مجتمع

الجماع في نهار رمضان.. الحكم الشرعي والكفارة وفق المذاهب الفقهية


يعد شهر رمضان فرصة عظيمة للطاعة والعبادة،ومن الضروري التزام المسلم بأحكام الصيام وتجنب ما يبطله، ومن بين الأمور التي تؤدي إلى إفساد الصيام، الجماع في نهار رمضان.

ويعد الجماع في نهار رمضان من المحظورات الكبرى التي أجمعت عليها المذاهب الفقهية الأربعة. لما له من أثر في إفساد الصوم ووجوب الكفارة. وهي من المفطرات المؤكدة التي تبطل الصيام بالإجماع، ويجب على من قام بذلك التوبة والاستغفار، وقضاء ذلك اليوم، بالإضافة إلى الكفارة المغلظة.

وقد ورد هذا الحكم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلًا جاء إلى النبي ﷺ فقال: “هلكت يا رسول الله، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان”. فأمره النبي ﷺ بالكفارة، وهي صيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع، فعليه إطعام ستين مسكينًا.

صورة تعبيربة

آراء المذاهب الفقهية في الكفارة

المذهب الحنفي: يرى أن الكفارة تكون واجبة فقط على الزوج دون الزوجة. إلا إذا شاركته بإرادتها، ففي هذه الحالة تكون عليها الكفارة أيضًا.

المذهب المالكي: يرى أن الكفارة واجبة على الزوجة كذلك. سواء كانت مكرهة أم راضية، لأن الجماع أفسد الصيام.

المذهب الشافعي والحنبلي: يذهبان إلى أن الكفارة تجب فقط على من كان متعمدًا وذاكرًا للصيام. فإذا كان ناسيًا أو مكرهًا، فلا كفارة عليه.

صورة تعبيربة

حالات خاصة تتعلق بالكفارة

إذا وقع الجماع أكثر من مرة في اليوم نفسه، فالكفارة واحدة.

أما إذا تكرر الجماع في أيام متفرقة. فتتعدد الكفارات بعدد الأيام التي أُفطر فيها بالجماع.

إذا لم يستطع الشخص الصيام شهرين متتابعين لأي سبب صحي. فإن عليه إطعام ستين مسكينًا عن كل يوم أفطر فيه بالجماع.

التفريق بين الجماع قبل الفجر وبعد المغرب

يجدر التنويه بأن الجماع محرم فقط في ساعات الصيام، أما بعد الإفطار وحتى أذان الفجر. فهو مباح، كما ورد في قوله تعالى: “أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ” (البقرة: 187).

فكفارة المجامع في نهار رمضان، هي نفس كفارة الظهار، وهي قوله تعالى:وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المجادلة:3-4]

الكفارة

عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين. فإن عجز أطعم ستين مسكيناً ثلاثين صاعاً، كل صاع بين اثنين. هذا هو الواجب على من أتى زوجته في رمضان، وإن عجز عن الصيام والإطعام سقط عنه ذلك لفقره وشدة حاجته، وما دام يستطيع فإنه يكفر بواحدة من هذه الثلاث:

أولاً: عتق رقبة، يعني: رقبة مؤمنة يعتقها إن قدر، فإن عجز صام شهرين متتابعين. فإن عجز عن ذلك أطعم ستين مسكيناً، لكل مسكين نصف صاع من تمر من رز، من حنطة.

يعني: من قوت البلد، ثلاثين صاعاً بين ستين فقيراً، كل فقير له نصف الصاع، وهو يقارب: كيلو ونصف تقريباً نصف الصاع، ولو كان فقيراً لا يستطيع بالكلية. فإنه لا شيء عليه إن شاء الله. لما جاء في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ أنه أفتى من سأله عن ذلك بما ذكر، فلما قال الفقير: إنه ليس في المدينة أهل بيت أحوج إلى الطعام مني، قال: أطعمه أهلك. وكان طعاماً أهدي للنبي ﷺ فسلمه له عليه الصلاة والسلام ليتصدق به، فقال الرجل: يا رسول الله! ليس بين لابتي المدينة أهل بيت أحوج إلى الطعام منا. فضحك عليه الصلاة والسلام، وقال: أطعمه أهلك اللهم صل عليه وسلم. نعم. يعني: ولم يأمره بالقضاء، ولم يأمره بقضاء الطعام نعم، وعليهما صوم اليوم أيضاً، على الزوجة والزوج صوم اليوم الذي حصل فيه الجماع. وعليها مثله من الكفارة، إذا كانت مطاوعة غير مكرهة، فعليها مثله من الكفارة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى