“الباغيت” يطيح بأول رئيسة حكومة في تونس
أنهى الرئيس التونسي قيس سعيّد قُبيل منتصف ليل الثلاثاء مهام رئيسة الحكومة نجلاء بودن وعيّن خلفا لها مسؤولا سابقا في البنك المركزي هو أحمد الحشاني طالبا منه مواجهة “تحديات كبيرة”.
ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه تونس أزمة اقتصادية ومالية نتج عنها اضطراب متواصل في التزود ببعض السلع الأساسية.
وقالت الرئاسة التونسية عبر حسابها الرسمي على فيسبوك إن الحشاني أدى اليمين رئيسا للحكومة أمام الرئيس سعيد خلال موكب رسمي.
ونشرت الصفحة الرسمية للرئاسة صورا لموكب أداء اليمين في القصر الرئاسي.
ولم توضح الرئاسة التونسية سبب إقالة بودن، التي كانت أول امرأة تقود حكومة في تونس، لكن عددا من وسائل الإعلام المحلية أشار إلى استياء سعيد من نقص في عدد من المواد، ولا سيما نقص الخبز في المخابز المدعومة من الدولة.
وجاء في مقطع فيديو وبيان نشرتهما الرئاسة أنّ سعيّد “قرّر مساء اليوم… إنهاء مهام السيّدة نجلاء بودن رمضان” التي كانت أوّل امرأة تقود حكومة في تونس.
وعلى الفور، أدّى رئيس الحكومة الجديد، غير المعروف لدى عامّة الناس، اليمين الدستوريّة أمام سعيّد، حسبما أظهر مقطع الفيديو الذي نشرته الرئاسة.
وفي أعقاب تأديته اليمين، تمنّى له سعيّد “التوفيق في هذه المسؤوليّة التي سيتحمّلها في هذا الظرف بالذّات”.
وقال سعيّد إنّ هناك “تحدّيات كبيرة لا بدّ أن نرفعها بعزيمة صلبة وبإرادة قويّة للحفاظ على وطننا وعلى دولتنا وعلى السلم الأهلي”.
وأضاف “أنا على يقين من أنّك ستعمل على الحفاظ على الدولة وتناغم مؤسّساتها وتكاملها”.
كما أكّد أنّه سيتمّ العمل على تحقيق إرادة الشعب، والعدل المنشود، مجدّدا تشديده على أنّه “لا مجال للعودة إلى الوراء”. في إشارة لما قبل 25 يوليو 2021، أي لعهد حكم حركة النهضة الإسلامية وحلفائها.
وخلال إشرافه على موكب تسلم أحمد الحشاني لمهامه الاربعاء بحضور بودان تحدث سعيد عن ابرز عناوين المرحلة المقبلة مشددا على ضرورة ”مواصلة تطهير البلاد ومحاسبة الفاسدين الذين يعتقدون أنهم فوق كل مساءلة أو حساب”
واكد أن الدولة لن تتخلى عن دورها الإجتماعي مطالبا العاملين بالإدارة إلى تحمل المسؤولية بكل صدق و أمانة و خدمة التونسيين و عدم تعطيل العمل الحكومي.
وجدد حديثه بشان إعداد مشروع قانون لمراجعة التعيينات التي تمت في العشرية الأخيرة بناء على الولاءات و بشهائد مدلسة.
وتحدث عن محاولات بعض اللوبيات والتكتلات مواجهة جهود الاصلاح قائلا ” أنه في المدة الأخيرة تم استكمال كل الوثائق في احدى الملفات و لكن هناك من لم يقم بالإمضاء بهدف تعطيل المشاريع وارتباطه باللوبيات”.
وتعيش تونس أزمة مالية غير مسبوقة، وسط تعثر مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 1.9مليار دولار، بعدما رفض سعيد أي إصلاحات من شأنها أن تشمل خفض دعم الغذاء والطاقة قائلا إن القيام بذلك قد يتسبب في توترات اجتماعية حادة.
ويبدو أن الرئيس التونسي يعتزم ضبط أوتار اقتصاد البلاد بتعيين أحمد الحشاني، وهو شخصية اقتصادية، كان يعمل في البنك المركزي التونسي ودرس في كلّية الحقوق بجامعة تونس حيث كان سعيّد مدرّسا، حسبما قال رئيس الحكومة الجديد عبر صفحته على فيسبوك.
وواجهت حكومة بودن انتقادات بسبب عجزها عن إصلاح الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وسط مخاوف من أن تونس لن تكون قادرة على سداد ديونها الخارجية بسبب أزمة مالية حادة أدت إلى نقص العديد من السلع مثل الخبز والسكر والأرز والبن.
وفي الأيام الأخيرة، عُقِدت اجتماعات عدّة داخل الحكومة، بين الرئيس سعيد والوزراء، بشأن مشاكل نقص الخبز المدعوم في مناطق عدّة.
وذكرت وسائل إعلام أن سعيّد قال في الآونة الأخيرة إنّ “الخبز خطّ أحمر بالنسبة إلى التونسيّين” وأنه يخشى تكرار أحداث الخبز التي أودت بحياة 150 شخصا عام 1984 في عهد الحبيب بورقيبة.
من جانب آخر قال سعيد إن بلاده تواجه “نوعا من الإرهاب يسعى لتجويع الشعب” قائلا ان “من بين أهم التحديات مواجهة نوع آخر من الإرهاب يسعى لتجويع الشعب”.
وأضاف “لا مجال للتسامح مع هؤلاء أبدا، ولابد من محاسبتهم (دون ذكر جهة محددة)” موضحا أن “من يتلاعب بقوت الشعب وبالأمن داخل تونس سيدفع الثمن باهظا بناء على القانون في ظل محاكمة عادلة”.
وأردف “ما يعيشه المواطنون في كل مكان هو محاولة تأجيج الأوضاع الاجتماعية من ترتيب لوبيهات (لم يحددها) تتخفى وراء الستار ولابد من مواجهتها”.
وأضاف “لا يمكن أن نبني تونس بمطالب قطاعية (نقابية) بل بخلق الثروة، وبذلك ننجح ونعول على أنفسنا لنبقى مستقلين”، مطالبا المواطنين “بالعمل من أجل تونس ورفع راية البلاد في الداخل والخارج”.
وكان سعيّد قد عيّن بودن في 11 أكتوبر 2021، بعد ما يزيد قليلا عن شهرين من توليه كامل السلطات منذ 25 يوليو 2021.
وسبق للرئيس التونسي أن أجرى تعديلا وزاريا جزئيا حينما أقال 6 وزراء من تشكيلة حكومة بودن، خلال الأشهر الأخيرة، مع تعيين آخرين خلفا لهم.
وبدأت إقالات سعيد، في 7 يناير الماضي، بإعفاء وزيرة التجارة وتنمية الصادرات فضيلة الرابحي من مهامها.
وفي 30 من الشهر نفسه، أجرى سعيد، تعديلا آخر على الحكومة بإقالة وزيري التعليم فتحي السلاوتي، والزراعة محمود إلياس حمزة.
وفي 7 فبراير الماضي، أقال وزير الخارجية عثمان الجرندي، الذي كان يحتفظ بمنصبه منذ تعيينه في حكومة هشام المشيشي عام 2020، وخلال الشهر نفسه أقال وزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، الذي كان يشغل أيضا منصب الناطق باسم حكومة بودن، ولا يزال المنصب شاغراً منذ إقالته.
وفي 17 مارس قدم وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين استقالته وتم تعيين كمال الفقيه خلفا له.
وفي 5 مايو الماضي، أقال سعيد، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، نائلة نويرة. ولم يعلن عن خليفتها في المنصب.
وكان سعيد قد قَبِل في 8 مارس 2022، أول استقالة بحكومة بودن، حينما تقدمت عائدة حمدي كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة بطلب إعفاء من مهامها.
وصدرت دعوات من أحزاب مساندة لمسار 25 يوليو، إلى جانب منظمات من بينها اتحاد الشغل، للمطالبة برحيل حكومة بودن، على خلفية فشلها في التعاطي مع مختلف الأزمات المالية والاقتصادية التي واجهتها البلاد.