حرب غزة.. «جحيم» في الجنوب وخلافات واشنطن تتصاعد
لم تخمد نيران الحرب في قطاع غزة لليوم الـ106 على التوالي مع تكثيف إسرائيلي لاستهداف المربعات السكنية والبنية التحتية، خاصة بمناطق الجنوب، وسط تصاعد خلافاتها العلنية مع واشنطن بشأن إقامة دولة فلسطينيّة.
وركّزت إسرائيل، السبت، عمليّاتها العسكريّة في جنوب قطاع غزّة حيث أفادت حركة حماس بمقتل نحو 90 شخصا ليلا على الأقل.
جحيم بخان يونس
وذكر شهود أنّ القوّات الإسرائيليّة قصفت فجر السبت جنوب قطاع غزة، خصوصا خان يونس، التي باتت البؤرة الجديدة للقتال البرّي والغارات الجوّية، بعدما تركّزت المرحلة الأولى من الحرب في شمال القطاع.
وأفادت وزارة الصحّة التابعة لحماس في ساعة مبكرة السبت بمقتل 90 شخصا على الأقل في العمليات الإسرائيلية ليلا.
ولا تزال المناطق المحيطة بمستشفى ناصر في خان يونس تشهد، قصفًا عنيفًا وسط اشتباكات مع فصائل فلسطينية.
كما استهدف القصف الإسرائيلي، في ساعات فجر اليوم، منطقة بطن السمين وحي الأمل في خان يونس.
وأكدت منظمات دولية أن “كلّ شيء في غزّة تقريبا بات مُدمّرا، وما لم يُدَمَّر بات مكتظّا.. والعمل جارٍ بالحدّ الأدنى من الأدوية لضمان عدم نفادها”.
وأسفت منظّمة الصحة العالميّة لـ”ظروف الحياة غير الإنسانيّة” في القطاع الذي يفتقر سكّانه البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة إلى كلّ شيء، بما في ذلك الاتّصالات.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الجمعة، إن “نحو 20 ألف طفل ولدوا في جحيم الحرب غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول في “ظروف لا يمكن تصورها، بينما عبرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة عن قلقها بشأن عدد “النساء والأطفال”، محذرة من صدمة “على مدى أجيال”.
ضغوط الداخل
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن عائلات الرهائن نظمت اعتصاما ليلا أمام مقر إقامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخاص في قيساريا شمال تل أبيب، للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق يسهّل إطلاق سراح الذين ما زالوا محتجزين.
وشارك في الاحتجاجات حوالي 250 من أقارب الرهائن، وواجهت العائلات جهات إنفاذ القانون خلال المظاهرة، وبحسب شهود عيان، فقد ألقت الشرطة القبض على عدد منهم.
الخلافات مع واشنطن
وفي الأسابيع الأخيرة، دعت الولايات المتحدة، الحليف الرئيسي لإسرائيل والداعم الأساسي لها في حربها ضدّ حماس، الجيش الإسرائيلي إلى خفض عدد الضحايا المدنيّين في عمليّاته.
وكرّرت واشنطن دعمها إقامة دولة فلسطينيّة، وهو موضوع في صلب الخلاف بين واشنطن وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وصرّح نتنياهو، الخميس، بأنّ بلاده “يجب أن تضمن السيطرة الأمنيّة على كلّ الأراضي الواقعة غرب (نهر) الأردن”، قائلا إنّه أوضح ذلك “لأصدقاء إسرائيل الأمريكيّين، مشددا على أنّ “هذا شرط ضروري ويتعارض مع فكرة السيادة (الفلسطينيّة)”.
وسارع الفلسطينيّون إلى التنديد بهذه التصريحات. وتحدّثت واشنطن من جهتها علنًا عن خلاف مع حليفتها حول هذه القضيّة.
وغداة إدلائه بهذه التصريحات، تحادث نتنياهو مع الرئيس الأمريكي جو بايدن. الجمعة، في أوّل اتّصال بينهما منذ شهر وسط توتّر بشأن مرحلة ما بعد حرب غزّة.
وقال المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي للصحفيّين: “ما زال الرئيس (بايدن) يؤمن بأفق حلّ الدولتَين وإمكانيّته. هو يدرك أنّ الأمر سيتطلّب كثيرا من العمل الشاقّ”.
وأضاف أنّ بايدن أبدى خلال محادثته مع نتنياهو “اقتناعه القوي بأنّ حلّ الدولتين ما زال المسار الصحيح للمضيّ قدما. وسنُواصل طرح هذا الموقف”.
وأعلن البيت الأبيض، الجمعة، بعد المكالمة بين بايدن ونتنياهو أنّ “إسرائيل ستسمح بشحن الدقيق للفلسطينيّين في قطاع غزّة عبر ميناء أشدود”.
يأتي ذلك بعد أيّام على مطالبة الأمم المتحدة إسرائيل بالسماح باستعمال الميناء لإيصال المساعدات الإنسانيّة العاجلة إلى القطاع المحاصر بالكامل منذ بدء الحرب.
«إسرائيل تموّل حماس»
ووسط هذه التطوّرات، اتّهم مسؤول السياسة الخارجيّة في الاتّحاد الأوروبي جوزيب بوريل إسرائيل بأنها “موّلت” حركة حماس.
وقال بوريل: “نعتقد أنّ حلّ الدولتين يجب أن يُفرَض من الخارج بغية إحلال السلام”. مضيفا “أُصِرّ على أنّ إسرائيل، عبر الاستمرار في رفض هذا الحلّ. قد أسّست حماس بنفسها”.
وتابع بوريل في خطاب باللغة الإسبانيّة في جامعة بلد الوليد في إسبانيا التي منحته دكتوراه فخريّة: “حماس. مُوّلت من الحكومة الإسرائيليّة في محاولة لإضعاف سلطة فتح الفلسطينيّة. لكن في حال لم نتدخّل بحزم. فإنّ دوّامة الكراهية والعنف ستتواصل من جيل إلى آخر، ومن جنازة إلى أخرى”.
توسع دائرة التوترات
وأدى الصراع الذي سبّب كارثة إنسانيّة في غزة. إلى تفاقم التوتّر بين إسرائيل المدعومة عسكريًّا من الولايات المتحدة، وأذرع إيران بالمنطقة.
وفي جبهة لبنان، قال الجيش الإسرائيلي إنّه ضرب مواقع لحزب الله في جنوب لبنان. الجمعة، حيث دُمّرت 3 منازل على الأقلّ. فيما وتبنّى حزب الله من جهته 3 هجمات على الأراضي الإسرائيليّة.
وشنّت الولايات المتحدة ضربات جديدة، الجمعة. ضدّ الحوثيّين في اليمن، قائلة إنّها تتصرّف “دفاعا عن النفس” في مواجهة هجمات متكرّرة تشنّها المليشيات على السفن التجاريّة في منطقة بحريّة حيويّة للتجارة العالميّة.
علاوةً على ذلك، نفّذت مجموعات قريبة من إيران هجمات استهدفت القوّات الأمريكيّة في العراق وسوريا، ما استدعى ردا من الولايات المتحدة.
اندلعت الحرب التي دمّرت قطاع غزّة وشرّدت أكثر من 80% من سكّانه. إثر شنّ حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأوّل أسفر عن مقتل 1140 شخصا. معظمهم مدنيّون، حسب تعداد لـ”فرانس برس” يستند إلى أرقام رسميّة.
كذلك، احتُجز خلال الهجوم نحو 250 شخصا رهائن ونُقلوا إلى غزّة، وأطلِق سراح زهاء 100 منهم خلال هدنة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، ولا يزال 132 منهم في غزّة. ويُعتقد أنّ 27 منهم لقوا حتفهم، وفق إسرائيل.
وردا على هجوم حماس، تعهّدت إسرائيل القضاء على الحركة التي تحكم غزّة منذ 2007. ووفق وزارة الصحّة التابعة لحماس، قُتل حتّى الآن في الغارات الإسرائيليّة 24762 شخصا. غالبيّتهم العظمى من النساء والأطفال.
فيما تجاوزت حصيلة الجرحى 62 ألفا، مشيرة إلى أن عددًا من الضحايا. لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.