إيران تعاتب طالبان أمام قمعها للنساء وتضييق الخناق عليهن
قامت إيران الخميس بإبداء “أسفها” لقرار حركة طالبان منع الأفغانيات من ارتياد الجامعات، آملة في أن تتم “إزالة العقبات” أمام ذلك بسرعة.
بينما تتبنى هي ذاتها إجراءات قمعية وتفرض قيودا صارمة على النساء وتراقب سلوكهن في الشارع ونمط لباسهن إلى درجة أنها استحدثت في السنوات الماضية جهازا أمنيا تحت مسمى “الشرطة الأخلاقية”. وهو الجهاز الذي تسببت ممارساته في وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني والتي فجرت وفاتها احتجاجات منذ سبتمبر الماضي لا تزال مستمرة إلى الآن.
وصرح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان إن “الجمهورية الإسلامية كبلد جار لأفغانستان ومهتمة بالسلام والاستقرار والتنمية في هذا البلد. تأسف لوجود معوقات أمام التعليم الجامعي العالي للفتيات والنساء في أفغانستان”.
وتابع أن طهران “تأمل في أن يقوم المسؤولون الأفغان المعنيون بإزالة العقبات بسرعة وتوفير الأرضية لاستئناف تعليم الطلاب والطالبات في هذا البلد في جميع مستويات التعليم”.
وأعلنت حكومة طالبان الثلاثاء أن الجامعات باتت محظورة لأجل غير مسمّى على الإناث المحرومات أصلا من التعليم الثانوي منذ عودة الحركة المتشدّدة إلى الحكم صيف العام الماضي.
وجاء الإعلان عن حظر التعليم الجامعي للنساء في ساعة متأخرة الثلاثاء على لسان وزير التعليم العالي ندا محمد نديم وذلك في رسالة موجّهة إلى كلّ الجامعات الحكومية والخاصة.
وأبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “قلقه العميق”، حسبما ذكر المتحدث باسمه الثلاثاء.
وقال المتحدث باسمه ستيفان دوجاريك إنّ “الأمين العام يجدّد التأكيد على أنّ الحرمان من التعليم لا ينتهك المساواة في الحقوق للنساء والفتيات فحسب. بل سيكون أثره مدمّرا على مستقبل البلاد”.
وتظاهرت مجموعة صغيرة من النساء الأفغانيات الخميس في كابول لفترة قصيرة في تحدّ لنظام حركة طالبان التي حظرت عليهن ارتياد الجامعات. بحسب ما أفادت إحدى الناشطات كشفت أن البعض منهن تعرضن للتوقيف.
وتظهر في تسجيلات فيديو النساء وهن يرددن في أحد أحياء كابول “الحقوق للجميع أو ليست لأحد”. وطالبت نحو عشرين شابة أفغانية، محجبات وبعضهم وضعن كمامات، بالحقّ في التعلّم وهن يرفعن الأيادي.
لكن “البعض منهن تعرضن للتوقيف على يد شرطيات قمنا باقتيادهن”، بحسب ما قالت إحدى المتظاهرات فضّلت عدم الكشف عن هويتها. مضيفة أنه “تم إطلاق سراح امرأتين لكن كثيرات منهن ما زلن قيد الاحتجاز”.
وباتت تظاهرات النساء نادرة في أفغانستان بعد توقيف ناشطات شهيرات في مطلع العام. وقد تواجه النساء اللواتي يشاركن في مثل هذه الفعاليات خطر التوقيف والتعرّض للعنف أو الوصم.
وكانت هذه التظاهرة مقرّرة في بادئ الأمر أمام حرم جامعة كابول الأكبر والأعرق في البلد. لكن نُقل موقعها بسبب الانتشار الكثيف لقوى الأمن المسلّحة في محيط الجامعة.
وقالت وحيدة وحيد دراني التي كانت تدرس الصحافة في جامعة هرات (الغرب) “الفتيات الأفغانيات هن شعب ميت… وهن يبكين دما”. مضيفة “يستخدمون كلّ قواهم ضدّنا. وأخشى أن يعلنوا عما قريب أنه لا يحقّ للنساء التنفّس”.
وفي رسالة مقتضبة مساء الثلاثاء، أمر وزير التعليم العالي ندا محمد نديم كلّ الجامعات الحكومية والخاصة في البلد بوقف تعليم الإناث حتى إشعار آخر. وشكّل هذا القرار صدمة في البلد وأثار موجة تنديدات دولية.
وقد زادت حركة طالبان التدابير المقيّدة للحريات، لا سيّما في حقّ النساء اللواتي استبعدن تدريجا من الحياة العامة وأقصين من المدارس الثانوية.
وفي انقلاب مفاجئ في 23 مارس، أغلقت الحركة المدارس الثانوية بعد بضع ساعات من إعادة فتحها. واستُبعدت النساء أيضا من غالبية الوظائف العامة أو أعطين أجورا زهيدة لحضّهن على البقاء في المنزل.
ولم يعد يحقّ للنساء السفر من دون رجل من العائلة. وينبغي لهن ارتداء البرقع أو وضع حجاب عند الخروج من المنزل.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.
وتعهّدت حركة طالبان بعد عودتها إلى السلطة في أغسطس 2021 بإبداء مرونة أكبر، لكنها سرعان ما رجعت إلى تفسيرها المتشدّد جدّا للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.