مجتمع

لكونك إنسانًا نهاريًا فإن جيناتك تعود لجيل النياندرتال


تشير البحوث الحديثة إلى احتمالية ارتفاع انتشار الحمض النووي الموروث من الأجيال المنقرضة التي عاشت في العصر الجليدي (النياندرتال)، ودائرة انتقال الجينات لا تحصى، إذ إنها مرتبطة أيضا بجينات أخرى مختلطة ومتشابكة.

وقد وجد الباحثون أنّ أجزاء من الشيفرة الوراثية تنتقل إلى البعض منا من البشر “النياندرتال” تتعلق بعادات نومنا وإيقاع الساعة البيولوجية لأجسادنا في الوقت الحاضر.

كما وجدت الدراسة، التي نشرت في مجلة “الجينوم بيولوجيا والتطور”، أنّ التزاوج القديم بين “النياندرتال” وعرق منقرض آخر، يعرف باسم “دنيسوفان”، ساعد أسلافنا على التكيف مع البيئات المتغيرة أثناء انتشارها عبر العالم. كما تُظهر الدراسة أن جيناتنا عبارة عن فسيفساء من أعراق مختلفة، تشكلت عبر آلاف السنين من التطور والتزاوج.

لقد ظهر الإنسان البشري الأول قبل حوالي 300,000 عام في أفريقيا، بيد أن البعض قد غادر القارة قبل حوالي 70,000 عام. ووجدت دراسة أن البشر من أصل أوروبي أو آسيوي ورثوا حوالي 2٪ من تركيباتهم الجينية من النياندرتال. وعند انتقالهم إلى أوراسيا، وجدوا الأشخاص من عرق الدنيسوفان، فاختلطوا بهم وبأنواع مختلفة أخرى.

وفحص الباحثون قاعدة بيانات إلكترونية مقرها المملكة المتحدة تحتوي على معلومات صحية وجينية عن مئات الآلاف من السكان المنحدرين من أصل أوروبي وحمض نووي ناتج من اختلاط جينات النياندرتال والدنيسوفان، استُخرجت من العظام والأسنان المتحجرة.

وحدد الباحثون أن 246 جينًا تملك تأثيرًا على الساعة البيولوجية في أجسامنا، كما وجدوا أن العشرات من تلك الجينات تعود إلى البشر النياندرتال الحديثين. أما بالنسبة للأشخاص المدرجين في قاعدة بيانات المملكة المتحدة والذين كانت جيناتهم مختلطة بين النياندرتال والدنيسوفان، قد صرحوا عن تفضيلهم للاستيقاظ مبكرًا وإنجاز أعمالهم خلال ساعات النهار، لذا تم الاتفاق على تسميتهم بـ”الأشخاص النهاريين”.

وقال توني كابرا، الخبير في علم الوراثة التطوري في جامعة كاليفورنيا عن توارث الجينات وتطورها “إن آثارها تقع في سياق مئات الجينات الأخرى، ولكنها توحي بأن هناك شيئًا ذا معنى في هذا الشأن”.

يمثل هذا البحث قفزة كبيرة إلى الأمام في مجال علم الوراثة اليالوجينية، إذ إنه يبحث في كيفية أن توارث الجينات من أسلافنا البدائيين تلعب دورًا في صحة الإنسان اليوم.

ويتفاوت إيقاع الساعة البيولوجية للنوم والاستيقاظ من شخص إلى آخر، ومن المرجح أن تكون القدرة على التكيف في الاستيقاظ مع شروق الشمس مفيدة في الحفاظ على صحة الدماغ، إذ عاش النياندرتال والدنيسوفان، مع المزيد من ضوء النهار المتغير على مدار السنة. ولكن عندما انتقل أسلافنا من قبل 70,000 سنة، واجهوا بيئات مختلفة بشكل كبير من حيث التعرض للضوء، ودرجة الحرارة الموسمية ما خلق أجيالا تملك تباينات جينية أثرت على إيقاعات الساعة البيولوجية لديها لينشأ ما يسمى بـ”الأشخاص الليليين”.

ومعرفة كيفية تطور جينات أسلافنا استجابة لتلك البيئات المتغيرة يساعد الأطباء والعلماء على تطبيق تلك المعرفة لمساعدة الناس اليوم، إذ أشار الباحثون إلى أن استخدام الأضواء الساطعة أثناء الظلام في المدن والأجهزة المحمولة باليد والحواسيب تعمل على تحريف دور الساعة البيولوجية التي يجب أن تعمل بشكل طبيعي مع شروق الشمس. لذا فإن التلاعب بنظام الساعة البيولوجية الطبيعي يمكن أن يكون له تأثير على زيادة احتمالية الإصابة بالأمراض العقلية والسرطان والأمراض الأيضية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى