ماذا تعرف عن فن “التبوريدة” المغربي؟
تجذب منافسات الدورة الـ23 لـ”جائزة الحسن الثاني” لفنون الفروسية التقليدية “التّبُوريدة” المقامة حاليًا في العاصمة الرباط، عشاق الفلكلور والتراث المغربي الأصيل.
وترجع فنون الفروسية التقليدية “التبوريدة” إلى القرن الـ15 الميلادي، وتعود تسميتها إلى “البارود” الذي تطلقه البنادق أثناء الاستعراض. ويرتبط هذا الموروث الثقافي بالمناسبات الاحتفالية بالبلاد مثل المواسم والأعياد الوطنية والدينية.
مشهد احتفالي
في صف مستقيم يصطف الفرسان وقد اعتلوا أحصنتهم. بلباسهم التقليدي الموحد المكون من “الجلباب، والتماغ (نعل جلدي تقليدي). والسلهام، والعمامة”، يترأسهم “المقدم” (قائد الخيالة)، الذي يتخذ مكانه في وسط الفرقة. وينسق حركات الفرسان والخيل معًا.
بعد برهة تُعطى الانطلاقة على إيقاع زغاريد النساء وتصفيق الحاضرين. وقبل الاقتراب من خط النهاية يتم إطلاق “البارود” في اللحظة نفسها من بنادق تسمى بالعامية المغربية “المكحلة”.
هذا المشهد الفرجوي، الذي يشد أنظار الجمهور المغربي والسائح الأجنبي. يُعيد إلى الأذهان تقاليد وعادات تختزل بعضًا من فصول التاريخ المغربي في علاقته بالحروب والمقاومة والاعتزاز بالحصان كرمز للشهامة.
وتشهد “التّبوريدة” التي تم إدراجها ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي حضورًا متميزًا في جل المهرجانات الشعبية بالبلاد؛ خصوصًا بالمناطق التي يغلب عليها الطابع القروي.
وجل جهات المملكة، ممثلة بما يطلق عليه بـ”السرْبات” (فرق الفرسان). تشارك في استعراضات “التبوريدة”، ويتم تقييم عرضهم حسب معايير دقيقة كملابس الفرسان. وطريقة استعمال البندقيات، وتزامن الطلقات. وفق ما توضحه “الجامعة الملكية للفروسية” عبر موقعها الرسمي.
تخليد شجاعة الأجداد
وتبعًا للمعطيات المتداولة، فإن الفروسية التقليدية “التّبوريدة” تقلد الهجوم العسكري. ويعرف مشاركة الخيول البربرية المتميزة بالخفة، وهي تحمل سروجًا ملونة. والهدف هو إنهاء السباق بإطلاق النار في نفس الوقت، وذلك لسماع دوي طلقة واحدة.
وخلال قرون مضت، كان سكان القرى بالمغرب يستعرضون مهاراتهم عبر “التبوريدة”. مستخدمين فيها النبال والأقواس، قبل أن يتطور الأمر إلى بارود البنادق (المكحلة).
-
مسجد الحسن الثاني جوهرة معمارية مغربية فوق مياه المحيط الأطلسي
-
آل باتشينو ينتظر طفلًا من حبيبته نور الفلاح في عمر 83 عامًا
ورأى علي شعباني، باحث في علم الاجتماع والشؤون التراثية. أن “التبوريدة” جزء من التراث الذي يفتخر به المجتمع المغربي، ويعمل جاهدًا على صيانته. لأنه يخلّد ما كان يتميز به الأجداد من شجاعة في غزواتهم وحروبهم لدحر الأعداء.
وأضاف شعباني أن فن “التبوريدة” ليس مهرجانًا عاديًا. لأنه يختزل مجموعة من القيم والمبادئ الثقافية والحضارية التي يتحلى بها المجتمع المغربي.
وأردف المتحدث، بأن “المغرب يستغل هذه الاحتفالات الفلكلورية كرافعة سياحية واقتصادية. لأنها تستقطب عددًا مهمًا من السياح، بالإضافة إلى مئات المتابعين عبر أرض الوطن. ما يسهم في خلق رواج اقتصادي وسياحي”.
ولأن “التبوريدة” تعكس انتصارات الأجداد، يستطرد شعباني “سارع المغرب إلى تسجيلها ضمن قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي. مخافة أن يسرقها بعض المتربصين بتراث المملكة”.