المغرب العربي

هل تستعيد ليبيا أمجاد الأجداد في الذكرى 71 من الاستقلال؟


مرت 71 عاما منذ حصلت ليبيا على استقلالها، في ذكرى تحل هذا العام محملة بآمال حل أزمة تراوح مكانها منذ سنوات واستعادة استقرار طال انتظاره.

تحتفي ليبيا بذكرى استقلالها الـ71، والذي جاء عبر قرار من هيئة الأمم المتحدة في 21 نوفمبر 1949 ودخل حيز التنفيذ في 24 ديسمبر 1951 وسط أزمات طال أمدها دون حل.

القصة

بدأت القصة بعد هزيمة إيطاليا في الحرب العالمية الثانية والتي كانت لا تزال تتمتع بالسيادة على جميع مستعمراتها السابقة ومنها ليبيا، قبل توقيع معاهدة الصلح بين روما ودول الحلفاء في سبتمبر 1947.

وحينها سمي الاتفاق بـ”معاهدة السلام”، وتركت التصرف في المستعمرات الإيطالية للدول الأربع الكبرى التي وقعت معاهدة الصلح مع إيطاليا فوقعت برقة (شرق ليبيا) وطرابلس (غرب) في الفترة من 1943 حتى 1951 تحت الإدارة البريطانية، بينما خضعت فزان (جنوب) للسيطرة الفرنسية.

وبموجب المعاهدة، تخلت إيطاليا عن جميع مطالباتها بليبيا، إلا أن التنافس الذي حدث بعد المعاهدة بين الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد السوفياتي وفرنسا جعل من المستحيل الوصول إلى اتفاق يحسم مسألة الوصاية على ليبيا.

ودفع ذلك الدول الأربع لإحالة ملف ليبيا في سبتمبر 1948 إلى الأمم المتحدة التي بدأت مناقشتها في أبريل/نيسان 1949.

وفي غضون ذلك، ظهر مشروع بيفن سفورزا، وهو اتفاق سري كان قد جرى بين وزير خارجية بريطانيا آنذاك أرنست بيفن ونظيره الإيطالي الأسبق كارلو سفورزا.

ونص الاتفاق على أن تحصل ليبيا على استقلالها بعد عشر سنوات على أن توضع أقاليم ليبيا الثلاثة خلال تلك الفترة تحت وصاية دولية، حيث تتولى بريطانيا الوصاية على برقة وتتولى إيطاليا بموجبها إدارة طرابلس، فيما تتولى فرنسا إدارة فزان.

وقدم الاتفاق في شكل مشروع للأمم المتحدة للتصويت عليه أمام الجمعية العامة في 17 مايو/أيار 1949، ولتمريره كان يتطلب موافقة ثلثي الأعضاء الحاضرين وعددهم 58 دولة.

ونجح أحد أعضاء الوفد الليبي في كسب تأييد ممثل دولة هايتي لدى الأمم المتحدة وكان صوته هو المرجح الذي أدى إلى سقوط المشروع.

 المملكة الليبية

في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1949، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا اقترحته وفود الهند والعراق وباكستان والولايات المتحدة ينص على أن ليبيا يجب أن تصبح مستقلة قبل الأول من يناير/كانون الثاني 1952.

فصوت لصالح القرار 48 صوتا ومعارضة الحبشة وغياب تسع دول منها فرنسا وخمس دول شيوعية.

ونص القرار على أن يوضع للدولة الجديدة في أثناء ذلك دستور تقرره جمعية وطنية تضم ممثلين عن الأقاليم الثلاثة بالتشاور فيما بينهم كهيئة واحدة.

كما نص على تعيين مفوض خاص من الأمم المتحدة للمساعدة في صياغة الدستور وإنشاء حكومة مستقلة، فكان الدستور الليبي الذي اعتمد بقرار من الجمعية الوطنية وصدر بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 1951.

ولاحقا، تأسست في 24 ديسمبر/كانون الأول 1951 المملكة الليبية المتحدة بعاصمتين اثنتين، وهما مدينتا طرابلس وبنغازي وذلك حتى عام 1963 ثم سميت مدينة البيضاء عاصمة من 1963 حتى 1969.

وآنداك كان نظام الحكم ملكيا دستوريا وراثيا وقد أقرت الدستور الجمعية الوطنية الليبية بمدينة بنغازي في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 1951.

تلك الدولة التي تكونت حديثا مضت بتلك التسمية حتى 26 أبريل/ نيسان 1963 ثم عدلت التسمية إلى المملكة الليبية وذلك بعد إلغاء النظام الاتحادي الذي كان يجمع بين الولايات الليبية الثلاث طرابلس وبرقة وفزان.

“الجماهيرية”

استمرت المملكة حتى إنهاء حكم الملك إدريس الأول على يد الزعيم الراحل معمر القذافي في الأول من سبتمبر/ أيلول 1969، وإلغاء الملكية وإنشاء “الجمهورية العربية الليبية”.

وفي 2 مارس/ آذار 1977 تم إعلان قيام سلطة الشعب عبر وثيقة إعلان قيام سلطة الشعب وحل الجمهورية الليبية حيث سميت ليبيا في ذلك التاريخ “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية”.

وفي 14 أبريل/نيسان 1986 أضيف لاسم البلاد تسمية “العظمى” وذلك بعد الغارة الأمريكية على طرابلس عقب خلاف بين القذافي وواشنطن فيما جاءت تلك التسمية باعتبار أن ليبيا قد تحدت دولا عظمى، وفق ما يقول القذافي.

 ليبيا الجديدة

بعد 42 عاما من حكم القذافي سقطت “الجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى”، إثر انطلاق مظاهرات ضده يوم 15 فبراير/ شباط 2011 المحدد مسبقا من قبل مناهضي القذافي وهو اليوم الذي تجمهر فيه مواطنون بمدينة بنغازي هاتفين ضد نظام العقيد.

وبعد أن اضطرت أجهزة الأمن لمواجهة المتظاهرين الذين هجموا آنذاك على أحد المعسكرات بالرصاص وسقط قتلى وجرحى سرعان ما تحولت تلك المظاهرات إلى حرب أهلية.

تلك الحرب التي استمرت 8 أشهر تفوق فيها “الثوار” بدعم من حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي أرسل طائرات دمرت معسكرات القذافي وأبادت جنوده.

وخلال تلك الفترة وتحديدا في 20 أغسطس/ آب من العام نفسه، انتفضت عاصمة ليبيا طرابلس ووقعت اشتباكات مسلحة إلى أن حاصر خصوم القذافي باب العزيزية رمز الحكم.

إلا أن كتيبة حراسات المكان التابعة للقذافي رفضت القتال، ما سهل دخول المسلحين لباب العزيزية وبيت القذافي يومي 21 و22 أغسطس/آب وأعلنوا السيطرة على طرابلس بعد إسقاط حكم العقيد.

ومن هناك بدأ عصر جديد إلا أنه اتسم بخلافات وصراعات سياسية بين حكومات متعددة ناهيك بظهور مئات المليشيات المسلحة التي عاثت فسادا في البلاد بدعم من تنظيم الإخوان ناهيك بانقسام مؤسسات الدولة الاقتصادية.

ومطلع العام الجاري شهدت ليبيا أكثر تلك الأزمات تعقيدا والمتمثلة في صراع بين حكومتين على السلطة، الأولى حكومة عينها مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا والأخرى حكومة الوحدة الوطنية التي انتهت مدتها ولا يزال رئيسها عبد الحميد الدبيبة يرفض تسليم السلطة إلا عبر انتخابات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى