قبيل الانتخابات.. شبح عجز الميزانية يطارد تركيا
قدمت كل من الحكومة والمعارضة في تركيا سيلًا لا نهاية له على ما يبدو من التعهدات الاقتصادية في الفترة التي سبقت انتخابات تركيا الحاسمة في 14 مايو.
فبينما يتصارع الناخبون مع أسوأ أزمة تكلفة معيشية في ظل حكم الرئيس رجب طيب أردوغان الذي استمر عقدين من الزمن، وسع أردوغان تعهداته كل يوم تقريبًا. وشعر بضخامة استطلاعات الرأي التي أظهرت أنه يتخلف بشكل متزايد عن منافسه الرئيسي.
شبح عجز الميزانية
وبحسب صحيفة “المونيتور” الأمريكية، فإنه بالرغم من أن استطلاعات الرأي في تركيا عادة ما تؤخذ بعين الاعتبار، إلا أن كمال كيليجدار أوغلو، المرشح الرئاسي المشترك لتحالف المعارضة المكون من ستة أحزاب، يتقدم على أردوغان في أحدث استطلاعات الرأي. ويعتقد بعض المراقبين أنه قد يفوز حتى في الجولة الأولى، أو تكون النتائج متقاربة للغاية. حيث أظهرت آخر استطلاعات الرأي أن كلا المرشحين قد يتوجهان إلى جولة الإعادة.
وأضافت: إن فورة إنفاق أردوغان قبل الانتخابات وزوبعة التعهدات من كلا الجانبين تثير شبح عجز في الميزانية لم تشهده في العقدين الماضيين وعقبات أخرى للسيطرة على التضخم. حيث سجلت الموازنة العامة للدولة بالفعل عجزًا يزيد عن 250 مليار ليرة تركية (12.9 مليار دولار) في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، بما يعادل 38% من العجز المتوقع للعام بأكمله.
ومن المرجح أن تصل الفجوة إلى ما لا يقل عن تريليون ليرة ، أو 6% من الناتج المحلي الإجمالي، بحلول نهاية العام. حيث ساهم الزلزالان الهائلان اللذان ضربا جنوب تركيا في فبراير في اتساع الفجوة، وسيواصل الإنفاق المرتبط بالزلزال إجهاد الميزانية في السنوات العديدة المقبلة.
حملات انتخابية مكثفة
وأفادت الصحيفة الأميركية بأن الحملة الانتخابية للمعارضة ركزت على أزمة غلاء المعيشة، وهي العامل الرئيسي وراء تراجع الدعم الشعبي لأردوغان. حيث بلغ تضخم المستهلك 50.5% في مارس بعد أن بلغ ذروته عند 85.5% في أكتوبر. ولا يزال ارتفاع الأسعار هو الشكوى الرئيسية لمعظم الناخبين، ومع تضخم أسعار المواد الغذائية حول 70%. جعلت المعارضة من البصل رمزا لفشل السياسات الاقتصادية للحكومة بعد أن تجاوز سعر السلعة الأساسية المتواضعة السقف في وقت سابق من هذا الشهر.
وتابعت: إنه لتغيير الموضوع، ركز فريق أردوغان على النجاحات مثل اكتشاف الغاز قبالة ساحل تركيا على البحر الأسود وإنشاء بنية تحتية واسعة النطاق. بما في ذلك الجسور المعلقة والمطارات والطرق السريعة، وفي الأسبوع الماضي، وعد أردوغان بـ25 مترًا مكعبًا من الغاز المجاني شهريًا للأسر على مدار عام، حيث قاد حفلًا لوصول الغاز لأول مرة إلى محطة برية من احتياطيات البحر الأسود.
وفي عروض أخرى اقترنت بالانتخابات، طرح أول سيارة كهربائية في تركيا وأكبر سفينة عسكرية ودبابة جديدة للجيش. ويوم الخميس حضر هو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن طريق وصلة فيديو احتفالًا بمناسبة تسليم أول وقود نووي إلى أول محطة للطاقة النووية في تركيا. والتي تبنيها شركة روسية بالقرب من ساحل البحر الأبيض المتوسط، فنادرًا ما اعترف أردوغان بشكل عابر بأزمة تكلفة المعيشة واستجابة حكومته غير الكافية لكارثة الزلزال. وأصر على أن تركيا خطت خطوات كبيرة في ظل رئاسته، التي تقول المعارضة إنها تحولت إلى نظام الرجل الواحد.
تشمل سياسات أردوغان التي تركز على الانتخابات دعم الدخل المباشر للفئات المحرومة، والإعفاءات الضريبية، وخطط إعادة جدولة الضرائب والغرامات غير المدفوعة، إلى جانب التنازل عن بعض الرسوم. في لفتة إلى حوالي مليوني مستفيد مباشر، أعاد أحكام التقاعد المبكر التي تم إنهاؤها في عام 1999. كما تشمل التعهدات الخاصة المتعلقة بالزلزال بناء مئات الآلاف من المنازل الجديدة لضحايا الزلزال وحوافز لإعادة بناء أو إعادة تأهيل المباني الرديئة في زلزال آخر المناطق المعرضة، وفي إسطنبول وحدها، وضع هدفًا لتجديد 1.5 مليون وحدة سكنية على مدى خمس سنوات.
وتابعت الصحيفة الأميركية: إن من جانبه، قام كيليجدار أوغلو بتفصيل برنامج واسع النطاق لأول 100 يوم له في منصبه، بما في ذلك دعم الدخل المباشر وحزم الرعاية الاجتماعية وإجراءات القضاء على الفساد وإساءة استخدام الأموال العامة. تعهد بتقديم وجبات مجانية للطلاب، ودفع مكافآت سنوية لأصحاب المعاشات بقيمة 15000 ليرة (770 دولارًا)، وتخفيف العبء الضريبي عن المزارعين وأصحاب المتاجر الصغيرة وتغطية أقساط الضمان الاجتماعي للنساء والشباب في القطاع الزراعي.
نقاط دعائية غير منطقية
وأكدت الصحيفة الأميركية، أنه في واحدة من أكثر نقاطه الدعائية لفتًا للانتباه، يدعي كيليجدار أوغلو أن الفساد المستشري والمخالفات في ظل حكم أردوغان كلف القطاع العام ما يقدر بنحو 418 مليار دولار. ويتعهد بإنشاء مكتب خاص لفحص مثل هذه المخالفات وتقديم المسؤولين عنها إلى العدالة واستعادة أكبر قدر ممكن من الأموال.
كما وعد بإخلاء قصر أردوغان الفخم، وإعادة مكتب الرئاسة إلى قصر جانكايا التاريخي وبيع أسطول أردوغان المكون من 16 طائرة رئاسية.
