الحرب بين إيران وإسرائيل بدأت لـ«التو»
لطالما ظلت إسرائيل وإيران منخرطتين في صراع لم يخل من ضربات متبادلة بغض النظر عن هوية الفاعل ونصائح الحلفاء
لكن يبدو أن الحرب يين هذين البلدين قد “بدأت للتو”، من منظور تحليل في “فورين بوليسي” المتخصصة في القضايا العالمية والسياسة الداخلية والخارجية الأمريكية.
فالمجلة التي تتميز بمقالاتها التحليلية، ترى أن إسرائيل وإيران لا تزالان منخرطتين في حرب، والتي سوف تستمر إلى ما بعد اليوم. وطالما استمر هذا الصراع، فإن المنطق العملياتي له سوف يدفع نحو التصعيد.
“معجزتان”
واعتبرت أن ما حصل في الساعات الأولى من يوم 13 أبريل/نيسان الجاري، “معجزتان صغيرتان”.
الأولى: حين اعترضت إسرائيل بمساعدة حلفائها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة، نحو 170 طائرة بدون طيار، و120 صاروخا باليستيا، و30 صاروخا من نوع كروز تم إطلاقها من إيران باتجاه إسرائيل، وهو الأمر الذي حدّ من وقوع أضرار مادية أو بشرية.
الثانية: أنه بعد عدة أشهر من الضغوط الدولية المتزايدة، حظيت إسرائيل ببعض التعاطف الإيجابي.
ونظرا للنجاح المزدوج الذي حققه الهجوم الذي تم صده وتحسين الصورة بالنسبة لتل أبيب، فقد ورد أن الرئيس الأمريكي جو بايدن نصح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائلاً: “لقد حققت فوزا. خذ الفوز”.
وفي نفس الوقت، كان لدى مجموعة من الحلفاء والخبراء الآخرين نصيحة مماثلة لإسرائيل. ومع ذلك، لم تبد إسرائيل اهتماما كبيرا بأخذ هذه النصيحة.
وبينما قيل إن إسرائيل ألغت هجوما مضادا فوريا ويبدو أنها راضية عن “إبطاء الأمور”، كما طلب بايدن، فقد وعد قادتها – بما في ذلك وزير الدفاع يوآف غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، وعضو مجلس الوزراء الحربي بيني غانتس، ونتنياهو نفسه- بالانتقام.
وفجر الجمعة الماضية، قيل إن إسرائيل شنت ضربة مضادة على نظام دفاع جوي في قاعدة جوية في أصفهان وسط إيران.
طموحات نتنياهو
وعلى الرغم من أن الضربة تبدو رمزية إلى حد كبير، إلا أنها تثير السؤال التالي: لماذا تعارض إسرائيل الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين مرة أخرى، خاصة بعد أن هبّت تلك الدول نفسها لمساعدتها؟
وفق تحليل “فورين بوليسي”، هناك الكثير من الأسباب السلبية التي تفسر سبب رد إسرائيل على الهجوم.
بالنسبة للبعض، فإن الإجابة عن سبب رد إسرائيل على الهجوم تتلخص في طموحات نتنياهو.
ووفقا لهذه الرواية، فنتنياهو ببساطة يحاول إنقاذ نفسه، فهو لا يحظى بشعبية كبيرة داخل إسرائيل.
فضلا عن أن مصدره الرئيسي للشرعية السياسية – ادعائه بضمان أمن إسرائيل – قد لضربة شديدة بسبب هجوم حماس المباغت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن ثم، فمن غير المستغرب أن يجادل بعض المراقبين، بما في ذلك إيران، بأن نتنياهو يريد الحرب معها من أجل استعادة صورته محليا – أو على الأقل، لإطالة أمد الحساب السياسي منذ هجوم حماس، الأمر الذي يزيد من فرص بقائه السياسي.
وفي هذا الصدد، لفتت المجلة الأمريكية إلى أن نتنياهو قد يكون رجلا يائسا، لكن الضغط من أجل الانتقام لا يأتي منه وحده.
ففي الواقع، جاءت بعض الأصوات الأعلى داخل إسرائيل التي تدعو إلى شن هجوم مضاد من خصوم نتنياهو السياسيين، مثل غانتس وغالانت وغيرهما ممن لديهم أكبر قدر من المكاسب السياسية من هزيمة نتنياهو.
وبحسب استطلاعات الرأي، فمن المرجح أن يصبح غانتس رئيسا للوزراء إذا أجريت الانتخابات اليوم.
وليس من الواضح ما إذا كان ضرب إيران يشكل خطوة سياسية جيدة لنتنياهو أو أي شخص آخر.
ووفقا لاستطلاع الجامعة العبرية الذي نشر الأسبوع الماضي، فإن حوالي 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم المضاد “إذا كان يقوض التحالف الأمني لإسرائيل مع حلفائها”.
ووجد الاستطلاع نفسه أن 56% من الإسرائيليين قالوا إن بلادهم “يجب أن تستجيب بشكل إيجابي للمطالب السياسية والعسكرية من حلفائها” من أجل “ضمان نظام دفاعي مستدام مع مرور الوقت”.
وحتى داخل ائتلاف نتنياهو، لم تكن الضربة المضادة المحدودة التي شنتها إسرائيل يوم الجمعة بمثابة انتصار سياسي واضح. وهو ما بدا جليا في انتقاد وجهه وزير الأمن القومي اليميني إيتامار بن غفير، للرد الذي اعتبره “ضعيفا”.
وخلصت المجلة الأمريكية إلى وجود دافع أساسي وراء رغبة إسرائيل في ضرب إيران: وهو الانتقام.
ففي نهاية المطاف، حتى لو كان الهجوم غير فعال، فقد ألقت إيران نحو 60 طنا من المتفجرات مباشرة على إسرائيل، مما أدى إلى تحطيم القواعد غير المكتوبة لحرب الظل بين البلدين وإبقاء أمة بأكملها على حافة الهاوية، ولو لليلة واحدة فقط.