سياسة

تدمير واسع في القنيطرة.. التوغل الإسرائيلي يأتي على آلاف الدونمات الزراعية


 يعاني سكان قرى محافظة القنيطرة جنوبي سوريا من استمرار التوغل الإسرائيلي الذي استهدف أراضيهم الزراعية ومصدر رزقهم الوحيد، حيث دمّرت جرافات الاحتلال مئات الدونمات من الغابات وأفسدت الأشجار المثمرة.

وبين 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 ويوليو/تموز الماضي، أنشأ الجيش الإسرائيلي 10 نقاط عسكرية في ريف دمشق ودرعا والقنيطرة، لكنه ضاعف هذا العدد تقريبًا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ليصل إلى 19 نقطة.

ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، ينفذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على الأراضي السورية، وتجاوز المناطق المحتلة من هضبة الجولان إلى داخل المنطقة العازلة، في انتهاك واضح لاتفاق فضّ الاشتباك الموقع عام 1974.

وخلال الأسبوعين الأخيرين، كثَّفت القوات الإسرائيلية انتهاكاتها في الجهة السورية من المنطقة العازلة، عبر تنفيذ حملات دهم واعتقال وعمليات تفتيش.

أطفال يبكون من الخوف

وفي أحاديث للأناضول، أفاد سكان محليون بأن القوات الإسرائيلية دمّرت خلال توغلاتها مئات الدونمات من الغابات والأراضي الزراعية باستخدام الجرافات، لا سيما في محيط قرى حضر، وجباتا الخشب، وطرنجة، وأوفانيا، والرويحينة.

ربا دوارة، وهي من سكان قرية جباتا الخشب، قالت إن حياتهم تحولت إلى “كابوس” بسبب حملات الدهم الإسرائيلية المستمرة، مضيفة “أطفالنا يبكون من الخوف. حتى الصغير البالغ من العمر 4 سنوات يطرحونه أرضًا. يعتقلون من يشاؤون من الشبان، ولا نملك قوة لمقاومتهم”.

وذكرت أن الجيش الإسرائيلي يهاجم القرية بالدبابات ومئات الجنود، مع أنهم لا يريدون إلا السلام والاستقرار.

دمروا مئات الدونمات

من جهته، أشار مدير الزراعة في القنيطرة جمال محمد إلى حجم الدمار البيئي والزراعي الذي سبَّبته الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة.

وأردف “تدمير غابة جباتا الخشب يوم الجمعة 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري لم يكن الأول. في قرية شحارة دمروا 50 دونمًا، وهنا 130 دونمًا، ومؤخرًا 110 دونمات إضافية. لقد دمّروا مئات الدونمات”.

وأوضح مدير الزراعة في القنيطرة أن بعض الأشجار المتضررة يعود عمرها إلى أكثر من 300 أو حتى 1000 عام. وذكر أن مساحة الأراضي التي أفسدتها إسرائيل في قرية جباتا الخشب وحدها بلغت 700 دونم.

أما المزارع أبوأنس فقال بأسى إن رزقهم الوحيد قد دُمِّر بالكامل على يد القوات الإسرائيلية المتوغلة، مضيفا “اقتحموا الغابات والأراضي الزراعية، وحرمونا من كل مصادر المياه في القرية. دمروا مئات الدونمات بالجرافات. أفسدوا بساتين التفاح والكرز لدينا. نحن فقراء ولا نملك مصدر دخل آخر”.

بدوره، قال مختار قرية جباتا الخشب محمد مريود إن حملات الدهم الإسرائيلية أصبحت عادة يومية، مضيفا “ينصبون حواجز تفتيش، وينفذون اعتقالات عشوائية. دمّروا الأراضي الزراعية والغابات الخاصة بالسكان. عمَّ الخوف والذعر بين الأهالي. نطالب بوقف المداهمات والاعتقالات فورًا”.

مواقع عسكرية على تلال استراتيجية

عدسة الأناضول رصدت في القنيطرة المواقع العسكرية الإسرائيلية الجديدة، وآليات الحفر المستخدمة في إنشائها، والرادارات والكاميرات المثبَّتة في بعضها، إضافة إلى المساحات الواسعة من الغابات والأراضي الزراعية التي دمّرتها جرافات الاحتلال.

ويتضح أن النقاط العسكرية الإسرائيلية غالبًا ما تُقام على تلال استراتيجية أو قرب التقاطعات الحيوية للطرق، ما يمنحها سيطرة مباشرة على التحركات في المنطقة.

وتقع النقطة الإسرائيلية في تلول الحمر على بُعد 40 كيلومترًا من العاصمة دمشق، وهي الأقرب إلى المدينة، فيما تُعدّ أكبر نقطة تمركز في المنطقة في قرية جباتا الخشب.

كما أنشأت إسرائيل نقطة مراقبة في جبل الشيخ الشرقي ونقطة متنقلة في قرية بيت جن بريف دمشق، بينما تنتشر 5 نقاط أخرى في درعا ببلدات الشجرة، ومعرية، وعابدين، والجزيرة.

وفي القنيطرة وحدها، توجد 14 نقطة عسكرية إسرائيلية في مناطق موزعة في سفوح الجولان وداخل المنطقة العازلة، بما يسمح للجيش الإسرائيلي بمراقبة التحركات المدنية والعسكرية في الجنوب السوري بشكل مباشر.

ورغم أن الإدارة السورية الجديدة القائمة منذ أواخر ديسمبر 2024 لم تُشكِّل أي تهديد لتل أبيب، توغَّل الجيش الإسرائيلي مرارًا داخل أراضي سوريا وشن غارات جوية قتلت مدنيين ودمَّرت مواقع وآليات عسكرية وأسلحة وذخائر للجيش.

ومنذ 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت أحداث الإطاحة بالرئيس المخلوع بشار الأسد أواخر 2024 لتوسيع رقعة احتلالها في الجنوب السوري.

زر الذهاب إلى الأعلى