حصري

صراع بين أمريكا وإيران في السودان يثير المخاوف من تعقد الأزمة المنسية


تأخد الحرب في السودان منحنى جديدا مع تحولها لساحة صراع بين أميركا وإيران، مما يثير المخاوف من تعقد الأزمة المنسية وسط الحرب في غزة والصراع الروسي الأوكراني.

وقد سبق أن عيّنت الولايات المتحدة مبعوثاً خاصاً للسودان، وهو ما اعتبره المحللون تدخلا مباشرا من واشنطن في الأزمة، لمنع طهران من التفرد بالأزمة من خلال علاقاتها مع الجيش.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان إن توم بيرييلو، عضو الكونغرس السابق الذي عمل سابقاً مبعوثاً خاصاً لمنطقة البحيرات الكبرى في إفريقيا: “سيقوم بتنسيق سياسة الولايات المتحدة بشأن السودان وتعزيز جهودنا لإنهاء المعارك وتأمين وصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق ودعم الشعب السوداني في سعيه لتحقيق تطلعاته من أجل الحرية والسلام والعدالة”.

ويرى المتحدث باسم تحالف الحرية والتغيير المجلس المركزي شهاب إبراهيم الطيب، أن عوامل استمرار الحرب في السودان الخارجية أكبر من الداخلية.

وأوضح الطيب أن “الحرب” مرتبطة بدرجة أكبر بما يدور في الإقليم والتحولات الدولية وهي جزء من صراع النفوذ على المنطقة”.

“الدبلوماسية الناعمة”

من جانبه، يقول المحلل السياسي فايز السليك، إن أميركا بدأت تغير دبلوماسيتها تجاه الأوضاع في السودان من الدبلوماسية الناعمة، أو ما يعرف بسياسة الاحتواء وما يمكن تشبيهه بسياسات إطفاء الحرائق بدلاً عن منع وقوعها إلى دبلوماسية مزيج من المواجهة والمشاركة.

وأضاف السليك أن استقالة السفير الأميركي في الخرطوم جون غودفري، وتعيين مبعوث شخصي للرئيس يعني دخول الإدارة مباشرةً.

وأشار إلى أن هذه التطورات جاءت لعدة عوامل هي:

تعرّض إدارة بايدن لانتقادات من الكونغرس بسبب ملف السودان.

تطورات الحرب ميدانيا مع تزايد انتهاكات حقوق الإنسان، وبلوغ الحرب مرحلة قطع الرؤوس ببصمات داعشية، واحتمال تدحرج كرة اللهب خارج حدود السودان.

تهديد الأمن القومي الأميركي لا سيما بعد دخول إيران كداعم للجيش في وقت تمددت فيه قوات الدعم
السريع.

وكانت الولايات المتحدة أعربت عن قلقها إزاء تقارير عن شحنات أسلحة من إيران إلى الجيش السوداني.

وقال السفير الأميركي السابق لدى السودان جون غودفري، إن واشنطن تشعر بقلق بالغ إزاء الدعم الخارجي” لكل من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأضاف غودفري لصحفيين: “هناك تقارير عن استئناف العلاقات بين السودان وإيران يمكن أن تشمل دعما ماديا إيرانيا للجيش السوداني، وهو أمر يشكّل مصدر قلق بالنسبة إلينا”.
ونشرت قوات الدعم السريع الشهر الماضي على وسائل التواصل الاجتماعي ما قالت إنه حطام مسيّرة إيرانية الصنع من طراز “مهاجر” تابعة للجيش.
كما ذكرت وكالة “بلومبرغ نيوز نقلا عن مسؤولين غربيين أن إيران تزود الجيش السوداني بالأسلحة. وفي مطلع شهر فبراير، زار وزير الخارجية السوداني علي الصادق علي طهران لإجراء مشاورات مع المسؤولين الإيرانيين.

قلق أميركي من التدخل الإيراني

ومع سيطرة الجيش السوداني على مناطق على طول البحر الأحمر، من شأن وجود إيراني واسع نطاق أن يثير قلق القوى الغربية، في وقت يستهدف “الحوثيون” سفن شحن دولية على الجانب الآخر من الممر البحري
الإستراتيجي، تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة.

وقال السليك إن تدخل إيران يعني تهديد أمن البحر الأحمر وتزايد نفوذها في باب المندب. وأضاف: “ما يهم واشنطن هنا وضع السودان الجيوسياسي على سواحل البحر الأحمر وقلب إفريقيا وتخوم الشرق الأوسط”. أكد الطيب أن التدخلات الإيرانية لها ارتباط في دعم النظام الذي أسقطته الإرادة الشعبية، مشيرا إلى أن
بدوره،

بقاء النظام الساقط يحقق أحد أوراق إيران في الضغط على المنطقة العربية.
وقال: “كل” هذا جزء من المشروع للإسلام الحركي الذي تعتمد عليه إيران مثل الإخوان في السودان”. واندلعت الحرب في السودان في أبريل الماضي بسبب خلافات على صلاحيات الجيش وقوات الدعم السريع بموجب خطة مدعومة دوليا للانتقال السياسي نحو الحكم المدني وإجراء الانتخابات.

وتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السلطة مع المدنيين بعد سقوط الرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية عام 2019، قبل القيام بانقلاب بعد ذلك بعامين.
ولقي الآلاف حتفهم وفر 1.6 مليون شخص واضطر نحو 25 مليون شخص. أي أكثر من نصف السكان، إلى الاعتماد على المساعدات الدولية، وفقا لأرقام الأمم المتحدة ومنظمات مستقلة.
ويرى تقرير لمجلة “فيينشال تايمز” أن تعيين مبعوث أميركي خاص للسودان هو محاولة من واشنطن على طرفي الصراع لوقف الحرب.

وشغل بيرييلو سابقا منصب المبعوث الخاص لمنطقة البحيرات العظمى في إفريقيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، كما كان عضوا في مجلس النواب الأميركي عن ولاية فرجينيا.

“إسكات الرصاص”

وأكد الطيب أن تعيين مبعوث أميركي للسودان هو جزء من اهتمام الولايات المتحدة بملف الحرب بالسودان وهو
ما قد يساعد في حل الأزمة.
ويقول السليك إن مهمة المبعوث الجديد هي:
. إسكات الرصاص. تأمين وصول المساعدات.
. محاسبة المتورطين في جرائم الحرب وتكوين حكومة مدنية بإبعاد العساكر من السلطة.

وأشار إلى أن واشنطن تسعى لتحقيق ذلك عبر منبر تفاوضي يضم كلا من الاتحاد الإفريقي ومنظمة الإيغاد، بالإضافة إلى مصر والسعودية. مع احتمال إدخال أطراف أخرى بغرض محاصرة أمراء الحرب وداعميها.

وأضاف: “لن تكون المهمة سهلة، وقد تتفجر الأوضاع أكثر لعدم رغبة أطراف النزاع في وقف القتال”. يأتي التعيين الأميركي. بعد أشهر من اتهامات المواطنين السودانيين بأنّ العالم الخارجي تجاهل الحرب الأهلية التي اندلعت قبل 10 أشهر.

وقال المستشار الخاص السابق للإدارة المدنية السابقة أمجد فريد للصحيفة: “لا” يمكنك ترك سكان يبلغ عددهم 45 مليون نسمة يُعانون”.فيما أكد الخبير بالشؤون السودانية في مركز تشاتام” “هاوس للأبحاث في المملكة المتحدة، أحمد سليمان. أنّ “القوى الوسطى” ملأت الفراغ الذي خلفته الدول الغربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى