشخصية. ولا يوجد أسوياء يفعلون مثل هذه الأفعال، مؤكدًا أنهم يحتاجون إلى العلاج النفسي.

وأضاف فرويز، أن “الربح المادي هو أهم الأسباب والدوافع التي تجعل هؤلاء الأشخاص يفعلون ذلك، فالمشاهدات حاليًا تساوي دولارات، فأصبح هناك صراعات ومنافسات بينهم. بعضهم يظهر ويعلن عن حصوله على آلاف الدولارات، وغيرهم يحصل على فيلا. ما يغذي دافع الثراء لدى المراهقين، فيقلدونهم حتى يصبحوا أغنياء”.

وقال الطبيب النفسي، إن معظم من يفعلون ذلك من فئة المراهقين. الذين يحبون لفت الانتباه، وأن يصبحوا مميزين بين أصدقائهم، موضحًا أن المراهق من الممكن أن يفعل أي شيء من أجل أن يلفت الانتباه إليه.

وبيّن فرويز، أن كل شيء أصبح حاليًا متاحًا من أجل المال. خاصة في عصر السوشيال ميديا، مضيفًا، “نرى من تقوم بأفعال منافية للآداب وخادشة للحياء من أجل الحصول على مشاهدات عالية والحصول على أموال. كذلك رأينا الرجل الذي يصور زوجته بأوضاع مخلة من أجل المال”.

وأكد الطبيب المصري، أنه لا بد أن يخضع هؤلاء للعلاج النفسي. وإلا فإن وجودهم هكذا خطر كبير عليهم، وعلى المحيطين بهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى