سياسة

3 أمور توتر العلاقات بين بايدن ونتنياهو


انتقلت العلاقة الوطيدة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بداية الحرب على غزة إلى مربع التوتر، فما السبب؟.

وكان بايدن أول رئيس غربي يزور إسرائيل بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث أعلن دعمه الكامل لحكومة بنيامين نتنياهو وحرك رياح الدعم الأمريكي بالسلاح والمال باتجاه تل أبيب.

الأكثر من ذلك، كان بايدن يتحدث كل يومين هاتفيا مع نتنياهو، دون توقف زيارات الدعم لكبار المسؤولين الأمريكيين إلى إسرائيل.

ولكن الارتفاع الكبير في أعداد القتلى المدنيين الفلسطينيين في الغارات الإسرائيلية التي أسماها بايدن “عشوائية” على غزة، أدى إلى تراجع في زخم هذه العلاقات.

ومع نهاية العام الماضي، بدأت الخلافات تظهر أكثر فأكثر  ما بين بايدن ونتنياهو إلى أن بدأت وسائل إعلام أمريكية، خلال الأسبوعين الماضيين، بنقل تهجم بايدن شخصيا على نتنياهو في اجتماعات مغلقة بما في ذلك استخدام عبارات نابية.

وثمة 3 تطورات أدت إلى هذا التراجع في العلاقات ما بين الرجلين الذين عادة ما كانت العلاقات بينهما فاترة ويتخللها الكثير من الأزمات.

فالرئيس الأمريكي يريد أفقا سياسيا على أساس حل الدولتين ويريد خفض وتيرة الحرب الإسرائيلية على غزة ووقف مساعي إسرائيل لانهيار السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية.

ولكن نتنياهو لا يرد إيجابا على أي من المطالب الأمريكية رغم استمرار الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لإسرائيل.

وتقول وسائل إعلام أمريكية إن بايدن بات يدفع ثمنا سياسيا لدعمه المطلق لنتنياهو وهو ما يتضح من استطلاعات الرأي العام الأمريكي للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وتشير وسائل الإعلام إلى أن بايدن يريد على الأقل أن يضمن دعم أطراف واسعة في الحزب الديمقراطي لا تؤيد الدعم الأمريكي لإسرائيل في الحرب على غزة.

ويحاول بايدن إصلاح هذا الأمر من خلال التصريحات العلنية إضافة إلى الضغوط في الغرف المغلقة والتي يفضل عدم خروجها إلى العلن.

وفي هذا الصدد، قال بايدن في مؤتمر صحفي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بالبيت الأبيض، الليلة الماضية “لقد عانى الشعب الفلسطيني أيضا من آلام وخسائر لا يمكن تصورها في الأشهر الأربعة الماضية بينما كانت الحرب مستعرة، وشكل المدنيون والأطفال الأبرياء نسبة كبيرة جدا ممن قتلوا في هذا الصراع والذين يزيد عددهم على 27 ألف فلسطيني، ويشتمل هذا العدد على آلاف الأطفال، ولا يستطيع مئات الآلاف الحصول على الغذاء أو الماء أو الخدمات الأساسية الأخرى”.

وأضاف أنه “لم يفقد العديد من العائلات شخصًا واحدًا فحسب، بل العديد من أقاربهم ولا يسعهم الحداد عليهم أو حتى دفنهم بسبب انعدام الأمن.. إنه لأمر مفجع”.

وتابع الرئيس الأمريكي: “كل حياة بريئة تزهق في غزة هي مأساة، تماما كما أن كل حياة بريئة تزهق في إسرائيل تشكل مأساة هي الأخرى.. ونحن نصلي من أجل تلك الأرواح التي أزهقت من بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء ومن أجل الأسر المكلومة التي تخلفها وراءها”.

انتقادات الكونغرس

الأكثر من ذلك، تتصاعد الانتقادات ضد دعم بايدن، لنتنياهو في مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين. إذ قال السيناتور كريس فان هولين: “بكل المقاييس، تحول الوضع في غزة من كابوس إلى جحيم خالص”.

وأضاف هولين في تصريحات له، مساء أمس الإثنين: “أنا الآن في قاعة مجلس الشيوخ لمناقشة الحاجة الملحة لإدارة بايدن لمحاسبة حكومة نتنياهو وإيصال المساعدات الإنسانية الحيوية إلى غزة”.

أما النائب بيرني ساندرز فقال، اليوم الثلاثاء: ” لا ينبغي لأحد في الكونغرس أن يصوت لإرسال 10 مليارات دولار من المساعدات العسكرية لآلة نتنياهو الحربية عندما تكون مسؤولة عن كارثة إنسانية غير مسبوقة”.

وأضاف: “مراراً وتكراراً، أسمع الرئيس وأعضاء الكونغرس يعبرون عن قلقهم العميق بشأن نتنياهو والكارثة الإنسانية التي تسبب فيها في غز،. فلماذا يؤيدون منح نتنياهو 10 مليارات دولار أخرى لمواصلة حربه ضد الشعب الفلسطيني؟”.

وتابع ساندرز: “يمنح مشروع القانون نتنياهو 10 مليارات دولار إضافية في صورة مساعدات عسكرية غير مقيدة لحربه المروعة ضد الشعب الفلسطيني. وهذا أمر غير معقول.. سأصوت بـ “لا” على المقطع النهائي”.

