شرب الماء خلال الوجبات.. بين الفوائد والمخاوف الهضمية
تقدّم الدكتورة أوكسانا ميخاليفا توضيحات علمية حول الاعتقادات الشائعة المتعلقة بشرب الماء والسوائل مع الطعام، خاصة الشاي والقهوة.
تؤكد الدكتورة أوكسانا ميخاليفا، المتخصصة في الغدد الصمّاء والتغذية، أن الاعتقاد بأن شرب الماء أو الشاي أو القهوة أثناء تناول الطعام يعطّل عملية الهضم أو يسبب اضطراباً في المعدة لا يستند إلى أساس علمي، موضحةً أن هذا المفهوم متداول منذ فترة طويلة رغم عدم وجود بيانات تثبت صحته.
وتبيّن الطبيبة أن من أكثر المفاهيم انتشاراً الاعتقاد بضرورة الامتناع تماماً عن شرب السوائل مع الطعام، سواء كانت الماء أو الشاي أو القهوة أو العصير، بزعم أن السوائل تُخفّف حمض المعدة وتعيق قدرة الجهاز الهضمي على معالجة المكوّنات الغذائية.
هل يسبب شرب السوائل مع الوجبات تمدد المعدة؟
تشرح ميخاليفا أن المعدة تفرز بصورة مستمرة الكمية المطلوبة من الحمض القادرة على هضم مختلف الأصناف الغذائية، معتمدةً في ذلك على مستقبلات كيميائية تحدد درجة التركيز اللازمة وتضبط إنتاج الحمض. وتشير إلى أن دخول السوائل قد يؤدي إلى خفض مؤقت في تركيز العصارة المعدية، إلا أن خلايا المعدة تعيد موازنة ذلك فوراً عن طريق زيادة الإفراز، ما يجعل العمليات الهضمية تسير وفق المعدل الطبيعي.
كما تضيف أن الأطعمة ذات المحتوى الرطوبي المرتفع تمتزج بكفاءة أكبر مع العصارة المعدية، الأمر الذي يسهِم في تفكيكها بسرعة أعلى وبفاعلية أكبر. وترى أن هذا التفاعل لا يشكّل عبئاً على الجهاز الهضمي، بل يساعد على تقدّم عملية الهضم وفق نسق متّسق.
وتنفي الطبيبة كذلك صحة الاعتقاد المتعلق بأن شرب السوائل مع الطعام يؤدي إلى تمدد المعدة أو زيادة الشعور بالانتفاخ، موضحةً أن الماء يُمتَص بسرعة ويغادر المعدة خلال دقائق معدودة، وهو ما يمنع حدوث أي تمدد ناجم عن بقائه داخلها. وتوضح أن الشعور بالانتفاخ يرتبط غالباً بالإفراط المزمن في تناول الطعام وليس بدخول السوائل إلى الجهاز الهضمي أثناء الوجبة.

فوائد شرب السوائل أثناء الطعام
تشير ميخاليفا إلى أن شرب السوائل أثناء تناول الطعام قد يكون مفيداً في بعض الحالات المرضية للجهاز الهضمي، إذ يساعد على جعل الطعام أكثر انسجاماً ويُسهّل مروره. كما قد يكون ذلك ذا فائدة عند الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، لأن السوائل تؤدي إلى انتفاخ الألياف الغذائية داخل المعدة بما يصل إلى ضعفين أو ثلاثة من حجمها الأصلي، ما يعزّز الشعور بالشبع بصورة أسرع.
أما بالنسبة لشرب الشاي والقهوة بشكل معتدل مع الوجبات، فتوضح الطبيبة أنه لا يشكّل مشكلة صحية كما يعتقد البعض، رغم وجود التانينات في هذه المشروبات. وتبيّن أن هذه المواد لا تؤثر في امتصاص الفيتامينات، وأن تأثيرها على المعادن محدود جداً ويظهر غالباً عند تناول مكملات معدنية فقط، بينما تكون المعادن الموجودة طبيعياً في الأطعمة مرتبطة عادةً بجزيئات أخرى، في الغالب الأحماض الأمينية، ما يقلل احتمال تأثر امتصاصها بكوب أو كوبين من هذه المشروبات.
وتشدد ميخاليفا على ضرورة الانتباه عند تناول المكملات المعدنية تحديداً، لأن الشاي والقهوة قد يقللان من قدرة الجسم على امتصاص مكملات المغنيسيوم والحديد والنحاس والزنك والكالسيوم. لذلك توصي بترك فاصل زمني يتراوح بين ساعتين وأربع ساعات بين تناول تلك المكملات وشرب هذه المشروبات، مشيرةً إلى أن الأمر ذاته ينطبق على بعض أصناف الأدوية التي قد يتأثر امتصاصها عند تناولها مع الشاي أو القهوة.
