المشيشي والنهضة.. هل تضع الحكومة التونسية المرتقبة الإخوان على حافة السقوط؟
يترقب التونسيون رفع الستار عن الحكومة الجديدة، لانتشال البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية على وقع تجاذبات سياسية، خلال الساعات القادمة أو اليومين المقبلين.
ويشار إلى أن المشيشي المستقل، قرر الذهاب إلى حكومة كفاءات لا تتكون من قيادات حزبية، وهي خطوة قوبلت بتزكية حزبية واسعة من حركة تحيا تونس (11 مقعدا في البرلمان)، والدستوري الحر (16 مقعدا)، والكتلة الوطنية (10 مقاعد)، مع تحفظ حزبي التيار الديمقراطي (22 مقعدا)، وحركة الشعب القومية (18 مقعدا)، والموافقة المبدئية للعديد من النواب المستقلين وكتلة قلب تونس (26 مقعدا)، رغم إدراك الجيد أن مرور حكومته بأغلبية مريحة في البرلمان غير موجود على أرض الواقع، خاصة مع العراقيل التي يضعها إخوان البلاد في طريقه.
وفي المقابل، أزعج هذا القرار حركة النهضة الإخوانية التي تطالب بحكومة حزبية تمنحها التمثيل الأوسع.
وتحتاج الحكومة التي تنتهي مهلة تشكيلها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، مصادقة 109 نواب، لنيل الثقة البرلمانية.
ويرى مراقبون أن حركة النهضة تسعى بكل جهدها لوضع عراقيل أمام المشيشي، من خلال مطالبتها بتشكيل حكومة من الأحزاب يكون لها فيها التمثيل الأوسع، وقالت مصادر مطلعة إن هذا الخيار الإخواني يجد رفضا من الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي لا يرى في حركة النهضة محل ثقة سياسية قادرة على خدمة البلاد، مضيفة أن الحكومة المقبلة ستكون مستقلة بالكامل، لاسيما في المواقع الحيوية والوزارات السيادية مثل وزارة الداخلية، والعدل، والخارجية، والدفاع، وفق ما أوردت العين الإخبارية.
منذ سنة 2011، سعت الأحزاب الإخوانية إلى وضع اليد على وزارة الداخلية والعدل، وذلك لتحوز الوزارتين على الملفات الحساسة والتي لها علاقة بالإرهاب وانتشار الخلايا التكفيرية.
وفي هذا السياق، توضح المحامية التونسية وفاء الشادلي أن هناك رغبة إخوانية في إخفاء الملفات التي تدين قياداتها، ولا يكون ذلك إلا بمحاولة اختراق الأجهزة الأمنية، مضيفة أن الاتجاه إلى حكومة مستقلة بالكامل سيغلق المنافذ أمام كل محاولات الاختراق والتمكين التي دفعت ثمنها البلاد التونسية منذ سنة 2011.
كما تذهب العديد من الآراء في تونس إلى أن راشد الغنوشي رئيس إخوان تونس يريد موطئ قدم داخل الحكومة للتغطية على ملف الاغتيالات السياسية التي راح ضحيتها كل من القيادي اليساري شكري بلعيد والقيادي القومي محمد البراهمي، وعدد من الجنود وعناصر الشرطة.
وفي يوليو الماضي، كشفت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد في مؤتمرها الصحفي، عن التجاوزات التي رسمها المعسكر الإخواني في تونس داخل الأجهزة الأمنية عندما كان علي العريض وزيرًا للداخلية سنة 2013.
وتحدثت الهيئة عن تعمد حركة النهضة إنشاء جهاز سري داخل الأجهزة الأمنية ينفذ مخططات الإخوان التدميرية.
في المقابل يرى متابعون أن حركة النهضة لن تقامر بإسقاط حكومة المشيشي لأنها تدرك أن إعادة الانتخابات هي مقصلة سياسية لها ولأجنحتها التابعة مثل ائتلاف الكرامة، خاصة مع الصعود الصاروخي لـ الدستوري الحر في سلم استطلاعات الرأي، حيث يتصدر طليعة الترتيب بـ35% في نوايا التصويت في حال إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
ويتجاوز الدستوري الحر حركة النهضة بـ15 نقطة كاملة، وهو ما سيدفعها حسب أكثر من متابع للمشهد السياسي التونسي إلى القبول اضطرارا بحكومة المشيشي خوفا من إعادة الانتخابات.
وفي حال سقوط حكومته، سيكون أمام الرئيس التونسي قيس سعيد إمكانية حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة في خلال 3 أشهر.
وهذه الفرضية تفزع العديد من الأطراف السياسية في تونس، خوفا من صعود قوى جديدة يقلب معادلة الحكم ويشكل مسارًا جديدًا يكون فيه الدستوري الحر وقيس سعيد أبرز المستفيدين.