ميليشيات الحوثي تستغل جوع اليمنيين لتجنيد الأطفال للقتال
يُجبر الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السابعة على الانضمام إلى صفوف الميليشات الحوثية بعد استدراجهم إلى “المعسكرات” عن طريق توفير الطعام والمال لعائلاتهم، في البلد الذي يعاني أزمة معيشية حادة ولا تعرف الأسر كيف تؤمن قوت يومها.
وسلط تقرير لصحيفة تلغراف، الضوء على كيفية تجنيد الحوثيين للأطفال اليمنيين بعروض لا يستطيعون رفضها، حيث أدى الحصول على حصص غذائية لمدة شهر خلال فترة الحرب إلى انتقال أحد هؤلاء إلى مخيم صيفي على أطراف مدينة الحديدة الساحلية. بينما تم إغراء آخرين عبر وعد بالتدريس.
ولكن لم يمض وقت طويل حتى كان أيمن البالغ من العمر 14 عاماً، وزملاؤه يحملون بندقية في أيديهم. وكان في واحد من آلاف المعسكرات التي أقيمت في اليمن حيث يتم تدريب الصبية الصغار للانضمام إلى صفوف الحوثيين المدعومين من إيران الذين يوجهون بنادقهم نحو السفن في البحر الأحمر.
ولمدة 40 يومًا، تم تدريب أيمن مع عشرات من الصبية المراهقين الآخرين على الحرب، حيث تتكيف آذانهم ببطء مع الانفجارات العالية والأسلحة المختلفة. قال “كانوا يدربوننا على كيفية إطلاق النار وكيفية حماية المعسكر والسيطرة على نقاط التفتيش”.
وفي نهاية المطاف، كان أداء أحدهم جيدًا لدرجة أنه تم تسليمه مدفعًا رشاشًا. بينما قال أيمن “لكنهم رفضوا إعطائي بندقية AK-47 لأنني كنت سيئاً في إطلاق النار”.
وتوسع نفوذ الحوثيين الذين تسلحهم إيران، ليصبحوا قوة قتالية كبيرة هددت هجماتها الصاروخية الأخيرة في البحر الأحمر بتحويل الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع أوسع في الشرق الأوسط.
وأدت الهجمات التي شنها الحوثيون إلى تعطيل الشحن العالمي، حيث أوقفت السفن إلى حد كبير الإبحار عبر البحر الأحمر، وهو ممر مائي رئيسي يمر عبره ما يقرب من 15 في المائة من التجارة الدولية كل عام.
ويسعى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إلى القيام بدوريات في البحر الأحمر منذ ديسمبر/كانون الأول، واستهدفت غاراته الجوية العسكرية مواقع الحوثيين، بما في ذلك المناطق التي يعتقد أنها مواقع لإطلاق الصواريخ ومخابئ لتخزين الأسلحة.
ومع ذلك ليس هناك ما يشير إلى أن الحوثيين سيتوقفون في أي وقت قريب، حيث تعهد كبار القادة بمواصلة هجماتهم تضامناً مع حماس وإنزال “العقاب” على الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل.
وقد سيطر الحوثيون الذين خاضوا حرباً أهلية استمرت سنوات ونجحوا في الإطاحة بالحكومة اليمنية قبل عقد من الزمن، على جزء كبير من البلاد ويحكمونها بقبضة من حديد.
وسلطت العديد من منظمات حقوق الإنسان الضوء على كيفية استخدام الحوثيين للنظام القضائي لإسكات المعارضة. ففي بعض الأحيان أصدرت المحاكم التي يسيطر عليها الحوثيون أحكاماً بالإعدام وأعدمت علناً أي شخص يعارض حكمهم، بما في ذلك السياسيون والصحافيون والعسكريون.
ولكن ربما تكون إحدى أفظع الطرق التي سعى بها الحوثيون للبقاء في السلطة، هي استغلال الأطفال ليصبحوا جنودا. وبين مارس 2015 وسبتمبر 2022، تحققت اليونيسف من 3995 حالة لأطفال في اليمن تم تجنيدهم للقتال، على الرغم من أن الأرقام من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير. وذكر أحد تقارير الأمم المتحدة أن 2000 شخص لقوا حتفهم في ساحة المعركة بين يناير/كانون الثاني 2020 ومايو/أيار 2021 فقط.
وتقدر منظمات حقوقية أخرى، مثل المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان وسام للحقوق والحريات، أنه تم تجنيد أكثر من 10 آلاف طفل قسراً في القتال. وتعتقد الأمم المتحدة أن بعض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم السابعة يجبرون على تنظيف الأسلحة.
وقال عبده الحذيفي، مدير منظمة ميون الحقوقية في اليمن، إن الحوثيين “استغلوا الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها الأسر التي تعيش في المناطق الخاضعة لسيطرتهم لإجبارهم على إرسال أطفالهم إلى المخيمات الصيفية، ومن ثم إلى جبهات القتال”. .
وأضاف أن “الأطفال المجندين يتلقون أولا دورات عقائدية في المعسكرات الصيفية لضمان الولاء”. ثم يتم نقلهم إلى معسكرات التدريب العسكري والقتال لتلقي التدريب على أنواع مختلفة من الأسلحة.
ومن الصعب تقدير عدد الأطفال الذين ذهبوا إلى هذه المعسكرات نظرا للطبيعة الغامضة للنشاط المسلح. لكن ميون تقدر أن مئات الآلاف من الأولاد والبنات قد تسربوا عبر ما يقرب من 9000 “معسكر” عامل في مناطق اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وقال الحذيفي إن الأسر “تنخدع” للتخلي عن أطفالها، حيث وعد المسلحون الحوثيون بتوزيع الطعام والمال على أولئك الذين يرسلون أبنائهم وبناتهم.
وبالنسبة لعائلة أيمن، كما هو الحال مع العديد من العائلات الأخرى التي تكافح من أجل تغطية نفقاتها في اليمن الذي مزقته الحرب، كان هذا عرضًا لا يمكنهم رفضه.
وقال إنه بعد مقتل والده في الحرب الأهلية في اليمن، “لم يكن لدى عائلتي من يطعمهم”. مضيفا “طلبت مني والدتي الانضمام إلى المخيم الصيفي لأنهم يقدمون سلالاً غذائية للمشاركين”.
وانتهى الأمر بوائل البالغ من العمر 13 عاماً، في معسكر للحوثيين حيث أقنعت معلمته والد وائل بإرساله إلى المخيم مقابل وعد بحصص غذائية لمدة شهر على الأقل.
كان النشطاء ينقلون أيديولوجية سياسية ودينية يُزعم أنها قادمة من أحد قادة الجماعة الرئيسيين وهو الراحل حسين الحوثي.
وتتراوح الحكايات المروية بين معارك الحوثي الشجاعة ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، فضلاً عن أهمية “الجهاد” أو النضال ضد الغرب بسبب خطابه المناهض للمسلمين.
ويلقن المقاتلين الصغار أن الغرب “هدفهم النهائي هو احتلال البلاد الإسلامية ومحو مبادئ الإسلام لنشر معتقداتهم غير الأخلاقية”. وترديد شعارات تدعو إلى” الجهاد “.”
ومن بين الهتافات “الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”.
وفي المساء يتلقى الأطفال تدريبًا على الأسلحة، ويطُلب منهم استخدام مهاراتهم الجديدة على الفور حيث يتم تكليفهم بحراسة المعسكر طوال الليل. وكجزء من عملية التلقين الأوسع، يتم عزلهم في المعسكرات. وقال أحدهم “لقد منعونا من الاتصال بالأشخاص خارج المخيمات، حتى مع عائلاتنا”.
وحيث حضر أيمن المعسكر في أحد المواقع التي أطلق منها الحوثيون صواريخهم على البحر الأحمر، فإن الخوف يخيم على الأجواء حيث يشعر العديد من السكان بالقلق من تصاعد الحرب. واختار البعض الفرار إلى المناطق الجنوبية من المدينة التي لا تزال تحت سيطرة الحكومة الشرعية في اليمن.
وليس من المفاجئ أن يشعر اليمنيون بالقلق مع تفاقم التوترات الإقليمية. ففي الشهر الماضي أعادت الحكومة الأميركية تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عالمية، بعد أن رفعتهم من القائمة في فبراير/شباط 2021 لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية إلى اليمن.
وقصف الجيشان الأميركي والبريطاني مرتين أهدافًا متعددة في ثمانية مواقع يعتقد أن الحوثيين يستخدمونها. وجاء في بيان مشترك للدول الست المتحالفة .”يظل هدفنا هو تهدئة التوترات واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر. لكن دعونا نكرر تحذيرنا لقيادة الحوثيين“. وأضاف البيان “لن نتردد في الدفاع عن الأرواح والتدفق الحر للتجارة في أحد أهم الممرات المائية في العالم في مواجهة التهديدات المستمرة.”