هل يغير الصدر عباءة السياسة بعباءة الدين؟
ابتعد رجل الدين الشيعي العراقي والسياسي النافذ مقتدى الصدر نسبيا عن المشهد السياسي في بلاده بعدما انتخب البرلمان رئيسا للجمهورية الذي كلّف بدوره مرشح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة في خطوة وصفت بأنها ضربة سياسية قاصمة لزعيم التيار الصدري.
حيث توقف عن التغريد عبر تويتر المنصة الاجتماعية التي كان يروج فيه لأفكاره ويوجه من خلالها أنصاره. إلا في ما ندر على لسان ما يسمى بوزير القائد محمد صالح العراقي أحد المقربين منه.
وفي بيان غير مألوف لكنه يشير على ما يبدو إلى أنه بات على هامش المشهد أو أنه اختار أن يكون على الهامش في انتظار إعادة ترتيب أوراقه أو التقاط حدث ما للعودة للشارع واستعادة زخم المبادرة. خاض الصدر اليوم الأحد في ما تشهده أوروبا والغرب من أزمات معتبرا أن ذلك من “أحكام السماء وسننها”.
وقال إن “تفاقم الأزمات في أوروبا كالوقود والأسعار والجفاف ووصولا إلى الحرب الروسية الأوكرانية هو بسبب تحدي السماء وأحكامها وسننها” محذرا في الوقت ذاته من انتشار “المثلية” في العالم العربي والإسلامي.
ويبدو أن الصدر عاد لارتداء عباءة الدين في خطاب يبتعد عن الشأن العراقي ولا يأتي على التطورات الأخيرة، بينما غرد “وزيره” العراقي بالنصح والتوجيه والانتقاد في تغريدة باردة أمس السبت كرر فيها ما سبق من انتقادات لخصوم التيار الصدري ومنتقدا جهود تشكيل ما سماه بـ”حكومة تبعية”.
ويعرف عن زعيم التيار الصدري تقلب مواقفه، فيما كان يسعى للتموقع سياسيا وأظهر بالفعل قدرة عالية على تحريك الشارع واثبات نفوذه والضغط على خصومه.ئئ لكن انكفاؤه سياسيا يطرح أكثر من سؤال أبرزها هل قبل بالهزيمة في مواجهة خصومه الموالين لإيران وبالتالي ركن للأمر الواقع وهو أن طهران رقم صعب في المعادلة السياسية العراقية وعليه سيعمل وفق هذه المعادلة أم أنه في لحظة التقاط أنفاس وتصيد للحظة المناسبة للعودة بقوة للمشهد السياسي أم أنه استبدل عباءة السياسة بعباءة الدين على أمل البقاء في المشهد واستعادة مكانته دينيا بعد أن نزع عنه اعتزال المرشد الروحي للتيار الصدري كاظم الحائري غطاء الشرعية.
الحراك السياسي الراهن لتشكيل الحكومة والخروج من الأزمة السياسية بعد عام من الجمود قد يحدد في قادم الأيام بوصلة الصدر وأي العباءتين سيختار عباءة الدين لتعزيز مكانته بعد أن خذله الحائري أم عباءة السياسية بعد أن خسر رهان خيارات وصفتها مصادر سياسية عراقية بـ”الخاطئة” ومن ضمنها سحب كتلته من البرلمان وإعلانه الانسحاب من الحياة السياسية.
وبالعودة إلى بيان الصدر الذي طغى عليه الجانب الديني في تفسيره أو قراءته للتطورات الجيوسياسية الدولية والإقليمية والتي تبتعد كثيرا عن شواغل العراقيين وهمومهم، يقول زعيم التيار الصدري “بعد أول اختبار لتطورهم وعلومهم وحضارتهم الغربية بل وما يسمّونه بالتكنولوجيا المتقدمة أثبتت الحقائق فشل كل ذلك أمام مخلوق لا يُرى بالعين المجردة (الفايروس) وبقيت ماكنتهم العلمية والعملية حائرة لا تقدّم ولا تؤخّر”.
وتابع “أثبت المخلوق الصغير قوّته وبسالته بانتشاره وسلالاته وانقساماته وهيمنته على أهم جهاز في جسم الإنسان (جهاز المناعة) واليوم أيضا أثبتت الحقائق لنا فشلا آخر، فقد كان الكثير من شبابنا على وجه الخصوص من الذين يركعون أمام التطور الخدمي في أوروبا ودولها العظمى وغير العظمى منها، لكن بانَ للجميع أنهم أوهن من بيت العنكبوت ومن أول احتكاك جدّي بسبب الحرب الروسية الأوكرانية”.
وأشار الصدر إلى أزمة نقص الوقود في أوروبا وعما قريب في الكهرباء إضافة إلى ارتفاع الأسعار من دون أن يستبعد أن تجتاحها فوضى كما اجتاحها الوباء والجفاف كما أنها على أبواب السقوط في أيدي اليمين المتطرف كما حدث في إيطاليا، مضيفا “فبانَ أنّ أوروبا لا تملك إلا القليل وما ديمقراطيتهم وحريتهم إلا لإسكات الأفواه التي قد لا تُغلق مستقبلا”.
وخلص إلى القول بأن ما يريد بيانه هو أن “عظمتهم تتهاوى مع كل ريح عاتية تأتيهم من هنا وهناك ولن ينفعها تقرّبها من أميركا”.
وعزا الصدر ما وصفه بـ”البلاءات” في أوروبا وإن كانت بسبب الحرب الأوكرانية، فإنها “نتاج تحدّي السماء وأحكامها وسننها”، مضيفا إن كل ذلك (الأزمات) جاء بعد التقنين العالمي للزواج المثلي المحرّم والممنوع شرعا وعقلا”.
وعبر عن مخاوفه من خضوع الدول العربية والإسلامية لذلك التقنين “بداية من كأس العالم في إمارة قطر ثم التوسّع تدريجيا”، محذرا من أن كل من سيذعن للغرب في هذا الشأن “لن ينجو من البلاء عاجلا أم آجلا”.
وبعد صمت طويل وابتعاد عن التغريد في تويتر في ما يهم الشأن العراقي أو توجيه أنصار التيار الصدري، عاد “وزير القائد” محمد صالح العراقي أمس السبت للتغريد بالنصح والتحذير وبمهاجمة خصوم التيار ومعلنا رفض الصدريين المشاركة في ما وصفها بحكومة تبعية وميليشاوية، محذرا على لسان الصدر من أن مشاركة أيا من منتسبي التيار في الحكومة تعني طرده.