هل يقف لبنان وإسرائيل على أعتاب حرب جديدة؟
في ظل الأجواء المشحونة بالتوترات المتصاعدة، تلوح في الأفق غيوم داكنة قد تحمل معها عاصفة عسكرية جديدة تهدد بإشعال جبهة لبنان. الحديث عن حرب ثالثة بين إسرائيل وحزب الله لم يعد مجرد تكهنات بل أصبح سيناريو محتمل الوقوع، مع تزايد الاستعدادات والمناورات العسكرية. فهل يمكن أن تكون هذه التحركات مقدمة لصراع شامل، أم أنها مجرد استعراض للقوة قد ينتهي بتهدئة الأوضاع؟
تصاعد التوترات العسكرية
المشهد في الشمال يتسم بالحذر والقلق، فرغم وجود تفاهمات غير معلنة تهدف إلى كبح جماح النزاعات، إلا أن الأحداث الأخيرة تنذر بتغيير قواعد اللعبة.
مسيرات حزب الله التي تخترق الأجواء الإسرائيلية تعد تحديًا صريحًا للقبة الحديدية. وتضع الجيش الإسرائيلي في موقف يتطلب الرد.
وقد كان الرد قاسيًا، حيث تعرضت مواقع في لبنان لقصف إسرائيلي. مما يرفع من حدة التوترات، ويزيد من احتمالية الانزلاق نحو مواجهة أكبر.
الجيش الإسرائيلي أعلن عن تدريبات تحاكي حربًا شاملة. تشارك فيها القيادات العليا وتشمل مناورات برية وجوية تعكس الجدية في الاستعداد لكافة الاحتمالات.
حزب الله، بتصعيده المستمر للهجمات، يضع إسرائيل في حالة تأهب دائم. التقارير تشير إلى زيادة كبيرة في عدد الهجمات، وتنوعها بين القذائف والطائرات المسيرة. مما يعكس استراتيجية جديدة قد تغير موازين القوى في المنطقة.
الاستعدادات الإسرائيلية الإقليمية
من جانبهم يرى مراقبون، أن الاستراتيجية الإسرائيلية تتجاوز حدود الجبهة اللبنانية. متشابكةً بشكل معقد مع الأمن الإقليمي بأسره، فالتدريبات العسكرية الإسرائيلية. لا تُظهر فقط استعدادًا للتصدي لأي تحركات محتملة من جانب حزب الله. بل تُعد أيضًا لاحتمالية تدخل قوى إقليمية أخرى قد تُسهم في توسيع رقعة النزاع.
هذا التوسع يُمكن أن يشمل جهات فاعلة مثل الحوثيين في اليمن. والميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق، والتي قد تُقدم على خطوات تصعيدية تُعقد الموقف أكثر.
وأوضح المراقبون، أن هذه التدريبات تُعد بمثابة تمرين على سيناريوهات متعددة. تتراوح بين الدفاع السلبي والهجوم الاستباقي، مع التركيز على السرعة والمرونة في الاستجابة للتهديدات المتغيرة.
وتُظهر الاستعدادات الإسرائيلية للتعامل مع تحديات متعددة الجوانب. بما في ذلك الهجمات السيبرانية، والحرب النفسية، والعمليات الخاصة. مما يُعزز من قدرتها على الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.
في هذا السياق، تُعتبر الجبهة اللبنانية نقطة انطلاق لتقييم أوسع للتهديدات الإقليمية. حيث تُعد إسرائيل نفسها للتعامل مع مجموعة متنوعة من السيناريوهات العسكرية التي قد تنشأ في أي لحظة.
وتُشير هذه الاستعدادات إلى تقدير عميق للتعقيدات الجيوسياسية التي تُحيط بإسرائيل. وتُظهر الجهود المبذولة لضمان استعدادها للتعامل مع كافة الاحتمالات. مما “يُعقد من مسار الصراع المحتمل ويُعزز من موقفها الاستراتيجي في المنطقة.”
التداعيات المحتملة
المؤشرات كلها تدل على أن إسرائيل تستعد لمواجهة قد تكون حاسمة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت هذه التحضيرات ستؤدي فعلًا إلى حرب. أم أنها ستكون مجرد عامل ردع يحول دون وقوعها؟. وفي كل الأحوال، يبقى الأمل معلقًا على إمكانية تجنب صراع قد يجر المنطقة إلى دوامة جديدة من العنف والدمار.
ختامًا، يبدو أن الشرق الأوسط على موعد مع تطورات قد تغير ملامح المنطقة بشكل جذري. وبينما تتأهب القوات وتتجهز الأسلحة، يظل السلام هو الغاية التي يأمل الجميع في الوصول إليها. رغم كل التحديات والصعوبات.
متخذي القرار في طهران
يقول المحلل السياسي اللبناني محمد الرز: إن الجهود الدولية التي تطالب لبنان بضبط النفس لا تفلح لسبب شديد الوضوح، وهو أن متخذي قرار التصعيد هناك في طهران. مضيفًا أن بيروت لا تملك وقف التصعيد نهائيًا.
وأضاف الرز حزب الله قرر شن حربًا على الشمال الإسرائيلي رافعًا شعارات مساندة قطاع غزة ولتخفيف عنه، ولم ينجح في ذلك. خاصة أن الآلة الحربية الإسرائيلية الغاشمة لا تزال تدك غزة بالكامل.
وتابع المحلل السياسي اللبناني، إسرائيل تسعى لحماية مستوطناتها الحدودية في الشمال خاصة أن صواريخ حزب الله تهددها بالكامل، محذرًا من استمرار التصعيد .الذي سيجر لبنان لحرب مفتوحة في ظل الظروف شديدة الصعوبة التي يعيشها لبنان.
وأكد الرز، أن لبنان يواجه تحديات داخلية وخارجية معقدة. مضيفًا، التصعيد الأخير يضع البلاد في موقف صعب، حيث إن أي حرب قادمة قد تؤدي إلى تدمير ما تبقى من البنية التحتية والاقتصاد. من الضروري أن تعمل القوى السياسية اللبنانية على تعزيز الوحدة الوطنية والبحث عن حلول دبلوماسية لتجنب الكارثة.”
*إسرائيل لا ترغب في حرب مفتوحة*
في تحليله للمشهد السياسي الراهن، يعتقد المحلل السياسي اللبناني. فادي عاكوم، أن المرحلة المقبلة قد تشهد تصعيدًا مؤقتًا يستقر تدريجيًا نحو هدنة واتفاق لوقف إطلاق النار. وذلك في ظل الضغوط الدولية المتزايدة.
يقول عاكوم، أعتقد أن القوى الغربية ستلعب دورًا حاسمًا في منع إسرائيل من فتح جبهة جديدة مع حزب الله، خصوصًا بعد التوترات الأخيرة في قطاع غزة. ويُضيف أن هذا الوضع قد يفسح المجال أمام قبول مبادرة الهدنة التي يُقال إنها مقترحة من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن.
-
جعجع لحزب الله: «قتاله ضد إسرائيل أضر لبنان»
-
إسرائيل تغتال قائدين بارزين في الجماعة الإسلامية اللبنانية
يُشير عاكوم، إلى أن أي تهدئة في قطاع غزة من شأنها أن تنعكس إيجابًا على الوضع في لبنان. ولكنه لا يستبعد تصاعد المواجهات إذا ما استمرت الأعمال العدائية. خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية.
ويُعلق “عاكوم”، على الوضع الداخلي الإسرائيلي. مُشيرًا إلى حالة من الارتباك بعد دعوات وزير الدفاع “بيني غانتس”، لإعادة الاستقرار في الشمال، سواء عبر الوسائل العسكرية أو الدبلوماسية. ويُلمح إلى تسريبات تُفيد بأن الجيش الإسرائيلي.ليس لديه الرغبة في الدخول في حرب مفتوحة مع حزب الله.