اخترنا لكم

قمة الرياض ومستقبل المجلس


أسبوع حافل مر على مجلس التعاون الخليجي. وذلك انطلاقاً من جولة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي، في عواصم الخليج العربي كافة، حتى انعقاد قمة مجلس التعاون في الرياض، لتعزز اللحمة الخليجية بعد قمة العُلا العام الفائت.

ومن بين التصريحات التي أدلى بها القادة كان تصريح نائب رئيس الوزراء العماني، فهد بن محمود آل سعيد، كشهادة عما حدث بين أروقة المجلس، حيث كشف عن التآلف والرغبة في الانتقال بمجلس التعاون إلى أفق أرحب حين قال: “مجلس التعاون لم يشهد منذ سنوات هذا التعاون وهذه الرغبة الصادقة من الجميع في العمل الجاد من أجل خدمة دول الخليج وشعوبه”.

فما الذي كان يعنيه بهذه الكلمات؟

للكلمة التي ألقاها سموه دلالات كبيرة، حيث يدرك الجميع ما يحيط بنا من مخاطر وأن علينا المضي قدماً إلى شاطئ الأمان والازدهار، لقد فهم الجميع أن ما دار بين القادة ليست كلمات الترحيب والمجاملة فحسب، بل تآلف وتلاقي في وجهات النظر لم يسبق لهما مثيل، وذلك في اعتقادي لأسباب ثلاثة:

الأول هو جهود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وإيمانه في مجلس تعاون خليجي أكثر قوة ورسوخاً انطلاقاً من تجارب ثنائية كان لها أثر كبير على المنطقة.

وثانيها هو أن قمة الرياض هي القمة الأولى بعد قمة المصالحة في العُلا.

أما ثالثها فهي التحديات التي باتت وشيكة وجلية أكثر من أي وقت مضى، فالجميع اليوم على استعداد لطيّ صفحة مضت وبدء مرحلة جديدة وإرسال رسائل للداخل والخارج بأن التحديات متشابهة والجميع في مركب واحد.

ولعل ذلك ما يجعل القادة والشعوب الخليجية تشترك في تمسكها بالمجلس، فهو ليس ترفا، بل حاجة وحقيقة قائمة قبل تاريخ إنشائه الحقيقي بتآخي الأبناء والآباء المؤسسين، ليس بالعاطفة فحسب، بل بالمصالح المشتركة التي يراها الجميع كما يرى الأخطار التي لا تستثني أحداً.

مجلس التعاون حاله كحال أي شراكة في العالم تمر بلحظات اختلاف، لكن سرعان ما يعود أقوى، وحين نقول أقوى فإننا لا ندعي ولا نبالغ، فالشواهد بدأت في البروز، نعم لم تكن السنوات الخمس الماضية هي الأفضل لكنها جعلت المجلس أقوى وأصلب، أما عن المستقبل فيتجلى في جوانب الاقتصاد والسياسة والأمن، ولعلنا نرى تكتلاً اقتصادياً كبيراً في المستقبل القريب يوازي التكتل الأمني والتنسيق العسكري بين دوله.

إن أهمية التكتلات في بناء اقتصادات قوية ودول ذات أمن قوي تتركز فيها الجهود لأجل الاستفادة القصوى من الموارد والطاقات، والعمل على التنسيق المشترك والتحالف لمواجهة التحديات، لهو أمر لا بد منه خلال مستقبل المجلس للوصول إلى الوحدة الاقتصادية القادرة على إحداث توازن لا يمكن تجاوزه أو تخطيه، والمستقبل يحمل في طياته الكثير لهذا المجلس المبارك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى