هذا ما جنته الدوحة على حقوق الإنسان.. ليبيا مثالا
يحتفل العالم سنوياً في العاشر من كانون الأول باليوم العالمي لحقوق الإنسان، ففي هذا اليوم من عام 1948م اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يضمن احترام الحقوق الاجتماعية والثقافية، والتمتع الحر لكافة أعضاء المجتمع.
كثيرة هي الدول التي مارست انتهاكات واسعة بحقوق الإنسان تعميقاً لنزعة القتل والتدمير وإبادة الناس بالجملة واستباحة حقوق الآخرين، ومن باب أولى أن يكتسب يوم حقوق الإنسان أسمى معاني الكرامة والبقاء، لاسيما والقوى الظالمة والمتمردة على القرارات والقوانين الإنسانية تواصل تحركاتها المشبوهة دائماً في عدة مناطق ومواقع من العالم، لتأجيج صراعها الأيديولوجي على الصعيد الدولي من أجل اختراق الأمن والسلام العالميين، فتركيا اليوم تجاوزت حدودها الجغرافية والعسكرية وتدخلت بقواتها في الشمال السوري وفي العراق وليبيا بالتنسيق مع النظام القطري الذي تجاوز كل معاني الإنسانية من خلال دعمه التنظيمات التكفيرية وخرقه لمبادئ حقوق الإنسان دون مراعاة للحقوق والمبادئ الدولية.
فبعد مقتل القذافي قامت قطر بدعم عدة كتائب وفصائل إرهابية بالتنسيق والتخطيط مع النظام الأردوغاني، من جملتها كتيبة راف الله السحاتي التابعة لإسماعيل الصلابي وعملت هذه الجماعة التي تتبنى الفكر المتطرف على تنظيم دورات عسكرية في الاستطلاع وإدارة العمليات لبعض أفرادها جنباً إلى جنب مع جماعة أنصار الشريعة في العديد من المدن الليبية وبالتالي أعلنت مسؤوليتها عن عمليات الاغتيال عدا عن السيارات المفخخة، كما موّلت مايسمى مجلس شورى ثوار بنغازي بالأسلحة والعتاد ودعم مجموعة أنصار الجماعة الليبية المقاتلة في درنة وأيضاً كتيبة أبو عبيدة الزاوي في مدينة الزاوي غرب ليبيا ويعتبر زعيمها من أكبر حلفاء عبد الحكيم بلحاج.
تتحرك عدة منظمات حقوقية رافضة لدور الدوحة التخريبي في المنطقة، ونظمت هذه المنظمات الحقوقية عدة ورش وندوات لتعرية الموقف القطري الداعم للإرهاب والتطرف في العاصمة جنيف وهي بدايةٌ لتحركٍ أكبر لمحاكمة قطر أمام العالم على جرائمها بحق الشعوب العربية، ومن الداخل القطري إلى ساحات أخرى عربية وإقليمية شهدت ألاعيبها القائمة على اختراقات، غايتها الإفساد والتلاعب بمصالح الآخرين.
والدعوات القضائية متتالية لمحاكمة المسؤولين القطريين تؤكد أن الشعب الليبي أدرك حجم المؤامرة التي نفذتها دولة قطر على بلاده منذ العام ٢٠١١م، حيث تعمدت اللعب بالحقائق وتزييف الواقع ولكن الشعب الليبي لن يقف مكتوف اليد، وسيعمل كل ما في وسعه لمحاكمة المسؤولين القطريين أمام القضاء الدولي اعتماداً على ما يمتلكه من وثائق وأدلة ومستندات مكتوبة ومصورة والتي تثبت أن قطر تعد في مقدمة الدول التي تتدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، وتذكي الصراع والنزاع المسلح في البلاد من خلال العمل على دعم فصائل متطرفة مسلحة.
اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الليبية طالبت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، بفتح تحقيق دولي حيال التدخل والدعم المالي والعسكري من قبل دولة قطر للجماعات والتنظيمات المتطرفة التي تتبنى الفكر المتطرف وتنفذ عمليات الاغتيالات التي طالت شخصيات سياسية وقانونية وحقوقية وإعلامية وضباطاً وجنوداً ليبيين، وظهرت الاتهامات الموجهة لقطر بإفساد مسار العدالة خلال جلسة استماع في قضية تمويل قطر لجبهة النصرة في سوريا من خلال بنك الدوحة، في العاصمة لندن في تشرين الثاني الماضي، والتي رفعها ثمانية لاجئين سوريين ضد بنك الدوحة، وشرطة مكافحة الإرهاب تحقق في مزاعم بأن الشهود والمدعين في القضية قد تعرضوا للترهيب من قبل المسؤولين العاملين في دولة قطر.
وثمة شروخٍ أحدثتها قطر داخل بنيانها الاجتماعي، منها ما يتعلق بالإتجار بالبشر في الداخل القطري، وإن حجم الأزمات التي يواجهها النظام القطري متصاعدة وتميم بن حمد تحرك للبحث عن وجهات جديدة لجلب العمال من أجل إنقاذ مشاريع مونديال 2022 المتعثرة، فاستجدى باكستان لإرسال 100 ألف عامل، وتذلل لغانا بتوقيع خمس اتفاقيات استثمارية لاستقدام مئات العمال إلى الدوحة، وهناك العديد من العمليات الجائرة بحق العمال.
والتحذيرات الأممية واضحة التي أعربت عنها المقررة الخاصة بالأمم المتحدة لحالات العنف المنزلي والجنسي الذي تتعرض له النساء في قطر، وعملية تجريد النسوة من ملابسهن في مطار الدوحة وما أثارت من تفاعلات واحتجاجات في الرأي العام العالمي إزاء انتهاك حرياتهن وحقوقهن، وإن إخضاع نساء مسافرات لفحوصات قسرية ومهينة في المطار القطري، والقيام بإجراء فحوصات مهينة للنساء وليست غريبة على النظام القطري، وما عاد مقبولاً اعتذاره عما حدث لهن بعد إخضاعهن بالقوة لفحوصات نسائية.
ويوضح كتاب بعنوان “قطر هذا الصديق الذي يريد بنا شراً” للكاتبين الفرنسيين نيكولا بو وجاك ماري بورجيه خبايا الصفقات الدولية التي عقدتها قطر والعلاقات السرية لحمد بن خليفة ويوسف القرضاوي مع مسؤولين إسرائيليين، ويعتبر الكاتبان ما يسمى بثورات الربيع العربي بأنها نِتاج قَطري غربي ومؤامرة حيكت في الغرف السوداء.
السفير الروسي السابق في قطر فلاديمير تيتو رينكو يشير إلى الدور القطري في أحداث عام 2011م معتبراً أن قطر بلد صغير والفنادق فيها قليلة، وتمكّن بسهولة من معرفة أن أشخاصاً كانوا يأتون من ليبيا وبلدان أخرى تحضيراً لمشروع معارضين أو منشقين ليقوموا بأعمال تدميرية، وكانت تتولى الدوحة ضبط عملية تغيير النظام اليمني في إشارة دعمها لميلشيات الحوثي الانقلابية.
وحيال هذه المواقف الرعناء تتزايد المطالبات الدولية للعمل على تجميد أرصدة الدوحة وعزل قطر لاستمرارها باختراقات حقوق الإنسان ودعم المتطرفين، والتدخل في شؤون العديد من الدول الأوروبية فضلاً عن ضلوعها في المساهمة بعمليات الدعم والمساندة للتنظيمات الإرهابية، وإجراء تحقيقات دولية للحد من تحركاتها المشبوهة في بقاع شتى من العالم.
نقلا عن العين الإخبارية