اخترنا لكم

العراق نحو الدولة المؤسساتية

حسين الشيخ


ما زال العراق يعيش الصراع على السيادة والهوية من جهةٍ وعلى تكريس مفهوم الدولة من جهةٍ أخرى.

صراعٌ أشبه ما يكون بالرمال المتحركة التي كلما حاولت الدولة العراقية الخروج منها لاقت مقاومة شديدة من بعض الشخصيات غير الراغبة بتحرر العراق من قيود العبث والفوضى، ولكن هذا لم يثن الحكومة العراقية برئاسة السيد مصطفى الكاظمي عن المضي في تنفيذ مشروعها الرامي إلى استعادة الدولة العراقية بجميع مؤسساتها، وهذا ما صرح به الرجل منذ توليه المنصب في 7 مايو 2020 برضا شعبي وسياسي وإن كان محدودا إلا أنه الخيار الأفضل للعراق في المرحلة المقبلة.

في الواقع لا يمكن للعراق أنْ يكونَ بلداً آمناً مستقراً دون فرض هيبة الدولة المؤسساتية ذات الأجهزة الأمنية والعسكرية والسياسية والإدارية الوطنية القادرة على تكريس هذا المفهوم ولو بالقوة، بالضرب على يدِ كلّ من تسوّل له نفسه العبث بهوية العراق واستقراره، وهو ما صرّح به مصطفى الكاظمي غير مرة، فكثيرة هي العوامل التي تساعد الحكومة على تنفيذ ما رسمته لنفسها ومنها ما يلي:

أولا: الدعم الداخلي وصوت الشارع العراقي الذي وإن كان منزعجا من الأحوال الاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد، إلا أن جزءا كبيرا منه يؤيد ما تأتي عليه الحكومة العراقية من تصرفات ستضع حدا للسلاح المنفلت، وكذلك فتح ملفات الفساد الكبرى التي يطالب بمعالجتها العراقيون والتخلص من التركة الثقيلة في هذا الملف المورّثة من الحكومات السابقة.

ثانيا: الدعم العربي، فعلى الرغم من وجوده فإنه بحاجةٍ للمزيد من الجهود السياسية والدبلوماسية لدعم حكومةٍ عراقيةٍ وطنيّة سياسياً واقتصادياً، تعمل على بناء هيكليّةٍ سياسية تتوافق والطبيعة الاجتماعية العراقية ضمن إطار الهوية الفطرية والوجودية لبلاد الرافدين، بالإضافة إلى تكثيف التعاون مع المجتمع الدولي لمساندة العراق على تخليصه من حالة السلاح المنفلت والانتقال به إلى مصاف الدول الآمنة والمستقرة من الناحيتين الأمنية والاقتصادية، ويُلحق بها الاستقرار السياسي من خلال إجراء الانتخابات البرلمانية وفق قواعد دستورية تحفظ للجميع المشاركة النزيهة بما لا يدعو للشك بها أو الطعن بنزاهتها. 

 ثالثا: الدعم الدولي، ويكون بالتنسيق التام مع القوى العربية في العمل بجديّةٍ على ملفّ فرض النموذج الحقيقي لمفهوم الدولة والتخلص من كل الأذرع الموالية لغير العراق بلدا مستقلا، لأنّ بقاءها سيحول المنطقة بكاملها إلى بؤرة صراعاتٍ عبثيّةٍ، ولا يكون ذلك إلا بالدعم الحقيقي للمؤسسات الوطنية العسكرية والأمنية والسياسية العراقية.

وفق هذه المعادلة فقط يستطيع العراق أنْ ينجو من شتات الدولة في صحراءَ شاسعةٍ يطارد فيها الوطنيُّ العراقيُّ سراباً خادعاً، وإلّا فليس أمام العراق إنْ تُركَ وحيداً إلا السلاح المنفلت الذي لا همّ له إلا أن يقوّض سلطة الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى