انقسام داخلي يعصف بالحشد الشعبي
ذكرت مصادر اعلامية عراقية أن رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض تراجع عن إعفاء حسين فالح المعروف باسم ‘أبوزينب اللامي’ من منصبه كمسؤول مديرية الأمن والانضباط في الهيئة، بينما ذهبت حسابات على منصات التواصل الاجتماعي بعضها موال للحشد وبعضها مناوئ له إلى الحديث عن صراع أجنحة ونفوذ.
ولم يتضح دور إيران في ما يجري من صراعات لكنها عادة تتدخل لضبط الوضع بما يضمن مصالحها ويؤمن نفوذها بمحاولة إعادة التوازن وكبح الانفلاتات والانقسامات، في حين يعتبر اللامي من بين المقربين منها والذي كان على صلة وثيقة بقائد فيلق القدس الراحل الجنرال قاسم سليماني مهندس إستراتيجية التمدد الايراني الخارجي والعمليات التي توصف بـ”القذرة” والذي كان يتمتع بنفوذ قوي على الميليشيات الشيعية الموالية لطهران.
ومنحت هذه العلاقة المسؤول عن الأمن والانضباط في الحشد نفوذا واسعا وحصانة إيرانية تجاوزت حتى سلطة الفياض نفسه، بينما يوحي ذلك بصراع داخلي على المصالح والنفوذ.
وفالح الفياض مؤسس حركة عطاء والرئيس والمستشار السابق لمجلس الأمن القومي العراقي، من الموالين لإيران لكن اللامي يبدو أكثر قربا وولاء ومرشحا لخلافته في حال قررت طهران استبعاد الفياض لحسابات سياسية.
ولم تطرح مسألة خلافة الفياض، لكن لإيران حساباتها الخاصة التي على أساساها تقوم بعملية تدوير المناصب داخل هيئة الحشد بما يضمن تحصين نفوذها.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي ذهبت بعض الحسابات إلى الحديث عن صراع أجنحة داخل الحشد وأن قرار إقالة اللامي والتراجع عنه في أقل من 24 ساعة، يشير كذلك إلى أن عبدالعزيز المحمداوي المعروف باسم ‘أبوفدك’ قائد أركان الحشد الشعبي بدأ يشعر بخطر الإقالة وهو من لعب دورا في إعادة مسؤول الأمن والانضباط لمنصبه.
وبحسب مصادر عراقية، أجبرت ضغوط وردود فعل غاضبة من قبل قادة الميليشيات الشيعية الموالية لإيران وسياسيين، الفياض على إعادة مسؤول الأمن والانضباط إلى منصبه.
وقال حساب ‘ولائي وطني’ في تدوينة “بعد اصدار فالح الفياض قراره باقالة ابوزينب اللامي من مديرية الامن في هيئة الحشد اتصل احد القيادات الكبيرة في الكتائب بالفياض وطلب اصدار بيان ينفي الخبر والتراجع بشكل فوري عن الاقالة الا ان الفياض رفض ذلك”
وتابع “على اثر ذلك ارسلت الكتائب اكثر من 15 عجلة مسلحة تحمل اسلحة ثقيلة طوقت مديرية الامن وسيطرت على مقرها وابلغوا الفياض بالنص ( ممنوع احد يجي يستلم منصب ابو زينب ) وقد شوهدت العجلات ليلا وهي تطوق المديرية امام انظار الناس”، مضيفا “حاليا العجلات في الكراج الخلفي لمديرية الامن ومسلحي الكتائب مسيطرين على البناية والسوداني اتصل بابو فدك للتفاوض معهم وتهدئة الموقف”
وكان رئيس الحشد قد أصدر الخميس قرارا بإقالة اللامي من منصبه وتعيين نائب مدير أمن الحشد علي الزيدي خلفا له بينما لم تتضح في حينها أسباب الإقالة، لكن القرار جاء على الأرجح في خضم خلافات داخلية وانقسامات داخل الائتلاف العسكري الذي يضم الفصائل الشيعية المسلحة التي جرى إدماجها في القوات المسلحة العراقية لكن كثير من العراقيين يعتبرونها جيشا رديفا للجيش العراقي وتتمتع بتسليح عال وبصلاحيات أمنية واسعة.
ويفترض أن هذه القوات الميليشاوية تخضع لسلطة القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية أي رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لكن حوادث سابقة أثبتت أنها قادرة على التمرد على قراراته وأن ولاءها لطهران أكبر من ولائها للجيش العراقي.
ويتمتع اللامي بشعبية لدى تلك الميليشيات المسلحة وكان عضوا بكتائب حزب الله العراقي إحدى أكبر الفصائل العراقية التي تتهمها الولايات المتحدة بشن هجمات على قواتها ومصالحها في العراق والتي سبق لها أن قادت عملية اقتحام أسوار السفارة الأميركية في بغداد في العام 2020 بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وأبومهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي في هجوم بطائرة مسيرة أميركية.
ويتولى كذلك مسؤولية الأمن بالحشد الشعبي وهو من الشخصيات التي فرضت عليها واشنطن عقوبات في العام 2019 لدوره في ما تقول مصادر أميركية وعراقية في إصدار أوامر باستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة في احتجاجات العام 2019 التي طالبت إيران برفع يدها عن العراق ودعت لكبح نفوذها.
وقتل في تلك الاحتجاجات أكثر من 600 متظاهر كما تم اغتيال واختطاف وتعذيب العديد من النشطاء في تلك الفترة وبعدها، في عمليات نسبت للميليشيات الموالية لإيران ومن بينها ميليشيات الحشد، لكن اللامي نفى اي دور له في عمليات القتل.
-
الخارجية الأميركية تصنف مجموعة مسلحة عراقية منظمة إرهابية
-
السفيرة الأميركية في العراق تتوعد ميليشيات إيران
ويشير تراجع الفياض عن إعفاء اللامي إلى أنه ليس صاحب القرار الوحيد في هيئة الحشد على رغم من نفوذه الواسع وقربه من إيران، لكن يرجح أيضا أن طهران قد تكون تدخلت لإعادة مسؤول الأمن والانضباط في الحشد لمنصبه.
وقد يكون الفياض اتخذ قرار الإعفاء دون الرجوع إلى دوائر القرار الإيراني، حيث يخضع الحشد إلى إشراف قائد فيلق القدس الجنرال اسماعيل قاآني.