كثف الجيش السوري والقوات الروسية مؤخراً استخدام الطائرات المسيرة المذخرة والانتحارية في استهداف جبهات القتال والبلدات القريبة من خطوط التماس في مناطق المعارضة شمال سوريا، وسط تخوفات من توسع نطاق القصف ليشمل نقاطاً في عمق المناطق الآهلة بالسكان.
ونقلت مصادر محلية شمال سوريا أن الفصائل المعارضة أسقطت منذ عدة أيام طائرة انتحارية مسيرة من طراز FPV تستخدمها الفرقة 25 والحرس الجمهوري التابع للجيش السوري على الجبهات ومحاور القتال في إدلب. حيث أصبحت المنطقة تواجه تكتيكا عسكريا جديدا “أشد خطرا”، ويتمثل بزج الطائرات المسيرة الانتحارية على خط المواجهة، في حالة تشابه إلى حد كبير ما حصل ويحصل في أوكرانيا، حسب خبراء عسكريون.
واستهدفت هذه الطائرات خلال الأشهر الثلاث الماضية مواقع عسكرية لفصائل من المعارضة وأخرى ضمن تشكيلات “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا). ووفق بيان لـ”الدفاع المدني السوري” يرتبط التصعيد بإطلاق “المسيرات الانتحارية” بقوات النظام السوري وروسيا والفصائل الإيرانية، وتقول المنظمة إن استخدام هذا السلاح “يشكّل نهجا خطيرا في استهداف المدنيين ويهدد حياتهم”.
وقالت مصادر محلية شمال غرب سوريا، أن النقاط التي استهدفتها “المسيرات المذخرة” خلال الفترة الأخيرة تركزت على خطوط التماس مع الجبهات. ورغم أنها كانت تصيب أهدافا عسكرية من أنفاق ومقار لفصائل المعارضة إلا أنه تحول جزء من مسارها لاستهداف المدنيين، وخاصة أولئك الذين يحاولون العمل في أراضيهم الزراعية بريفي حلب وإدلب.
ولا يعلن الجيش السوري صراحة استخدام المسيرات الانتحارية في شمال غرب سوريا رغم أن فيديوهات لوزارة الدفاع التابعة له وثقت ذلك، وعادت حسابات موالية عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية لتؤكد استخدامها.
ولم يسبق أن شهدت مناطق شمال غرب سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة مثل هذا التهديد في السابق. وبالنظر إلى التكتيكات التي تتبعها روسيا في أوكرانيا منذ بداية الحرب وحتى الآن تتشكل صورة ما تعمل عليه الآن في سوريا.
وبحسب متابعين لمجريات الحرب في أوكرانيا وساحات أخرى تنشط فيها القوات الروسية يعد استخدام موسكو وحلفائها السوريين لطائرات بدون طيار FPV كاميكازي في سوريا علامة واضحة “على نقل المعرفة والتكنولوجيا من الحرب في أوكرانيا إلى الساحة السورية”.
وقال خبير عسكري إن تكلفة الطيران المسير غير كبيرة وتستخدم لمسافات قريبة وخلف خطوط العدو، وتوفر على المهاجم قوات خاصة قادرة على الدخول للمناطق، فهو يضرب ويستطلع بنفس الوقت. وأضاف أن الطيران المسير أثبت فعاليته في حرب أوكرانيا وأذربيجان، وقضى على الدفاعات الجوية وقتل مجموعات كبيرة إضافة إلى الدقة الكبيرة في الاستهداف، وقوات الجيش وبدأت تطور نفسها في هذا الأسلوب القتالي بالاعتماد على الميليشيات الإيرانية.
وتبلغ قيمة الطائرة الانتحارية حوالي ألف يورو، وهي مجهزة برؤوس حربية صاروخية أو متفجرات أخرى، فيما يصل مداها إلى نحو 10 كيلومترات. ويمكن استخدامها ضد المشاة أو المركبات القتالية والدبابات وحتى أطقم المدفعية المقطوعة أو ذاتية الدفع إذا تحركت بالقرب من الجبهة.
وشملت المعركة سابقاً استخدام مسيَرات من قبل الجيش السورية والميليشيات الايرانية، ولكن بغرض “الاستطلاع”، لكن مؤخرا بدأت هذه القوات تستخدم المسيرات الانتحارية، وذلك للتعويض عن منع استخدام طائراته الحوامة أو الحربية، بعد منعها من التحليق في المنطقة التي فيها قواعد تركية، وهذا ناتج عن تفاهمات “أستانا وسوتشي”، والذي جاء بعد استهداف القاعدة التركية في جبل الزاوية ومقتل حوالي ثلاثين جندياً تركياً في عام 2020
وخلال السنتين الماضيتين، كل الاستهدافات الجوية لمنطقة إدلب وريف حلب تمت بفعل الطيران الحربي الروسي، بينما تكتفي القوات السورية بالقصف المدفعي أو الصاروخي، في محاولة تعويض ورد اعتبار لقواتها باستخدام المسيَرات الإيرانية الانتحارية.