2022.. عام المحاكمات المفتوحة تلاحق إخوان تونس
عاشت تونس خلال سنة 2022 على وقع محاكمات قضائية لكل يد عبثت بالدولة التونسية. وعلى رأسها يد تنظيم الإخوان الإرهابي ممثلا في حركة النهضة.
وكانت 2022 الذي بقي منه ساعات فقط السنة الأصعب على هذا تنظيم الإخوان الذي حاول اختطاف تونس منذ سنة 2011.
ظهرت خلال هذه السنة مؤشرات عن انطلاق المحاسبة القانونية للمتورطين في الجرائم السياسية والمالية والأمنية مع بعض البطء باعتبار تكاثف الأدلة والتهم والقرائن التي تتطلب الكثير من الوقت.
وخلال هذه السنة، سيق زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي إلى القضاء مرارا وتكرارا في مشهد رآه مراقبون مؤشر على أن القضاء التونسي يسير في الطريق الصحيح.
ويواجه الغنوشي اتهامات في جملة من الدعاوى متعلقة بغسيل أموال وتلقي تمويلات أجنبية لحزبه والتورط في ملف الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب.
ملف الاغتيالات
عادت قضية الجهاز السري لتنظيم الإخوان إلى واجهة الأحداث في تونس بعد الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيّد في 25 يوليو 2021.
وقرّر القضاء التونسي، في 23 يناير الماضي ، فتح تحقيق في الجهاز السري لحركة النهضة المتهم بالتورط. في اغتيال المعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام 2013، وفي ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة.
وأذنت وزيرة العدل ليلى جفّال، بفتح ما يلزم من تتبعات بخصوص ما عرف بـ”الجهاز السري” لحركة النهضة الإخوانية.
وتقدم بالدعوى فريق الدفاع في قضيتي شكري بلعيد ومحمد البراهمي. ضد عدد من الأشخاص من أجل جرائم تتعلق بأمن الدولة.
ووجه القضاء التونسي تهمة الإرهاب والانتماء لتنظيم ارهابي لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي و32 شخصية أخرى.
وفي 27 مايو/أيار 2022، قرّر القضاء التونسي حظر السفر على 34 متهما في قضية تتعلق باغتيال معارضَين سياسيَين، وشمل الإجراء رئيس حزب النهضة.
تفجرت قضية الجهاز السري للنهضة منذ شهر أكتوبر عام 2018، عندما كشف فريق هيئة الدفاع عن ملف اغتيال البراهمي وبلعيد. وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك النهضة لجهاز سري أمني مواز للدولة، متورط في اغتيال المعارضين، وفي ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الحزب.
قضية التخابر “انستالينغو “
تلاحق راشد الغنوشي وحركته ،أيضا اتهامات بالتخابر والاعتداء على أمن الدولة في قضية شهيرة تدعى “أنستالينغو”.
“أنستالينغو“ هي شركة متخصصة في إنتاج وتطوير المحتوى الرقمي. ومتهمة بالسعي للتلاعب بالرأي العام وزعزعة الأمن القومي لصالح حركة النهضة.
وتعود أحداث القضية إلى أكتوبر 2021، بإيقاف عدد من موظفيها بتهم بينها “ارتكاب أمر جسيم ضد رئيس الدولة التونسية”، والتآمر ضد أمن الدولة الداخلي والقيام بأعمال الجسوسية.
وشملت التحقيقات عددا من الصحفيين والمدوّنين وأصحاب أعمال حرة وسياسيين. بينهم رئيس حركة النهضة ورئيس مجلس النواب المنحل راشد الغنوشي، وابنته، وصهره رفيق عبد السلام والعروي .
التُهم الموجّهة للموقوفين وللمشتبه بهم أبرزها، ارتكاب جرائم تتعلّق بغسل الأموال بالتوافق بينهم، واستغلال التسهيلات التي منحتها السلطات الوظيفية للمتهمين, ونشاطهم المهني والاجتماعي، والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة التونسية، وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي، وارتكاب أمر موحش ضدّ رئيس البلاد قيس سعيد وغيرها من الاتهامات.
ولدى مداهمة مقر الشركة، تم التحفظ على 23 وحدة مركزية تتكوّن من حواسيب وأدوات تسجيل وأدوات تكنولوجيا عالية الجودة.
وعلى إثر عرضها على المعامل الجنائية، تم إيقاف 7 أشخاص يعملون بالشركة بتهمة الاشتباه في تلقيهم أموالاً مشبوهة من دولتين أجنبيتين. بهدف الاعتداء على أمن الدولة والإساءة إلى الغير عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
كما تقرّر سجن مدير المخابرات التونسي السابق لزهر لونقو ورئيس تحرير الصحيفة الإلكترونية الإخوانية ” الشاهد” لطفي الحيدوري والمتحدث الرسمي الأسبق باسم وزارة الداخلية محمد علي العروي.
كما تم حبس المدون سليم الجبالي والملحق السابق برئاسة الحكومة أشرف بربوش والقيادي بحركة النهضة عادل الدعداع والناشط السياسي البشير اليوسفي وأمنية معزولة ومتهمين اثنين آخرين وذلك على ذمة القضية المتعلقة بشركة ‘ أنستالينغو ‘.
وصرح زياد القاسمي، أستاذ القانون التونسي، إن العقوبة الموجهة لراشد الغنوشي وجماعته المتورطة في قضية ” أنستالينغو” تصل حد الإعدام كما وردت في الفصل 72 من قانون العقوبات (المجلة الجزائية)
وتابع أن القانون ينص على معاقبة مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل تركيبة الدولة أو حمل السكان. على مهاجمة بعضهم بعضاً بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وارتكاب أمر موحش جسيم ضد رئيس الدولة والاعتداء على أمن الدولة الخارجي ومحاولة المساس بالتراب التونسي.
تسفير الارهابيين الى بؤر التوتر
فتح القضاء التونسي خلال 2022 من جديد ملفات قضايا تسفير الشباب إلى بؤر التوتر والإرهاب خلال عامي 2012 و2013.
واتهم راشد الغنوشي بتورطه في قضية التسفير حيث قررت النيابة العامة إحالة الغنوشي على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، وقد تم إطلاق سراحه وبقائه على ذمة التحقيق.
كما طالت تحقيقات هذه القضية، الموسعة مسؤولين أمنيين ووزراء سابقين ورجال أعمال وسياسيين مقربين من حركة النهضة الإخوانية.
وقد اعتقلت السلطات التونسية، في إطار قضية تسفير الإرهابيين إلى بؤر النزاع. الكثير من الأسماء الإخوانية البارزة، مثل فتحي البلدي وعبدالكريم العبيدي، وفتحي بوصيدة، والنواب التابعين للإخوان محمد فريخة، ورضا الجوادي، ومحمد العفاس، إضافة إلى البشير بلحسن (إمام).
وشملت قائمة المتهمين أكثر من 100 شخص تورطوا في تسفير الشباب للقتال ضمن المجموعات الإرهابية في سوريا.
وكانت التحقيقات في الملف الإرهابي قد انطلقت على خلفيه شكوى تقدمت بها النائبة السابقة بالبرلمان، عضوة لجنة التحقيق في شبكات التسفير، فاطمة المسدي، منذ ديسمبر من العام الماضي.
وقال القيادي الحزبي التونسي محمد علي البوغديري إن هناك إشكالا في القضاء التونسي. بالرغم من أنه لدينا قضاة شرفاء ومحامون أكفاء لكن هناك جزءا أصبح يحسب على أشخاص معينة.
وقال إن الرئيس التونسي قيس سعيد يسعى إلى تطهير البلاد من الفساد والمجرمين.
وتابع: “نحن مع المحاسبة القضائية ومع قضاء عادل وناجز ونريد أن يتعافى القضاء ليقود مسار المحاسبة”.
مضيفا: “فمن اقترفت يداه جرما فيجب أن يحاسب كي لا يتواصل مسلسل الإفلات من العقاب لكن أوصي بأن تكون المحاسبة على أسس قانونية واستنادا لملفات وجرائم حقيقية ثابتة.”
يرى عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي التونسي بدوره أن محاسبة المتورطين من نواب حركة النهضة أصبحت مطلبا شعبيا. وعلى رأسهم راشد الغنوشي بعد استخدامه الدولة وأجهزتها لخدمة مشروع الإخوان في المنطقة .
وأكد العدواني أن نهاية النهضة وجماعة الاخوان الإرهابية، وعلى رأسهم الغنوشى، تم حسمها من خلال التصديق على الدستور الجديد. الذى سحب من البرلمان، والأحزاب السياسية جميع الصلاحيات التنفيذية، التى أصبح معظمها بيد رئيس الجمهورية.