الشرق الأوسط

لبنان يتمسك بسيادته: تعديلات حاسمة على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار


في ظل أجواء مشحونة بالتوتر والترقب، يسعى لبنان إلى فرض تعديلات جوهرية على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار بينه وبين إسرائيل. 

تأتي هذه التعديلات لضمان حماية سيادته وسرعة انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان، وسط تباين واضح في المواقف بين الطرفين. 

انسحاب فوري

كشف مسؤول لبناني رفيع المستوى، اليوم الخميس، أن بيروت تسعى لتعديل المقترح الأميركي الذي يقوده مبعوث الرئاسة الأميركية، آموس هوكستين، من أجل إنهاء القتال الدائر بين إسرائيل وحزب الله

وأوضح المسؤول، الذي تحدث لـ”رويترز”، أن لبنان يصر على انسحاب فوري للقوات الإسرائيلية فور إعلان وقف إطلاق النار، في خطوة تهدف إلى إعادة الجيش اللبناني إلى المناطق الحدودية، والسماح للنازحين بالعودة سريعًا إلى ديارهم. 

وفقًا للتصريحات اللبنانية، يرفض المسؤولون تأخير الانسحاب الإسرائيلي الذي يقترح تنفيذه خلال 60 يومًا من إعلان الهدنة، وفقًا لـ”رويترز”.

وأكد المسؤول، أن لبنان يطالب بأن يكون الانسحاب فورياً لتجنب أي فراغ أمني في الجنوب، ما يعزز قدرة الجيش اللبناني على الانتشار السريع وتهيئة الظروف لعودة الأهالي الذين أجبروا على النزوح. 

وأضاف المسؤول، أن صياغة المقترح الأميركي تتضمن الانسحاب من “حدود لبنانية”، وهو ما يثير قلق الجانب اللبناني.

حيث يطالب المسؤولون باستخدام صيغة “الحدود اللبنانية” بشكل صريح، لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية من جميع النقاط الحدودية دون استثناء، ومنع أي محاولة لتفسير النص بما يخدم مصالح إسرائيل.

معادلة لبنانية جديدة

في سياق متصل، شدد لبنان على ضرورة إدخال بند يضمن لكلا الطرفين “الحق في الدفاع عن النفس”، من دون السماح لإسرائيل باستخدام هذا الحق كذريعة لمواصلة استهداف حزب الله أو المناطق اللبنانية.

يأتي ذلك وسط تقارير تشير، أن المسودة الحالية تخلو من أي ضمانات تمنع إسرائيل من انتهاك السيادة اللبنانية أو شن هجمات مستقبلية ضد حزب الله، وهو ما يرفضه لبنان بشكل قاطع.

وصرّح المسؤول، بأن الجانب اللبناني يعتبر أن مثل هذه البنود ضرورية للحفاظ على سيادته ولضمان التزام الأطراف بوقف إطلاق النار بشكل دائم، معربًا عن رفضه لأي شروط قد تمنح إسرائيل مبررًا لمواصلة أعمالها العسكرية. 

التعديلات اللبنانية 

من جهة أخرى، يرى مراقبون، أن التعديلات التي يطالب بها لبنان قد تؤدي إلى إبطاء عملية إبرام الاتفاق الذي يسعى الوسيط الأميركي لإنجازه خلال الأشهر المتبقية لإدارة الرئيس جو بايدن.

وكان آموس هوكستين قد صرح أثناء زيارته إلى بيروت، الثلاثاء الماضي، بأن الاتفاق “في متناول اليد”، إلا أن التطورات الأخيرة قد تعني أن الطريق أمامه ما زال مليئًا بالعقبات. 

في المقابل، تصر إسرائيل على ضرورة وجود ضمانات تمنع حزب الله من إعادة تعزيز مواقعه العسكرية جنوب نهر الليطاني، وتحديدًا بالقرب من الحدود مع إسرائيل.

وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، الأربعاء، أن إسرائيل لن تسمح بعودة حزب الله إلى المناطق الحدودية أو إدخال صواريخ وذخائر عن طريق البر أو البحر، مشيرًا أن هذا الملف يمثل “خطًا أحمر” بالنسبة لتل أبيب. 

موقف دولي مترقب 

في ظل هذه المواقف المتناقضة، تراقب الأطراف الدولية عن كثب المفاوضات الجارية، وسط دعوات للمجتمع الدولي للضغط على الجانبين من أجل إنهاء التصعيد العسكري. 

من جانبه، يقول د. طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن التعديلات اللبنانية تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على سيادة الدول وحماية حدودها، بينما تشدد المطالب الإسرائيلية على الاعتبارات الأمنية. 

وأضاف فهمي أن الوضع الراهن يعكس صراعًا معقدًا بين الحقوق الوطنية والمخاوف الأمنية، مشيرًا أن استمرار هذا التصعيد قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة ككل. 

وأكد أن المجتمع الدولي، خصوصًا الدول الكبرى، يجب أن يتحمل مسؤولية أكبر في تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية، والعمل على تهدئة التوترات من خلال حلول دبلوماسية بدلاً من التصعيد العسكري. 

وأوضح فهمي، أن التصعيد الحالي ليس مجرد أزمة حدودية بل يشمل أبعادًا سياسية وأمنية واقتصادية تؤثر على مستقبل المنطقة برمتها. وأشار إلى أن تأثير النزاع يمتد ليشمل السكان المدنيين الذين يعانون من تداعيات الحصار والتوترات المستمرة، مما يستدعي وضع أولوية للملف الإنساني في أي محادثات قادمة.
 
وختم أستاذ العلوم السياسية، بالتأكيد على أن التوازن بين ضمان السيادة الوطنية وتلبية المتطلبات الأمنية للأطراف المختلفة هو المفتاح الأساسي للتوصل إلى حل مستدام، مشددًا على ضرورة وجود ضمانات دولية لنجاح أي اتفاق مستقبلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى