هل تسبب حبوب منع الحمل أورامًا في الدماغ؟ تحذيرات جديدة

كشف تقرير نشره موقع “ساينس أليرت”، عن دراسة طبية حديثة تربط بين الاستخدام طويل الأمد لحبوب منع الحمل التي تحتوي على مادة “ديسوجيستريل” وزيادة طفيفة في خطر الإصابة بورم سحائي داخل الجمجمة، وهو ورم دماغي غير سرطاني قد يسبب أعراضاً عصبية ويستلزم أحيانًا التدخل الجراحي.
الدراسة، التي أجراها باحثون من الوكالة الوطنية الفرنسية لسلامة الأدوية، استندت إلى بيانات أكثر من 92 ألف امرأة بمتوسط عمر 59 عاماً، وقارنت بين نساء خضعن لعمليات جراحية بسبب هذا الورم وأخريات لم يُصبن به.
وتُشير النتائج إلى أن استخدام “ديسوجيستريل” لأكثر من خمس سنوات يرفع نسبة خطر الإصابة بشكل محدود، حيث يُقدَّر أن امرأة من بين كل 17,331 معرضة للإصابة بورم يستدعي الجراحة، مقابل واحدة من بين كل 67,300 عند استخدامه لأقل من خمس سنوات.
ورغم أن الباحثين يؤكدون أن هذه النسبة لا تثير الذعر ولا تثبت علاقة سببية مباشرة، فإنهم يدعون إلى الحذر، خاصة مع الاستخدام الممتد، ويوصون بمراقبة عصبية دورية. كما أوضحوا أن هذا الارتباط يختفي بعد عام من التوقف عن تناول الدواء، ما قد يسهم في تجنّب الجراحة عند الاكتشاف المبكر.
وفي المقابل، لم تُظهر الدراسة أي علاقة بين حبوب “ليفونورجيستريل” – وهي من نفس الفئة الهرمونية – وخطر الإصابة بورم سحائي، ما يفتح المجال أمام النساء، خاصة الأكبر سنًا، لاختيار وسائل منع حمل أكثر أمانًا بالتشاور مع الأطباء.
ويؤكد خبراء صحة أن نتائج هذه الدراسة لا تستدعي القلق العام، لكنها تتيح فرصة حقيقية لنقاش أوسع بين النساء وأطبائهن حول أنسب خيارات منع الحمل وفقًا لحالة كل فرد.
في اكتشاف مثير للقلق، أكدت دراسة حديثة عُرضت خلال مؤتمر المنظمة الأوروبية للسكتة الدماغية (ESOC) 2025، أنّ حبوب منع الحمل الفموية المركبة قد تضاعف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية لدى النساء الشابات بثلاثة أضعاف.
السكتة الإقفارية، التي تُعرف بأنها النوع الأكثر غموضًا من السكتات الدماغية، وتشكّل ما يصل إلى 40٪ من الحالات بين الشباب، كانت محور الدراسة التي سعت لتحديد ما إذا كانت الأدوية الهرمونية تلعب دورًا خفيًّا في ظهورها.
شملت الدراسة 268 امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و49 عامًا، أصبن بسكتة دماغية، وقورنت حالاتهن مع 268 امرأة سليمة من الفئة العمرية نفسها. من بين هؤلاء، تبيّن أن 66 من المصابات و38 من النساء السليمات كنّ يستخدمن حبوب منع الحمل الفموية.
وبعد ضبط عوامل الخطر التقليدية، مثل ارتفاع ضغط الدم، والتدخين، والصداع النصفي، والسمنة، أظهرت النتائج أن النساء اللواتي يستخدمن وسائل منع الحمل المركبة أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بثلاث مرات، مقارنة بغيرهن.
اللافت أن معظم المشاركات كنّ يستخدمن أدوية تحتوي على مادة إيثينيل إستراديول بجرعة 20 ميكروغرامًا، بالإضافة إلى أنواع أخرى من هرمون الإستروجين.
ويُشير القائمون على البحث إلى أنّ هذه العلاقة الخطرة قد تعود إلى عوامل وراثية أو آليات داخلية لم تُكتشف بعد.
رغم أهمية النتائج، يحرص الباحثون على التأكيد أنّ الدراسة لا تهدف إلى إثارة الذعر، بل تدعو إلى الحذر الطبي، خصوصا عند وصف هذه الأدوية للنساء اللواتي لديهن تاريخ طبي مع السكتات أو أمراض الأوعية الدموية.
ويشدّد الاختصاصيون على أهمية مراجعة الحالة الصحية لكل امرأة بشكل فردي قبل وصف حبوب منع الحمل المركبة، لضمان الوقاية من أي مضاعفات خطيرة قد تضع الحياة على المحك.