تقرير جديد يتوقع بروز قوى اقتصادية جديدة وانحسار النفوذ الاقتصادي للقوى التقليدية، وكذا اندلاع الثورة التكنولوجية الحيوية الرقمية الأولى وتأثيرها على حصص الدول في اقتصاد العالم، إلى جانب تقويض مؤسسات النظام الدولي القائمة وبروز مبادرة لصياغة نظام دولي جديد.
وقد أشار التقرير، تحت عنوان العالم في 2030.. اتجاهات وتحولات وفرص وتحديات، الذي صدر عن المنتدى الاستراتيجي العربي، إلى حدوث تحول طويل المدى في مركز الثقل الاقتصادي عالمياً.
تحوّل مركز الثِقَل الاقتصادي
ومن جانبه، فقد قال التقرير بأن اقتصاد جمهورية الصين الشعبية يعتبر أكبر اقتصاد في العالم من ناحية تعادل القوة الشرائية، حيث إذا ما استمرت الاتجاهات الحالية، يمكن أن يتجاوز اقتصادها الولايات المتحدة على أساس أسعار الصرف الحقيقية في غضون 10 سنوات.
ووفق تقديرات المؤسسة الاستشارية العالمية برايس ووترهاوس كوبرز (PWC)، وبحلول عام 2050 فقد تشكّل الصين وحدها 20% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما ستشكل الهند 15% منه، والولايات المتحدة 12%، والاتحاد الأوروبي، إذا ما ظل متماسكاً، 9%.
ويشهد اقتصاد العالم، بعد مرور 6 سنوات على نهاية الأزمة الاقتصادية العالمية في 2014، نمواً بنسبة 3% في عام 2019، وهذا أدنى مستوى له منذ اندلاع الأزمة.
نهاية هيمنة الدولار
كما قد أوضح التقرير بأنه على الرغم من الانتعاش الواضح لأسواق رأس المال، تكشف المديونية الحكومية والمؤسسية المفرطة، مقرونة بأسعار الفائدة المتدنية والسلبية، وتباطؤ أنشطة الصناعة التحويلية والتجارة العالمية، وارتفاع الرسوم الجمركية وحالة عدم اليقين في السياسات، وتباطؤ وتيرة الاستثمار، عن مكامن ضعف على امتداد منظومة العالم الاقتصادية، ما ينذر بفترات ركود أو كساد عالمي يعطل اقتصاد العالم في غضون أعوام قليلة.
كما يرى التقرير بأن مؤشرات التحول ستؤدي لتقلُّص الأهمية النسبية لمجموعة الدول الصناعية السبع G7 بصفتها هيئة مسؤولة عن وضع معايير الاقتصاد العالمي، ويمكنها أن تؤدي لضعف المكانة المركزية للدولار الأمريكي بصفته عملة احتياطية دولية.
وأضاف أيضا التقرير، بأن ذلك قد يؤدي إلى اعتماد سلّة عملات احتياطية تضم الدولار الأمريكي واليورو والين واليوان والجنيه الإسترليني، وفعلا تُشكل هذه العملات في الوقت الراهن سلّة عملات حقوق السحب الخاصة (SDR) في صندوق النقد الدولي.
وقد ذكر التقرير أيضا بأن التوترات الحاصلة بين الصين والولايات المتحدة، في مضمار التجارة والتقنية، ستؤثر مباشرةً على نمو اقتصاد الصين بشكل أكبر من الولايات المتحدة، فالصادرات تُشكّل قرابة 20% من الناتج المحلي الإجمالي للصين، مقارنةً بنسبة 12% لا أكثر من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة.
أما على الصعيد الإقليمي، فإن التقرير يتوقع أن تُحدث مشاريع مبادرة الحزام والطريق الصينية تغييرات واسعة في الساحة الإقليمية الأوسع نطاقاً وستنخرط بكين وواشنطن فيما يشبه عطاءات تنافسية في المعايير التجارية والتقنية، وقد تُخيَّر الدول الإقليمية بين هذا وذاك.
تقويض النظام الدولي
ويذكر أيضا التقرير بأن النظام الدولي القائم ومؤسساته الأساسية، المتمثلة في الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ستتعَّرض للضغوط طوال العقد المقبل.
كما توقع أيضا التقرير بأن يشهد العالم ضعف سلطة منظمة التجارة العالمية وتعطل التجارة وسلاسل القيمة العالمية للصناعات التحويلية، وهذه التوترات تجعل مبادرة حوار UN@75 and Beyond لها أهمية حاسمة، إذ أنها ستتيح للدول الصغرى والجهات الفاعلة من غير الحكومات، فرصة ممارسة تأثير بنّاء في إعادة تشكيل النظام الدولي. كما ستُفضي الحوارات والمناقشات التي تتيحها المبادرة إلى حدوث تغييرات مؤسسية من شأنها تحقيق تحوُّل ملموس في أركان الهيكلية العالمية ونظم التفاعل فيما بين الدول والجهات الفاعلة المألوفة من غير الحكومات.
وتقوم الدول المسؤولة بمنطقة الخليج بالانخراط بشكل نشيط مع جيرانها والقوى الكبرى ذات المصالح الإقليمية بغيّة تسوية النزاعات وإيجاد هيكلية أمنية واقتصادية إقليمية مرنة تحترم الحدود الوطنية وتحفز التعاون الاقتصادي بين بلدان المنطقة.
وقد ذكر كذلك التقرير بأن دولة الإمارات ستعمل جنباً إلى جنب مع أبرز الدول الإقليمية والأمم المتحدة للإسهام في صَوْغ النظام الدولي الناشئ الملائم للعقود المقبلة. موضحا بأن اقتصاد إيران سيواجه ضغوطاً شديدة بسبب العقوبات الأمريكية.