الشرق الأوسط

حرب غزة تقوي ميليشيات الحوثي ووكلاء إيران


يقول محللون إن الحوثيين يسعون إلى استعادة السيطرة في اليمن ويستغلون الحرب الجارية لتأكيد قوتهم العسكرية وأهميتهم الإقليمية، لكن المدى الدقيق لتحكم إيران في تحركات الحوثيين يبقى محل جدل.

ومنحت حرب إسرائيل على قطاع غزة المتمردين فرصة لاستعراض القوة وأنهم رقم صعب في معادلة أمن واستقرار المنطقة ولا يمكن تجاهلهم، بينما استثمر المتمردون اليمنيون التراخي الأميركي ورؤية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الضبابية تجاه حل الأزمة اليمنية.

وكان أول قرار اتخذه بايدن لدى توليه الرئاسة هو إلغاء قرار سلفه دونالد ترامب بتصنيف الحوثيين تنظيما إرهابيا وأبدت إدارته رغبة في دفع جهود السلام. وشكلت سنة 2018 انعطافة في الصراع اليمني إذ أفضت الرغبة في دفع جهود السلام إلى سيطرة المتمردين على ميناء الحديدة بعد ما كادت تفقد السيطرة على المنطقة الإستراتيجية.

ورفعت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر من شعبيتهم اذ يقدمون أنفسهم مناصرين للقضية الفلسطينية، بينما تحولوا في الوضع الراهن وفي نظر كثيرين في العالم الإسلامي من مجرد حركة تمرد إلى حركة مقاومة تقارع الغطرسة الأميركية والإسرائيلية.

وتنفي إيران أنها توجه عن كثب الهجمات التي يشنها وكلاؤها، قائلة إنهم يتصرفون من تلقاء أنفسهم. وتعبر عن دعمها على نطاق واسع لتحركاتهم المناهضة لإسرائيل والولايات المتحدة.

وينفذ الحوثيون هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر تسببت في إرباك حركة الملاحة البحرية في أحد الممرات المائية الحيوية لإمدادات العالم من الطاقة والسلع. وتقول الجماعة الشيعية المدعومة من إيران إنها تستهدف فقط السفن القادمة والمتوجهة من وإلى إسرائيل تضامنا مع قطاع غزة وأن تلك الهجمات لن تتوقف إلا إذا توقف العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني.

وتسيطر جماعة الحوثي المتحالفة مع إيران على مساحات كبيرة من اليمن منذ 2014 وخاضت قتالا ضد تحالف مدعوم من السعودية من أجل بسط النفوذ في البلد الذي مزقته الحرب.

وكانت طهران من بين أوائل من دعموا الحوثيين في قتالهم أمام الرياض خصمها اللدود. وتطلق جماعة الحوثي، أو أنصار الله بحسب الاسم الرسمي لها، صواريخ في الوقت الحالي على إسرائيل وعلى سفن تجارية وناقلات نفط في البحر الأحمر. وتهاجم الولايات المتحدة أهدافا للحوثيين في اليمن.

ويقول “محور المقاومة” المدعوم من الجمهورية الإسلامية إن تحركاته المنسقة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول رد على قصف إسرائيل لغزة واجتياحها البري للقطاع.

وأشار الحوثيون وحزب الله وجماعات أخرى إلى أنهم سيوقفون هجماتهم بمجرد أن توقف إسرائيل هجومها على الفلسطينيين.

وتشير تقديرات مسؤولين ومحللين غربيين وإقليميين إلى أن طهران ترغب في تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، لكنها تعتزم استخدام وكلائها لإبقاء جيشي عدويها في المنطقة في حالة انشغال.

ويكمن الخطر الأكبر للتصعيد في أي هجوم غير محسوب بدقة تنفذه إيران ووكلاؤها من جهة أو الولايات المتحدة وحلفاؤها من جهة أخرى، على سبيل المثال قتل جنود أميركيين.

وتحت إشراف سليماني، أنشأت إيران شبكة من الفصائل المسلحة الحليفة في عدة دول عربية وقويت شوكة تلك الفصائل خلال السنوات التي تلت الغزو الأميركي للعراق في 2003 واستمرت في التعاظم منذ تلك الفترة.

وشن الحرس الثوري الإيراني هجمات صاروخية على ثلاث دول مختلفة هذا الأسبوع، وهي العراق وسوريا وباكستان، بينما تواصل جماعات مسلحة تدعمها طهران استهداف مصالح أميركية وغربية وتخوض قتالا مع إسرائيل مما يؤجج مخاوف من أن يعصف الصراع بمنطقة الشرق الأوسط ويمتد إلى مناطق أخرى.

وجاءت هجمات طهران على العراق وسوريا وباكستان ردا على هجمات على أراض أو على أهداف إيرانية.

وقالت طهران يوم الثلاثاء إنها أطلقت صواريخ على مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا ردا على تفجير أودى بحياة العشرات خلال إحياء ذكرى مقتل قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بوسط إيران في الثالث من يناير/كانون الثاني. وكان سليماني يشرف على شبكة من الفصائل المسلحة المتحالفة مع إيران في المنطقة وقُتل في هجوم بطائرة أميركية مسيرة في 2020.

وقصفت إيران في اليوم نفسه ما وصفتها بأنها مواقع تجسس إسرائيلية في العراق، وهو ما تنفيه بغداد. وقتلت إسرائيل أعضاء بارزين بجماعة حزب الله اللبنانية الحليفة لطهران وأيضا من الحرس الثوري في لبنان وسوريا.

وفي باكستان، قالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن طهران دمرت قاعدتين لمسلحين بلوخ من جيش العدل المتمركز في باكستان والذي أعلن في ديسمبر/كانون الأول مسؤوليته عن هجوم أودى بحياة أفراد من قوات الأمن الإيرانية. وشنت باكستان هجمات على مسلحين انفصاليين داخل إيران أمس الخميس ردا على هجمات إيران.

وتدعم إيران حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وحركة الجهاد الإسلامي. وشنت حماس التي تدير القطاع الفلسطيني هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل، وهو ما أشعل شرارة الحرب الحالية في الشرق الأوسط. وتقدم طهران نفسها على أنها المناصرة للمقاومة الفلسطينية أمام الاحتلال الإسرائيلي.

ودعمت طهران مسلحين شيعة في العراق خلال الاحتلال الأميركي ولا تزال تحافظ على هذه الروابط. وتهيمن جماعات مدججة بالسلاح ومتمرسة على القتال موالية لطهران وتربطها صلات وثيقة بالحرس الثوري على قوات الحشد الشعبي التي يبلغ قوامها 150 ألف فرد، وهي قوات عراقية شبه عسكرية تعمل تحت مظلة الدولة.

وقصفت قوات الحشد قواعد أميركية بالصواريخ في عشرات الهجمات في العراق وسوريا. وردت واشنطن بغارات جوية منها واحدة أسفرت عن مقتل أحد القادة في بغداد.

وتمثل سوريا طريقا رئيسيا لعبور الفصائل المتحالفة مع إيران بين العراق ولبنان. وبعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في 2011، تدخلت طهران لدعم الرئيس بشار الأسد بإرسال مستشارين من الحرس الثوري ومقاتلين من العراق وباكستان وأفغانستان. وقاتل حزب الله بجانب هذه الجماعات لدعم الأسد. وما زالت هذه الجماعات منتشرة في أنحاء سوريا.

وحزب الله هو أكثر حلفاء طهران المسلحين ولاء. وتشكل في ثمانينات القرن الماضي لقتال القوات الإسرائيلية في لبنان ويمتلك ترسانة تتألف من عشرات الآلاف من الصواريخ ويضم مقاتلين مدربين جيدا خاضوا قتالا مع مسلحين من السُنَّة لسنوات في سوريا. ويشن هجمات يومية على القوات الإسرائيلية على طول الحدود اللبنانية مع إسرائيل.

وتتشارك إيران ووكلاؤها هدف وقف القصف الإسرائيلي على غزة وطرد القوات الأميركية من المنطقة نهائيا، لكن بخلاف ذلك، فإن لديهم مصالحهم المحلية الخاصة.

وحزب الله هو أكبر الجماعات نفوذا في لبنان ويسعى إلى تجنب تصعيد الصراع أو العمليات العسكرية المكثفة من جانب إسرائيل، وهو ما قد يهدد مكانته في لبنان. فيما حققت قوات الحشد الشعبي في العراق ثراء من خلال الهيمنة على أجزاء كبيرة من الدولة والاقتصاد. وتتبع الجماعات الأكثر ولاء لإيران أوامر طهران. لكن ثمة جماعات أخرى تسعى إلى المال والنفوذ وتعتقد أن الاضطراب في المنطقة قد يضر بهيمنتها في العراء. حسبما يقول بعض المسؤولين.

وتواصل طهران قمع المعارضين داخل البلاد. لكنها تلقت صدمة هذا الشهر بالهجوم الذي وقع خلال إحياء الذكرى الرابعة لمقتل سليماني .وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنه.

ودفعت هجمات جماعة جيش العدل السنية المتشددة كثيرا من الإيرانيين إلى التشكيك في قدرة حكومة طهران على ضمان أمنهم داخل البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى