كيف تقودك خرائط غوغل إلى أسرع طريق نحو وجهتك؟
تعد خرائط غوغل إحدى تطبيقات الملاحة الأكثر شيوعاً في العالم، ويستخدمها أكثر من مليار شخص يومياً، إذ تساعد في العثور على أسرع طريق للوصول إلى وجهتك، سواء كنت تقود السيارة أو تمشي أو تستخدم الدراجة أو تستقل وسائل النقل العام.
لكن كيف تعرف الخرائط حركة المرور على الطرق وتقرر ما هي أفضلها لتجنب الازدحام؟
تطور خرائط غوغل
تطورت الخرائط التي نشأت نتيجة الاستحواذ على شركة “Where 2 Technologies” في 2004، لتصبح قوة ملاحية عالمية منذ إطلاقها في 2005. وقد أطلق عليها في البداية اسم “Google Local”.
بدأت بوظائف الخرائط الأساسية والبحث عن الأعمال المحلية، ودمجت تدريجياً ميزات عرض بيانات حركة المرور في الوقت الفعلي. وتوالت الابتكارات المستمرة مثل الخرائط غير المتصلة بالإنترنت والتكامل مع وسائل النقل المختلفة، حتى أصبحت أداة لا غنى عنها للمستخدمين في جميع أنحاء العالم.
التعلم من الماضي
أحد مصادر المعلومات التي تستخدمها الخرائط لتقدير حركة المرور وتحديد المسارات هي البيانات التاريخية. ويستند هذا المصدر إلى متوسط سرعة السيارات على الطريق في أوقات وأيام مختلفة، ويتم جمعها على مدى سنوات عديدة.
على سبيل المثال، تعرف الخرائط أنه في طريق معين، عادة ما تسير عليه مركبات بسرعة 90 كلم في الساعة بين الساعة 6 و7 صباحاً، أما في فترة بعد الظهر فتسير على الطريق نفسه المركبات بسرعة 20 إلى 30 كلم في الساعة. من خلال تحليل هذه البيانات، يمكن للخرائط التنبؤ بالشكل الذي ستبدو عليه حركة المرور في التاريخ والوقت المستقبليين، بناءً على الأنماط السابقة.
استشعار الحاضر
مصدر آخر للمعلومات تستخدمه خرائط غوغل لتقدير حركة المرور وتحديد المسارات هو البيانات في الوقت الفعلي. يتم جمع هذه البيانات من أجهزة الاستشعار والهواتف الذكية، التي تشير إلى مدى سرعة تحرك السيارات في الوقت الحالي.
كما تستخدم الخرائط البيانات من أجهزة استشعار حركة المرور التي يتم تثبيت معظمها بواسطة وكالات النقل الحكومية أو الشركات المتخصصة في جمع بيانات حركة المرور. وتستخدم هذه المستشعرات تقنية الرادار أو الأشعة تحت الحمراء النشطة أو رادار الليزر لاكتشاف حجم وسرعة المركبات المارة، ثم نقل تلك المعلومات لاسلكياً إلى الخوادم.
مصدر آخر مهم للمعلومات تستخدمه الخرائط هو هواتف أندرويد، بحيث يرسل الهاتف أجزاء من البيانات بشكل مجهول إلى غوغل التي تتيح للشركة معرفة مدى سرعة تحرك السيارات، وتعرضها كخطوط ملونة على طبقة حركة المرور، مما يشير إلى حركة مرور واضحة أو بطيئة الحركة أو مزدحمة بشدة.
التنبؤ بالمستقبل
ولجعل تنبؤات حركة المرور والتوجيه أكثر دقة، تستخدم خرائط غوغل أيضًا التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات التاريخية وفي الوقت الفعلي.
وتستخدم الخرائط بنية التعلم الآلي المعروفة باسم “Graph Neural Networks”، التي يمكنها وضع نماذج للعلاقات المعقدة بين نقاط البيانات، مثل الطرق والتقاطعات وإشارات المرور. وباستخدام هذه التقنية، يمكن لخرائط غوغل أن تفهم بشكل أفضل كيف يتغير تدفق حركة المرور بحسب الوقت والمكان، وكيف تتأثر بعوامل مختلفة، مثل الطقس أو الحوادث أو إغلاق الطرق أو الأحداث.
كما يمكن للخرائط استخدام التعلم الآلي لاقتراح طرق بديلة قد تكون أسرع أو أكثر أماناً أكثر من الطرق المعتادة.
إضافة لمسة إنسانية
بالإضافة إلى البيانات الواردة من أجهزة الاستشعار والهواتف الذكية، تستخدم الخرائط بيانات من “Waze”، وهو تطبيق ملاحي يسمح للسائقين بالإبلاغ عن حوادث المرور والمركبات المعطلة أو التباطؤ أو رادارات السرعة. استحوذت غوغل على “Waze” في عام 2013، ومنذ ذلك الحين، يتبادل التطبيقان البيانات والميزات.
التكامل مع مراكز إدارة المرور
بالإضافة إلى البيانات التاريخية التي أنشأها المستخدمون، تتكامل الخرائط مع مراكز إدارة حركة المرور التي أنشأتها سلطات النقل. بذلك تقوم بمراقبة ظروف حركة المرور باستخدام كاميرات المراقبة وأجهزة استشعار الطريق وغيرها من التقنيات المتقدمة.
وتستفيد الخرائط من هذه الشبكة لتلقي تحديثات في الوقت الفعلي عن حركات المرور، مما يضمن أن تكون المعلومات المقدمة للمستخدمين شاملة ودقيقة. ويعزز هذا التكامل قدرة التطبيق على التكيف مع سيناريوهات حركة المرور المتغيرة بسرعة ويحسن توصيات المسار بشكل أكبر.
خداع خرائط غوغل
يمكنك وصف الأمر بأنه غريب، لكن الفنان الألماني سيمون فيكرت اخترق خرائط غوغل باستخدام 99 هاتفاً ذكياً لإنشاء اختناقات مرورية افتراضية في شوارع برلين. ووضع ويكرت 99 هاتفاً ذكياً مزوداً بالخرائط في عربة صغيرة، ثم قام بدفع تلك العربة في شوارع مختلفة في برلين. وخدعت الهواتف الذكية الخرائط وجعلتها تعتقد أن هناك تركيزاً كبيراً من المستخدمين في تلك الشوارع.
ونظراً لأن الهواتف المستعملة كانت في عربة، فقد تم خداع تطبيق الخرائط للاعتقاد بأن حركة المرور كانت بطيئة. ونتيجة لذلك، بدأ تطبيق الملاحة في إظهار الاختناقات المرورية الافتراضية عن طريق تحويل الشوارع الخضراء إلى اللون الأحمر في أداة الملاحة عبر الإنترنت، وبدأ بعرض ذلك للآخرين في الشارع. وهذا بدوره دفع السائقين إلى الابتعاد وتجنب هذه الشوارع التي لا توجد فيها حركة مرور فعلياً.
ولم تعلق “غوغل” رسمياً على تجربة فيكرت، لكن أحد كبار مهندسي البرمجيات في الخرائط غرد قائلا إنه يعتقد أن هذا ممكن.