كيف صورت السينما المصرية “غواية” النساء للرجال؟
حرص عدد كبير من صناع السينما المصرية على تناول العديد من الظواهر الغريبة، ومنها “غواية” النساء للرجال.
على سبيل المثال في مرحلة السبعينيات حدث انفتاح كبير في المجتمع المصري. وانعكس ذلك بشكل واضح في الملابس الجريئة للبنات، ولغة الحوار بين الناس في الشوارع.
ومن بين المستجدات التي حرص عدد من السينمائيين على توثيقها في مجموعة من الأفلام كانت ظاهرة “غواية” النساء للرجال وتم تناول هذا الموضوع بشكل جاد تارة، وكوميدي تارة أخرى.
قال الناقد المصري طارق الشناوي: “أتصور أن أعظم فيلم تناول هذه الظاهرة كان فيلم “شباب امرأة” بطولة الفنانة تحية كاريوكا، وشكري سرحان، ومن إخراج صلاح أبو سيف، في هذا العمل تم تسكين النجوم بشكل رائع ومميز، إذ لعبت تحية كاريوكا دور السيدة اللعوب.
ورغم تقدمها في العمر كانت تتمتع بقدر كبير من الأنوثة، وجسد شكري سرحان دور الشاب الريفي، الفحل، وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى أن الطالب في الرواية كان أزهريا ولكن تم تغيير القصة وتقديمه على أنه طالب في كلية دار العلوم”.
وواصل الشناوي حديثه قائلا: “حقق الفيلم قفزة كبيرة، وكانت المرة الأولى التي نرى فيها على الشاشة امرأة تتحرش بالرجل، واستقبل المجتمع الفيلم باندهاش غريب، خاصة أنه تم عرضه عام 1954”.
في سياق الموضوع تحدثت الناقدة المصرية، قالت خيرية البشلاوي: “لا أستطيع القول إن غواية النساء للرجال ظاهرة تناولتها السينما المصرية بكثرة، فتاريخ السينما في بلدنا لا يقل عن 5000 فيلم، لن تجد نسبة كبيرة تناولت الموضوع بشكل واضح.
ولكوني من الجيل القديم، لم أسمع تعبير “المرأة المتحرشة” ولكن هناك “المرأة الملتهمة” (سيدة تلتهم الرجل بأنوثتها)، وهي سيدة شديدة الغواية والإغراء، وقوية التأثير جدا على الذكر، هذا النوع من النساء موجود في كل سينمات العالم، وروج الأمريكيون لهذا الشكل الفني عن طريق الاستعانة بمجموعة من الممثلات الفاتنات”.
وواصلت البشلاوي حديثها قائلة: في السينما المصرية قدمت مجموعة من الممثلات الغواية بشكل أكثر من رائع مثل، هند رستم، برلنتي عبد الحميد، هدى سلطان.
وتابع: السينما المصرية يسيطر عليها الرجل، فهو يتمتع بالحق الإلهي منذ العصور الوسطى، فهو الذي يقهر كل شيء ولا يهزم، ومن هذا المنطلق تجد نموذج المرأة القاتلة التي تقتل الرجل بأنوثتها وتنجح في السيطرة عليه قليل جدا، وتألقت في هذا الشكل الفنانة نادية الجندي، ونجحت في تحويل الرجل في أفلامها إلى ضحية.
وشدد على أن تحرش النساء بالرجال ليس ظاهرة في السينما المصرية ولكن أمر موجود في المجتمع البشري، وراهن على تقديمه مجموعة من المبدعين لجذب الجمهور، ومغازلة شباك التذاكر.
الدكتور ناجي فوزي بمعهد السينما، يرفض تعبير تحرش، ويرى أن التعبير الذي يتناسب مع الأمر هو الإغواء، ويؤكد أن السينما تناولته منذ بداية ظهورها.
وتعد الفنانة هدى سلطان من أبرز من قدمن هذا الدور في فيلم “جعلوني مجرما” عندما حاولت انتزاع اعتراف من القاتل، كشفت عن أنوثتها، ولكن في تصوره الشخصي ظاهرة التحرش لم يتم علاجها في السينما حتى الآن.
ويقول ناجي فوزي: لأننا نعيش في مجتمعات مغلقة، أصبحنا نرى المعاكسة تحرش، لا يعني أبدا أن يقول رجل لفتاة “صباح الجمال” أنه تحرش بها، الأصل في التحرش هو التلامس، لأن التحرش يؤدي إلى الاغتصاب، هذا الأمر لم تقترب منه السينما المصرية.
على سبيل المثال في فيلم “الوسادة الخالية” بطولة عبدالحليم حافظ، ولبنى عبد العزيز، 3 شباب يقتربون من 3 بنات، وينتهى الأمر بقصة حب رائعة، لا يعد ما فعله الشباب في الفيلم تحرش أبدا، ومن الصعب اعتبار ما قامت به الفنانة تحية كاريوكا في فيلم “شباب امرأة” تحرش بالرجل، هي سيدة تبحث عن رغبتها، ويستجيب الشاب الريفي، ويضعف أمام جمالها وأنوثتها، لكنها لم تقوم بنزع ملابسه مثلا، أو أى فعل يؤكد أنها تتحرش بالرجل.