عبر بوابة “العمل والإنجاز”.. هل يتسرب إخوان تونس إلى المشهد السياسي ؟
بينما أغلقت السلطات التونسية غالبية الأبواب أمام جماعة الإخوان، لا تزال الجماعة تتخبط بحثاً عن طريق للتسرب مجدداً إلى المشهد السياسي في البلاد، إذ تتجه الأنظار مؤخراً إلى “حزب العمل والإنجاز”، الذي ضمّ العناصر الإخوانية المستقيلة من حركة النهضة، واستقبل عدداً آخر من المنسحبين الجدد من الحركة التي تواجه قراراً بتصنيها إرهابية.
الحزب الذي أسسه قبل عام الإخواني عبد اللطيف المكي، عقد مؤتمره الأول، السبت، في ظرف سياسي دقيق تمر به البلاد، ما يطرح تساؤلات حول دوره في المستقبل وعلاقته بحركة النهضة التي تعيش ظروفاً صعبة بعد اعتقال رئيسها راشد الغنوشي وعدد من قياداتها في قضايا مختلفة.
ويشكك متابعون لمجريات الأحداث السياسية في تونس في قطع القيادات المنشقة عن النهضة مع الحركة خاصة وأنّ أغلب هذه القيادات لم تقم بأي مراجعات تذكر، حيث تنكر أي دور للحركة في الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد رغم أنّها قادت أغلب الحكومات منذ العام 2011.
وفي تصريحات صحفية سابقة، اعتبر عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي أنّ حزب “العمل والإنجاز” لم يقطع مع حركة النهضة والدليل على ذلك أنّه يساند جميع تحركات الإخوان في جبهة الخلاص الإخوانية.
وأكد في حوار أنّ استقالة عبد اللطيف المكي رفقة 100 قيادي في حركة النهضة عقب إجراءات 25 تموز/ يوليو 2021 كان سببه الخلاف الكبير مع راشد الغنوشي لخلافته في النهضة، مؤكداً أنّ الدعوة إلى الحوار ليست سوى مناورة جديدة بعد فتح الملفات والقضايا التي يتورط فيها قيادات الإخوان.
وأشار إلى أنّ تأسيس حزب “العمل والإنجاز” كان بمثابة البحث عن بديل في المرحلة المقبلة لأنّ إخوان تونس يعتقدون أنّهم سيعودون للحكم وبأنّ حزب حركة النهضة انتهى ولا بد من بديل جديد، خاصة مع اقتراب تصنيفه كحزب إرهابي وحله نهائياً.
ويُعتبر عبد اللطيف المكي، أحد أبرز القيادات العليا لـ”حركة النهضة” الإخوانية، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيراً للصحة، ويُعرف بأنّه من صقورها، وكان أحد المرشحين النهضويين لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة لولا إجراءات 25 تموز / يوليو 2021 التي عصفت بالحركة.
من جهته، قال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إنّه “من الصعب على هذه القيادات حتى وإن صرحت بأنّها قطعت مع الحركة أن تقطع مع النهضة والمرجعية الإخوانية التي تمثلها”.
وتابع العبيدي “نحن نعرف مثلاً أنّ المكي كان في خلاف كبير مع الغنوشي لخلافته في النهضة، ما الذي تغير؟ أعتقد أنّ هذه مناورة جديدة من الحركة في ظل المستقبل المجهول الذي تواجهه خاصة بعد فتح بعض الملفات المتعلقة بها على غرار ما يعرف بالجهاز السري”.
وأكد أنّه “لذلك يبدو أنّ الحركة كما الشق الكبير من قياداتها البارزة بدأت تبحث عن بديل يمثل طوق نجاة سياسي لها في المرحلة المقبلة، لا أعتقد أنّ هؤلاء قطعوا مع المرجعية الإخوانية، كما لا أعتقد أنّهم سينجحون في إقناع التونسيين بأي شيء”.
وقال في تصريحات لاحقة لموقع “إرم نيوز”، إنّ “المكي لا يزال وفيًا لحركة النهضة ويمكن بالفعل اعتبار حزبه واجهة جديدة من واجهاتها ذلك أنّه لم يعلن عن تغيير سياسي ملموس في خط الحزب ناهيك عن أنّه يضم عددًا كبيرًا من النهضاويين السابقين”.
وأضاف أنّ “المشكلة ليست في ذلك، بل في خطط الحزب المستقبلية خاصة إذا ما تم حل حركة النهضة“، وتساءل: “هل يصبح الحزب نهضة جديدة بحلة واسم جديدين. أعتقد أنّ هذا غير مستبعد خاصة مع محاولة الظهور في ثوب جديد بالنسبة لقيادات النهضة التي أصبحت غير مرغوب فيها في الشارع”.
كما شدّد على أنّ “حزب العمل والإنجاز سيصبح نهضة ثانية سواء بحل الحركة من عدمه، حيث أصبح ما يشبه الوعاء للنهضاويين الغاضبين على الغنوشي ليس لأنّه ينتمي للإخوان، لكن بسبب قيادة الحزب والتمتع بامتيازات، وبالتالي الحزب الحالي وفي لانتماءاته الفكرية والسياسية”.
كذلك، علق الناشط السياسي التونسي حاتم المليكي على المؤتمر الحديث للحزب بالقول، إنّ “المراجعات بالنسبة لحزب العمل والإنجاز لم تتم بعد حول الانتماء لحركة النهضة وأدبيات الإسلام السياسي ككل”، وأضاف لـ “إرم نيوز”، أنّ “هذا الأمر ينسحب أيضًا على أحزاب عدة أخرى تنشط في الساحة السياسية التونسية، حيث لم يتم الإعلان عن خريطة واضحة لمبادئ وسياسات تلك الأحزاب”.
وأشار إلى أنّ “ما كانت تعيشه حركة النهضة وأحزاب أخرى من خلافات على القيادة وغيرها، نراه، اليوم، أيضًا في حزب العمل والإنجاز وغيره من الأحزاب التي تقوم بمؤتمراتها”.
وينكر المكي بشكل مستمر، الانتماء لتيار الإخوان المسلمين، حيث سبق أن قال إنّه لم يكن يومًا إخوانيًا ولم يدرس أدبيات جماعة الإخوان.
وكانت حركة النهضة الإخوانية قد أعلنت مؤخرًا عزمها المشاركة في الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أنّها ستدعم مرشحاً واحداً، وذلك بعد أن أعلنت مقاطعة الانتخابات النيابية والمحلية الأخيرة مع توقعها بخسارة تعزز من شرعية سعيد المستقرة أصلاً.
ورداً على ذلك، قال سعيّد متوجهاً للإخوان. إنّ “من دعوا إلى مقاطعة انتخابات أعضاء مجلس نواب الشعب وانتخابات مجلس الجهات والأقاليم يعدّون العدّة بكل الوسائل للموعد الانتخابي القادم. لأنّ لا همّ لهم سوى رئاسة الدولة، متناسين ماضيهم القريب والبعيد الذي لم ينسه الشعب”.
هذا وشهدت حركة “النهضة“، استقالات منذ سنوات كان أبرزها استقالة جماعية لحوالي 113 قياديًا بينهم برلمانيون سابقون، ووزراء سابقون. برروا تحركهم برفض الغنوشي التخلي عن قيادة الحركة. ولم تنجح الحركة التي تم إيقاف معظم رموزها من بينهم رئيسها الغنوشي ونائبه علي العريض. في تنظيم مؤتمرها الحادي عشر وسط خلافات حول قيادتها.