استولى صيادون من منطقة ديابالي (شمال مالي) على شاحنة مُحمّلة بقذائف ومنصات إطلاق، على بعد أقل من 100 كيلومتر من الحدود مع موريتانيا.
وبالإضافة إلى الذخيرة، كانت الشاحنة تحمل الوقود للإرهابيين. يجب أن نُذكّر هنا بأنه قبل تنفيذ أول هجوم بسيارة مفخخة في تمبكتو، استخدم المهاجمون قاذفات قنابل يدوية قبل تفجير السيارة. وقبل المرور عبر ديابالي، عبرت هذه الشاحنة عدة حواجز أمنية لا تقوم بعملها كما ينبغي. ومن غير المعروف كيف قرر الصيادون، -الذين كانوا يتوفرون على معلومات عن الحمولة- تفتيش الشاحنة. ونؤكد، مرة أخرى، أن مكافحة الإرهاب لا تقتصر على جنود الخطوط الأمامية فقط. لو لم يتم إيقاف هذه الشحنة لكان الإرهابيون قد أزهقوا الكثير من الأرواح.
وتُظهر مُصادرة هذه الذخائر نقطة أخرى في غاية الأهمية، وهي أن الشحنة لم تسلك الطريق المعتاد، مما يدل على أن الإرهابيين يعيدون التأقلم باستمرار مع الوضع، حيث تم نقل الأسلحة من الجنوب إلى الشمال.
وقبل أسبوع واحد فقط، أعلن الصيادون في هذه المنطقة أنهم توصّلوا إلى اتفاق لوقف مؤقت لإطلاق النار مع إرهابيي تنظيم القاعدة، في اجتماع ضم مئة من صيادي “دوزو” ومئات آخرين من عناصر مايسمى “كتائب تحرير ماسينا”. ليس هناك من داعٍ للتذكير بالرفض المطلق لأي اتفاق، مهما كانت شروطه، مع الإرهابيين. نعلم جيداً أسباب ونتائج ذلك، فهم يوقفون إطلاق النار لأنه يصب في مصلحتهم في ذلك الوقت. وبالإضافة إلى تحقيقهم هدف تخفيف التوتر حتى يتمكنوا من نقل المزيد من الأسلحة بسهولة، تفاوض الإرهابيون مع الصيادين على السماح لهم بدخول القرى. ومن جانبهم، “سمح” الإرهابيون للسكان بالذهاب لزراعة حقولهم أو بيع مواشيهم.
إنها مناورة ماهرة من قبل “كتائب تحرير ماسينا”، فقد وقّعوا الاتفاق لتسهيل وصول المؤن إليهم، لا سيما وأنه في نهاية شهر رمضان المقبل، في 12 مايو/أيار، ستدخل المنطقة في موسم الأمطار وستكون العديد من الطرق التي تقودهم إلى ملاجئهم مغلقة. وتشير آخر التقارير إلى أن تنظيم القاعدة في منطقة الساحل لديه ما بين 1600 و2000 إرهابي في صفوفه.
على بعد نحو 1000 كيلومتر إلى الشرق من المنطقة التي وقعت فيها الأحداث التي أشرنا إليها آنفاً، يبدو أن الجماعة الإرهابية الأخرى، تنظيم داعش، يريد أيضاً كسب الشهرة. وحذر السكان المحليون من وصول إرهابيين يتحدثون لغة أجنبية. وبعد شهر واحد فقط من اجتماع مجموعة دول الساحل الخمس في نجامينا، حيث اتفقت عدة دول على ضبط الإجراءات المعتمدة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل، شعر تنظيم داعش أنه معني بشكل مباشر بهذه القرارات وعقد العزم على الهجوم بقوة مرة أخرى.
منذ عام 2020، تحوّلت كل من تيلابيري وتاهوا في النيجر إلى قواعد لـ”تنظيم داعش في الصحراء الكبرى”. وكان عناصر التنظيم يتواجدون سابقاً في ميناكا (مالي) حتى تم طردهم العام الماضي من قبل الجيش المالي وقوة برخان الفرنسية، كما تم طرد عناصر القاعدة في منطقة الساحل الذين لجؤوا إلى النيجر.
في ستة أيام فقط، قتل تنظيم داعش أكثر من 200 شخص في مجزرة مروّعة، لدرجة أن “القاعدة” كان عليها أن تتبرأ من الهجوم وتنفي وجود أي علاقة لها به.
في 15 مارس/آذار الجاري، قتل تنظيم داعش الإرهابي 60 شخصاً كانوا عائدين من السوق الأسبوعي في بانيبانغو. وفي نفس اليوم قُتل 33 جندياً مالياً في تيسيت (مالي). وفي نفس الشهر، أعدم التنظيم 157 مدنياً في تيليا (النيجر). وفي 24 مارس/آذار أيضاً، استمر التتنظيم في عمليات القتل بتصفيته ما لا يقل عن 13 شخصاً في تيلابيري بالنيجر.
وإذا استطعنا الخروج بأي استنتاج من كل هذا، فهو أن تنظيم داعش قد جلب مقاتلين إلى صفوفه (بعضهم أجانب) وأنه يريد كسب المعركة الإعلامية من خلال هجماته التي لا يعير فيها أي اهتمام لأرواح السكان المحليين. وفي غضون ذلك، لا يوجد أي مؤشر على وجود مقاومة قوية أو تصد لتقليص هجماته، للأسف.