الخليج العربي

الكويت تحتفي بالذكرى الـ33 لتحريرها


مواقف رائدة وعبر خالدة يستذكرها الكويتيون، وهم يحتفلون، الإثنين، بالذكرى الـ33 للتحرير، من بينها وقفة الدول الشقيقة وعلى رأسها الإمارات.

أيضا من أبرز تلك العبر والدروس الثقة في القيادة التي ناضلت حتى إتمام التحرير، والعزيمة والإرادة على تخطي المحن، وأهمية تعزيز التضامن الخليجي والعربي، وكذلك أهمية إعلاء قيم التسامح لتجاوز الماضي والمضي نحو المستقبل.

وتحتفي الكويت اليوم الإثنين بالذكرى الـ33 لتحريرها في مثل هذا اليوم 26 فبراير/شباط عام 1991 من الغزو العراقي، غداة احتفالها الأحد بعيدها الوطني بمناسبة ذكرى استقلالها عن المستعمر البريطاني قبل 63 عاما.

وبعث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات برقية تهنئة إلى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، بمناسبة اليوم الوطني وذكرى التحرير لبلاده.

كما بعث الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، برقيتي تهنئة مماثلتين إلى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت والشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح رئيس مجلس وزراء دولة الكويت.

وعلى الصعيد الشعبي، تصدر هاشتاغ “الإمارات تحب الكويت” مواقع التواصل الاجتماعي في الإمارات، كما تزينت بها سيارات شرطة في أبوظبي، وشاشات الأنظمة المرورية الذكية في طرق دبي، في لفتات تعبر عن مشاعر الأخوة والمحبة الصادقة.

بطولات إماراتية خالدة

ويستذكر الكويتيون في مثل هذا اليوم الدور البطولي للإمارات، ووقوفها إلى جانب بلادهم خلال محنة الغزو العراقي من 2 أغسطس/آب 1990 وصولا إلى تحريرها في 26 فبراير/شباط من العام التالي.

وكان لدولة الإمارات وجيشها الباسل وقفة حازمة إلى جانب دولة الكويت، وسطر أبناء الإمارات بدمائهم الطاهرة ملاحم بطولية في دفاعهم عن الحق والشرعية في حرب تحرير الكويت وبلغ عدد شهداء الإمارات في المعركة 8 شهداء و21 جريحا.

وقد سطر التاريخ بحروف من نور مواقف دولة الإمارات وقيادتها وشعبها في دعمهم ونصرتهم للحق ولدولة الكويت وشعبها، حيث عبر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عن ذلك بقوله: “إذا وقعت أي واقعة على الكويت فإننا لا نجد من الوقوف معها بداً مهما حدث.. فهذا شيء نعتبره فرضا علينا يمليه واقعنا وتقاربنا وأخوتنا”.

وتحل تلك الذكرى بعد أيام قليلة من وداع الإمارات ومعها العالم الحر 4 من شهدائها من منتسبي القوات المسلحة صعدت أرواحهم إلى بارئها 10 فبراير/شباط الجاري إثر تعرضهم لعمل إرهابي في الصومال، أثناء أدائهم مهام عملهم في تدريب وتأهيل القوات المسلحة الصومالية، التي تندرج ضمن الاتفاقية الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية الصومال في إطار التعاون العسكري بين البلدين.

أيضا تحل ذكرى تحرير الكويت، مع ذكرى مع مرور عامين على الحرب الأوكرانية الروسية، في وقت تواصل فيه دولة الإمارات حراكها السياسي والإنساني لحل الأزمة.

حراك توج بنجاح وساطاتها في عقد 4 صفقات لتبادل الأسرى بين الجانبين، بينها 3 صفقات خلال الشهرين الماضيين.

وساطات إماراتية ناجحة بين روسيا وأوكرانيا خلال فترة قصيرة، تعطي بارقة أمل نحو حل أزمة تلقي بتأثيراتها على أمن واستقرار العالم، وتبرز تعاظم مكانة دولة الإمارات وتواصل ريادتها الدولية وثقة العالم، وتقديره لقيادتها ولجهودها ووساطاتها.

كذلك تحل الذكرى فيما  تتواصل حاليا عملية «الفارس الشهم 3» التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العمليات المشتركة في وزارة الدفاع ببدئها لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة ضمن مبادرات إنسانية ودبلوماسية عديدة لدعم القطاع.

تضحيات وبطولات ومواقف تتوالى عبر التاريخ وحول العالم، من الكويت إلى الصومال، مرور بأوكرانيا وفلسطين وغيرها من الدول، يخلد بها شهداء الإمارات وقادتها وجيشها ودبلوماسييها وشعبها اسم بلادهم بأحرف من نور في تاريخ الإنسانية، ويؤكدون نهج بلادهم وعهدها الدائم في وقوفها مع الأشقاء والأصدقاء في كل الظروف والأزمات، إيماناً منها بوحدة المصير وتعبيرا عن تمسكها بالقانون والشرعية الدولية ومبادئ حسن الجوار ومدّ يد العون للشقيق والصديق والسعي لنصرة المظلوم وإعادة الحق إلى أصحابه.

ذكرى التحرير

ومع الذكرى الـ33 لتحرير الكويت، يستذكر الكويتيون خلال تلك الفترة الإدارة الحكيمة للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت آنذاك) والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (ولي العهد رئيس الوزراء آنذاك)، اللذين كان لهما دور كبير في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية والدفاع عن الحق الكويتي.

ففي فجر 2 أغسطس/آب 1990، قام النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين بإعطاء الأوامر لقواته العسكرية بدخول الأراضي الكويتية واحتلالها.

ومنذ اللحظات الأولى للغزو، أعلن المواطنون الكويتيون رفضهم للعدوان، ووقف أبناء البلد في الداخل والخارج إلى جانب قيادتهم الشرعية للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته.

ووقف العالم أجمع مناصرا للحق في وجه الغزو، وتشكل ائتلاف عسكري لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بانسحاب القوات العراقية من الكويت دون قيد أو شرط، مدعوما بقوة إيمان دول التحالف بعدالة القضية الكويتية.

وفي 17 يناير/كانون الثاني 1991، بدأت أول غارة جوية شنتها قوات التحالف الدولية إعلانا لبدء عمليات “عاصفة الصحراء” لتحرير دولة الكويت.

وكان الشعب الكويتي متأهبا للمساهمة في معركة التحرير فيما جرى تنسيق كامل بين جميع الأجهزة الحكومية والشعبية وشارك سلاح الجو الكويتي في الضربات الأولى للقصف الجوي وكان الجيش الكويتي في الصفوف الأولى للقوات المتحالفة التي دخلت البلاد.

ولعبت القوات العربية دورا بارزا في إنجاز مهمة تحرير الكويت وساهمت السعودية بنصف مجموع قوات مجلس التعاون، وكان لدولة الإمارات وجيشها الباسل وقفة حازمة إلى جانب دولة الكويت.

وفجر 26 فبراير/شباط 1991 غادر الجيش العراقي من الكويت ليتم الإعلان عن تحريرها.

وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول رئيس دولة يزور الكويت بعد التحرير فيما كانت سفارة دولة الإمارات أول سفارة تم رفع العلم عليها بعد التحرير.

ولا ينسى الكويتيون كذلك مواقف العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي فتح قلبه قبل أرضه لأبناء دولة الكويت واحتضنهم بكل حب في أراضي المملكة ودافع ماديا وعسكريا لنصرة دولة الكويت.

دروس مهمة

ويستلهم الكويتيون من تلك الذكرى أهمية تحقيق التضامن الخليجي والعربي، حيث كان هناك دور خليجي عربي بارز في دعم ومساندة الكويت لتحقيق التحرير، حيث اتخذت القيادة الكويتية من دول مجلس التعاون عاصمة لها، تخطط وتضغط، وتسير جهودها الدبلوماسية التي أثمرت النصر، بعد إقناع المجتمع الدولي بالتدخل لدحر قوات نظام صدام حسين.

أيضا يستلهم الكويتيون من تلك الذكرى أهمية الثقة بالقيادة التي ناضلت حتى إتمام التحرير والوفاء لها، وهو ما يظهر جليا في الالتفاف الشعبي حول أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ودعم جهودهما المتواصلة للحفاظ على استقرار الكويت وتحقيق الخير والازدهار لأبنائها.

يستذكر الكويتيون أيضا أهمية إعلاء قيم التسامح من أجل النهوض بالمستقبل، وهو ما ظهر في محاولة طي صفحة الماضي ومد يد التعاون مع العراق.

وعلى الرغم من مرارة الغزو وتداعياته لا سيما على صعيد الشهداء والمفقودين الكويتيين فإن الكويت أطلقت مساعداتها للشعب العراقي منذ عام 1993 ولا تزال مستمرة حتى الآن كما قدمت الكويت بعد سقوط النظام العراقي برئاسة صدام حسين عام 2003 العون للعراق حتى أصبحت اليوم من أكبر المانحين له.

وعلى الصعيد الدبلوماسي جسدت الزيارة التي قام بها أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح للعراق في 19 يونيو/حزيران 2019 أنبل المساعي الحميدة في الحفاظ على العلاقات الأخوية وطي الملفات العالقة بين البلدين.

وارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق عبر التعامل مع شعبه بأنه كان مغلوبا على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم وقتها.

وتحتفل الكويت هذه الأيام بأعيادها الوطنية فيما توشحت المباني والمؤسسات والمرافق العامة والخاصة في البلاد بعلم الدولة وصور أمير البلاد، تعبيرا عن الوفاء والولاء للكويت وقيادتها.

ويعد هذا أول احتفال في عهد أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي تولى مقاليد الحكم خلفا لأمير البلاد الراحل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي وافته المنية في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى