كيف ستحسم المحكمة العليا «تمرد» ترامب؟
بعد سنوات من التهرب من الأسئلة المتعلقة بالرئيس السابق دونالد ترامب، يتعين على المحكمة الأمريكية العليا الآن الإجابة على السؤال الأكثر أهمية: هل هو متمرد يجب منعه من الترشح للرئاسة بموجب التعديل الرابع عشر؟.
لكن المعضلة أن إي إجابة مباشرة بـ “نعم” أو “لا” من شأنها أن تثير تداعيات سياسية خطيرة لكن في ظل قضية مليئة بتفاصيل فنية وقانونية لم تُختبر من قبل، ما زال بإمكان قضاة المحكمة التملص من حكم نهائي إما يستبعد ترامب من الاقتراع أو يمنحه انتصارًا قانونيًا حسبما ذكرت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية.
والأكيد أن رئيس المحكمة العليا جون روبرتس وزملاءه سوف يدرسون كل هذه التفاصيل والطرق القانونية مع استعداد المحكمة لمرافعة سريعة في 8 فبراير/شباط المقبل حول استئناف ترامب لقرار محكمة كولورادو العليا الذي اعتبره غير مؤهل للترشح للرئاسة بسبب سلوكه في أحداث اقتحام الكابيتول في 6 يناير/ كانون الثاني 2021.
وقال نيد فولي، أستاذ قانون الانتخابات في جامعة ولاية أوهايو: “بالتأكيد أستطيع أن أفهم ما إذا كانت المحكمة ترغب في أي من السبل الإجرائية التي من شأنها تجنب معالجة أي من الأسس الموضوعية بشكل مباشر.. قد يساعد ذلك المحكمة لكنه قد يضر البلاد”.
وبحسب “بوليتيكو” فإن أحد الحلول يكمن في عدم تضمين “بند التمرد” في التعديل الرابع عشر للدستور صراحة على منصب الرئاسة، رغم أنه يحتوي على بند شامل يمنع المتمردين من تولي “أي منصب، مدني أو عسكري، في ظل الولايات المتحدة”.
ويسرد البند مناصب مختلفة لا يمكن أن يشغلها أي شخص “شارك في التمرد” بعد أداء القسم على “دعم الدستور”، ويشمل ذلك أعضاء مجلس الشيوخ والنواب والناخبين الرئاسيين ونواب الرئيس.
وينفي ترامب تورطه في أي تمرد أو الترويج له، ويجادل محاموه بأن الرئاسة ليست “منصبا” يغطيه البند وأن القسم الرئاسي الذي أداه ترامب في 2017 ليس من نوع قسم “دعم الدستور” الذي يذكره البند المتعلق بالتمرد.
وإذا تبنت المحكمة العليا أيًا من النظريتين، فسوف تترك ترامب على بطاقة الاقتراع دون الحاجة إلى اتخاذ قرار بشأن مشاركته في تمرد، وهو ما سيمنع جهود استبعاد ترامب من الاقتراع في ولايات أخرى وسينهي أي طعون لاحقة محتملة في حال فوزه في الانتخابات.
لكن تحول القرار للنظر في من المقصود بكلمة مسؤولين فيدراليين سيكون أمرا مفرطا في التقنية ويصعب على الناخبين العاديين فهمه، خاصة وأن الإجماع العلمي يميل إلى أن منصب الرئيس يقع ضمن التعديل.
وقد يؤدي إعلان أن الرؤساء ليسوا مسؤولين فيدراليين إلى عواقب قانونية غير مقصودة، خاصة وأن بنودا أخرى تستخدم لفظ “المسؤولين الفيدراليين” مثل حظر المكافآت من الحكومات الأجنبية وحظر الاختبارات الدينية.
ويحتوي بند التمرد على غموض كبير آخر في ظل عدم تحديد الجهة التي تقرر ما إذا كان الشخص متمردا أم لا وبالتالي هل ينفذ بند عدم الأهلية “ذاتيا” أو يتعين على الكونجرس إصدار قانون لتطبيقه.
ويرى البعض أن الطريقة الوحيدة لإقصاء ترامب من الانتخابات هي إدانته بارتكاب جريمة فيدرالية محددة بقيادة “تمرد”، لكن محاكمات ترامب الحالية لا تتضمن هذه التهمة تحديدا وبالتالي قد ترى المحكمة العليا أنه لم ينخرط في تمرد خاصة وأن كثير من الأمريكيين حتى المعادين له يؤيدون محاكمته قبل منعه من الاقتراع.
وهناك رأي يعتقد أنه يمكن تطبيق بند التمرد خلال الانتخابات العامة وليس الانتخابات التمهيدية وأن البند يمنع المتمردين من تولي مناصب فيدرالية لكنه لا يمنعهم من الترشح.
أخيرا يمكن أن يستشهد قضاة المحكمة العليا بالمبدأ المعرف باسم “مبدأ المسألة السياسية” للانسحاب من القضية وهو أمر شائع في حالة وجود قضية شائكة ومشحونة سياسيا يرى القضاة أنه يتعذر على النظام القانوني حلها مما يؤدي إلى إعادتها إلى فروع أخرى من الحكومة.