مفاوضات القاهرة

وأرسل بايدن رئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الثلاثاء، للمشاركة في اجتماع تحضره إسرائيل ومصر وقطر بهدف التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسر ووقف مؤقت لإطلاق النار في غزة.

وبعد تردد، وافق نتنياهو على إرسال وفد برئاسة رئيس “الموساد” ديفيد بارنياع إلى الاجتماع، ولكن موقع “واللا” الإخباري الإسرائيلي نقل عن مسؤول إسرائيلي قوله “نذهب إلى هناك لنستمع”.

وقال موقع “اكسيوس” الإخباري الأمريكي: “اعترف المسؤولون الأمريكيون بأن صفقة الرهائن هي الطريقة الوحيدة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والذي أصبح أيضًا مهمًا بشكل متزايد وعاجلًا بالنسبة لبايدن محليًا، حيث لا يزال يفقد الدعم – خاصة بين الناخبين الشباب – مع استمرار الحرب وارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين في غزة”.

ودافع بايدن عن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة، وقال في مؤتمره الصحفي مع ملك الأردن: “هي صفقة من شأنها أن تحقق فترة هدوء فورية ومستدامة في غزة لمدة 6 أسابيع على الأقل، ويمكننا بعد ذلك تخصيص الوقت للبناء على ترتيب أكثر ديمومة”.

وأضاف: “العناصر الأساسية للصفقة مطروحة على الطاولة، وقد شجعت قادة إسرائيل على مواصلة العمل لتحقيقها على الرغم من الفجوات التي لا تزال قائمة، وستبذل الولايات المتحدة قصارى جهودها لتحقيق ذلك”.

العملية العسكرية في رفح

ويأتي ذلك على وقع إعلان نتنياهو إنه طلب من الجيش الإسرائيلي إعداد خطة من عنصرين لإخلاء المدنيين من رفح وملاحقة عناصر حركة حماس.

وأعرب بايدن في اتصال هاتفي مع نتنياهو، الأحد الماضي، عن القلق من العملية الإسرائيلية في رفح وطلب عدم تنفيذها ما لم تتضمن خطة لإخلاء المدنيين.

وقال بايدن في مؤتمره الصحفي مع العاهل الأردني: “لا ينبغي أن تستمر العملية العسكرية الكبرى في رفح بدون خطة ذات مصداقية تضمن سلامة أكثر من مليون شخص لجأوا إلى هناك.. لقد نزح العديد من الأشخاص إلى هناك ونزحوا عدة مرات، بعد أن فروا من العنف في الشمال ليصبحوا الآن مكدسين في رفح ومكشوفين ومعرضين للخطر.. إنهم بحاجة إلى الحماية”.

وأضاف الرئيس الأمريكي “كنا أيضا واضحين منذ البداية لناحية رفضنا لأي تهجير قسري للفلسطينيين إلى خارج غزة”.

تصريح بايدن عن التهجير القسري جاء مع تزايد الدعوات في إسرائيل لتهجير الفلسطينيين “طوعا” من غزة.

وزاد إعلان نتنياهو عن العملية في رفح من مخاوف مصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من تهجير الفلسطينيين من غزة.

فتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 1.5 مليون فلسطيني في رفح سيكون من الصعب نقلهم إلى أي مكان في ظل إحكام الجيش الإسرائيلي قبضته على شمالي قطاع غزة ووسطه ورفض إسرائيل عودة السكان إلى ما تبقى من مساكنهم في شمالي القطاع.

تلويح بالاعتراف بدولة فلسطينية

كما أن الولايات المتحدة باتت تلوح بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أو على الأقل عدم استخدام حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن الدولي ضد طلب فلسطيني للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

التلويح الأمريكي جاء بعد إعلان نتنياهو وكبار المسؤولين في حكومته وحزبه “الليكود” رفضهم لقيام دولة فلسطينية في إطار حل الدولتين.

ويريد بايدن اتفاقا سياسيا كبيرا في المنطقة يتضمن قيام دولة فلسطينية.

وقال بايدن: “نحن نعمل في الوقت ذاته على تهيئة الظروف لسلام دائم، وتحدثنا كثيرا عن هذا الموضوع أثناء الاجتماع (مع ملك الأردن)، مع الإشارة إلى ضمان هذا السلام لأمن إسرائيل وتحقيقه تطلعات الفلسطينيين إلى إقامة دولة لهم”.

وتابع “هذا هو رأيي كوني مؤيد طويل الأمد لإسرائيل.. هذا هو المسار الوحيد الذي يضمن أمن إسرائيل على المدى الطويل. ويجب أن يغتنم الفلسطينيون أيضا الفرصة لتحقيق ذلك”.

وأضاف بايدن: “سنواصل العمل معا لاستكمال ما بدأناه ودمج المنطقة وإحلال السلام بين إسرائيل وكافة جيرانها العرب، بما في ذلك الدولة الفلسطينية. لقد كانت هذه الجهود تجري على قدم وساق قبل هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصار الأمر أكثر إلحاحا اليوم”.

وكان نتنياهو قد رفض مطالب بايدن لمنع انهيار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية. فحتى الآن، وبحجة معارضة وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، ترفض إسرائيل تحويل أموال الضرائب إلى السلطة الفلسطينية ما يجعلها غير غادرة على دفع رواتب موظفيها.

كما تستمر الاقتحامات من قبل الجيش الإسرائيلي للمدن والبلدات الفلسطينية بالضفة الغربية ما يقوض ثقة المواطنين الفلسطينيين بقدرة السلطة الفلسطينية على حمايتهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى