الشرق الأوسط

في أسبوع واحد.. كيف أسقطت إسرائيل حزب الله؟


خلال أسبوع واحد تمكن الجيش الإسرائيلي من حصد ثمار عقود من التخطيط للقضاء على قادة حزب الله، والاقتراب من تحقيق هدف إعادة سكان الشمال.

وتمكنت إسرائيل خلال هذا الأسبوع من شن عدة عمليات، أبرزها عملية تفجير أجهزة نداء مفخخة (بيجر)، وأجهزة الاتصال اللاسلكي (الووكي توكي) وتدمير مخازن الأسلحة ومراكز القيادة ومراكز الاستخبارات وتفريغ الجنوب وقتل قيادات حزب الله

وبدأ الأسبوع بسقوط أحجار الدومينو بالانفجار المروع لآلاف أجهزة النداء (بيجر) التي وزعها “حزب الله”، وانتهى بتأكيد الجيش الإسرائيلي مقتل حسن نصر الله، إثر موجة غير مسبوقة من الغارات الجوية الإسرائيلية عبر لبنان، التي كانت بمثابة أحد أكثر الأيام دموية في تاريخ البلاد الدموي بالفعل.

وقد سلطت انفجارات أجهزة النداء والهواتف المحمولة، والقضاء الممنهج على قادة “حزب الله”، على رأسهم حسن نصر الله، والقصف الجوي المكثف الضوء على أمر لم يره سوى قِلة من المراقبين، فقد كانت إسرائيل تستعد لهذا الصراع الكبير لأكثر من خمسة عشر عاما.

سنوات الإعداد

 

ويرى هلال خشان، خبير حزب الله في الجامعة الأمريكية في بيروت في مقابلة مع صحيفة “تليغراف” البريطانية، أن الخيانة كانت السبب وراء السقوط المدوي لقادة حزب الله، فكلما كبر حجم المنظمة كلما كانت أكثر عرضة للتجسس.

ويضيف أن الأزمة المالية العميقة في لبنان، التي تعد من بين الأسوأ في تاريخ العالم منذ 150 عاما، فتحت الباب أيضا للإغراءات المالية داخل الحركة.

وقال خشان إن “الفقر في لبنان أصبح تربة خصبة لتكاثر الجواسيس الذين يعملون لصالح إسرائيل”.

كما يعتقد فيليب سميث، الباحث في جامعة ماريلاند والمتابع لنشاطات وكلاء إيران في منطقة الشرق الأوسط، أن الاختراق الحاصل في حزب الله هو مزيج من الجهود المركزة التي استمرت لسنوات”.

ويوضح في حديثه لموقع “الحرة” أن “الإسرائيليين كانوا يدركون التهديد الذي يمكن أن يشكله الحزب منذ عقود من الزمان، ويضعون في الحسبان أنشطته التي انخرط بها منذ هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول”.

وعلى هذا الأساس “من المنطقي تماما أن يبحثوا عن أي وسيلة للدخول إلى بنية حزب الله اللبناني الغامضة إلى حد ما”.

غير قابل للإصلاح

 

ويرى سميث أن عملية إغلاق الثغرات تحتاج إلى قدر كبير من إعادة الهيكلة والوقت والمال، ويعتقد أن “الضرر الذي لحق بالشعور بالأمن سوف يكون غير قابل للإصلاح على الأقل في الأمد القريب، فضلا عن ذلك فإن الأعداد المستهدفة كانت ضخمة (بتفجيرات بيجر واللاسلكي)”.

ويرى أنه “عندما تحاول مجموعة ما سد مثل هذه الفجوات (الأمنية) فإن هذا يؤدي إلى المزيد من انعدام الثقة الداخلية، وهذا من شأنه أن يتسبب في المزيد من المشاكل التي قد تؤدي إلى تدهورها”.

وتقول لينا الخطيب، زميلة في مركز تشاتام هاوس للأبحاث “على الرغم من أن حزب الله الآن بعيد عن الانهيار، فإنني أعتقد أنه يواجه أعظم تحد في تاريخه، فحزب الله ليس متشككا فقط في وجود جواسيس بين صفوفه، بل إنه سيفقد أيضاً ثقته بأي شكل من أشكال التكنولوجيا المستخدمة في التواصل”.

وتضيف الخطيب “لا أعتقد أن حزب الله سيكون قادرا على التعافي من هذه الخسارة التاريخية، لن يكون ذلك شيئا نراه في المستقبل القريب، ولكن العواقب الطويلة الأجل للأضرار التي لحقت بحزب الله ستكون في اعتقادي غير قابلة للإصلاح”.

كما أكد أحد كبار مصادر الاستخبارات الإسرائيلية، الذي كان في الخدمة لمدة 30 عاما، إن موجة التصعيد الأخيرة للاغتيالات فتحت الباب لاستهداف زعيم حزب الله.

إسقاط الرأس

 

وقال المصدر قبل هجوم يوم الجمعة على المقر الرئيسي في بيروت “في الماضي تجنبت إسرائيل اغتيال نصر الله، لأنه يشبه تقريبا اغتيال رئيس دولة، وعادة ما تتجنب إسرائيل القيام بأشياء من هذا القبيل. لكن الآن أصبحت اللعبة مختلفة”.

وبغض النظر عن الاغتيالات التي طالت كبار القادة فإن الهجمات التي استخدمت فيها أجهزة النداء واللاسلكي أدت إلى مقتل أو تشويه أو إعاقة العديد من كبار القادة ومتوسطي المستوى المخضرمين، لدرجة أن حزب الله شهد انخفاضا كبيرا في قدرته العسكرية على خوض الحرب، واعترف أحد مصادر حزب الله بأن نحو 1500 مقاتل فقدوا بصرهم أو أطرافهم.

وقال خشان “لقد تم القضاء على معظم الأشخاص الذين يعتبرون جديرين بحمل جهاز النداء، وهذا يعني أن الأشخاص الذين يديرون العديد من عمليات حزب الله في الوقت الحالي هم من الشباب عديمي الخبرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى