للتهدئة مع إسرائيل.. لبنان يتحفّظ على المبادرة الفرنسية
سلّم لبنان إلى فرنسا رده على مبادرة اقترحتها من أجل وضع حد للتصعيد مع إسرائيل، مبدياً تحفظه خصوصا على انسحاب مقاتلي حزب الله لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود وتوسيع نطاق تحرك القوة الأممية “اليونيفيل”، وفق ما أفادت مصادر سياسية ودبلوماسية اليوم الجمعة، فيما يبدو أن الحزب المدعوم من إيران فوّت على لبنان فرصة لتجنيبه الحرب.
ومنذ اليوم الذي أعقب بدء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف عبر الحدود بشكل يومي. لكن الأسابيع الأخيرة شهدت تصعيداً في وتيرة الهجمات.
وفي يناير/كانون الثاني حملت باريس إلى الطرفين مبادرة لنزع فتيل التصعيد الحدودي خشية من توسّعه، من دون إحراز تقدّم. وتمّ مطلع مايو/أيار تعديلها بطلب من لبنان الذي رأى أن النسخة الأولى تتماهى مع الطروحات الإسرائيلية.
وتقترح المبادرة المعدّلة وقف الأعمال العدائية من الطرفين، وانسحاب مقاتلي حزب الله وحلفائه لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود، وفق مسؤولين لبنانيين.
كما تنصّ على ضمان حرية حركة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) والسماح لها بتسيير دوريات في منطقة عملياتها من دون أي قيود وتعزيز انتشار الجيش اللبناني وعديده.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي “سلّم الجانب اللبناني ردّه مطلع الأسبوع، وتضمّن ملاحظاته على مسألة انسحاب المجموعات المسلحة والتعاون مع اليونيفيل والتطبيق الكامل للقرار 1701” الذي ينص على حصر الانتشار المسلح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني واليونيفيل.
وأفاد مسؤول لبناني، رفض الكشف عن هويته، بأنه تمت “صياغة الرد اللبناني بالتنسيق مع حزب الله“، القوة السياسية والعسكرية الأبرز في البلاد.
وقال مسؤول لبناني آخر، تحفظ عن ذكر هويته إن “اعتراض” لبنان تمحور بالدرجة الأولى حول انسحاب مقاتلي حزب الله لمسافة عشرة كيلومترات من الحدود، وعلى تمتع قوات اليونيفيل “بحرية الحركة” وتسيير دورياتها من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، فيما أكد مصدر مقرّب من الجماعة اللبنانية أنها “اعترضت على هاتين النقطتين”.
والعام الماضي، اصطدم تعديل مجلس الأمن تفويض قوة اليونيفيل لناحية منحها حرية الحركة للاضطلاع بمهامها من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني برفض لبناني خصوصاً من حزب الله.
ومنذ عام 2006، ليس لحزب الله أي وجود عسكري مرئي في المنطقة الحدودية اللبنانية. لكن خبراء وتقارير تفيد عن نقاط ومخابىء وأنفاق للحزب يتحرك عناصره فيها.
ورغم تأكيد المصدر المقرب من حزب الله أن الأخير لا يرفض المبادرة الفرنسية، إلا أنه اعتبر المباحثات الجارية حالياً بمثابة “وضع إطار للمفاوضات الحقيقية” بعد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فيما كرّر الحزب المدعوم من إيرن مراراً الإشارة إلى أن وقف اسرائيل حربها في قطاع غزة هو وحده ما يوقف إطلاق النار من جنوب لبنان.
وتنشط واشنطن كذلك من أجل احتواء التصعيد بين لبنان وإسرائيل. وزار موفدها آموس هوكستين لبنان وإسرائيل أكثر من مرة منذ بدء التصعيد، وحضّ الطرفين على إيجاد حل دبلوماسي، وسط خشية من اتساع نطاق التصعيد.
ويقول المسؤول اللبناني الثاني إن المساعي الأميركية “أفضل” من المبادرة الفرنسية، خصوصاً أنها تنصّ صراحة على ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
ومنذ بدء التصعيد عبر الحدود، قتل 402 على الأقل في لبنان. بينهم نحو 270 مقاتلاً من حزب الله و79 مدنياً، وفي الجانب الإسرائيلي قتل 14 عسكرياً وتسعة مدنيين، وفق الجيش”.
وفي سياق متصل أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الجمعة عن إجرائه سلسلة تدريبات تحاكي الحرب في لبنان وقال في بيان “تستمر قيادة المنطقة الشمالية في رفع الجاهزية للتعامل مع مختلف سيناريوهات القتال في المنطقة” وأوضح أن التدريبات نظمت .”في وقت سابق من هذا الأسبوع”، دون تحديد.
وأضاف أن “كتائب الاحتياط التابعة للواء السادس شاركت في مناورة لوائية في الجليل الغربي بقيادة المركز الوطني للتدريبات البرية”.
وأشار إلى أن التدريبات تحاكي “القتال في لبنان. حيث تمرنت قوات المشاة والمدرعات والهندسة إلى جانب قطاع اللوجستيات .والاتصالات والحوسبة على تأسيس التعاون العملياتي في المناطق الجبلية والوعرة مع استخدام تقنيات التمويه والقتال”.