متى تعرف أن عليك الذهاب إلى طبيب نفسي؟
بين الحين والآخر وأنت تسير في الشوارع والطرقات تجد أناسا يتحدثون لأنفسهم بصوت عال، بعضهم يتكلم بصوت منخفض، وآخرون يصرخون.
البعض قد يكون كلامه مع نفسه بصوت عال بسيطًا، ولو لاحظ أنك تنظر إليه لابتسم لك خجلاً وتوقف، لكن آخرين قد يدعونك للمشاركة معهم في حوارهم الذاتي الخارجي.
بعض هؤلاء المتحدثين لأنفسهم يبكون أو يصرخون، أو ينفعلون بشكل مبالغ فيه، وينظرون يمينا ويسارا، كما لو أنهم شخصان يتحدثان لبعضهما البعض.
فهل كل من يتحدث مع نفسه في الشارع هو مريض نفسي أو يمر بصدمة عصبية؟
الحاجة لحلول المشاكل
ترى إسراء رفعت، الباحثة في علم الاجتماع، أن هذا النوع من الظواهر الاجتماعية يعبر عن “قلة الحيلة”، فالشخص الذي يتحدث لنفسه ليس لديه حلول لمشاكله، ويبحث عن مخرج.
وتضيف أن الجهد الزائد على المخ بسبب التفكير المتواصل يجعل الشخص ينفصل عن واقعه، ولا يشعر بنفسه وهو يتحدث لنفسه أمام الجميع.
وتوضح رفعت أن بعض هؤلاء الأشخاص يجدون أن الشكوى لغيرهم غير مجدية لأنهم لا يقدمون الحلول لهم، فيلجأون للحديث مع أنفسهم ربما يصلون لحل.
مرض أو صدمة
يفرق الدكتور إبراهيم مجدي حسين. استشاري الطب النفسي في جامعة عين شمس المصرية، بين نوعين من هذه التصرفات. تصرفات مرضية، وتصرفات نتيجة الصدمة.
ويوضح حسين أن التصرفات المرضية قد تكون علامة على الفصام الذهاني أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب. وخصوصًا إذا كان تفاعل الشخص مع الكلام الذي يتحدث به وتحركات جسده مبالغ فيها.
ويضيف حسين أن هذه التصرفات قد تأتي بسبب صدمة شديدة فيتحدث الشخص لنفسه من ثقل الهم، فيفكر بصوت عالٍ حتى لا يكتم تفكيره.
ويقول حسين إنه في كل الأحوال الكلام مع الذات لا يعبر عن حالة طبيعية على الإطلاق. موضحًا أن هموم المعيشة تجعل بعض الأفراد يخرجون عن شعورهم الطبيعي فيصرخون أو يكلمون أنفسهم. لكنه شعور مؤقت. لكن لو استمر وتكرر فهو علامة على المرض النفسي.
تفريغ شحنات
بدوره يفرق الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري العلاج النفسي وعلاج الإدمان في مصر. بين الهلاوس السمعية وهي عرض رئيسي في تشخيص مرض الفصام نتيجة سماع المريض أصوات داخل رأسه تأمره بأشياء أو تهمس له بخصوص أشخاص أو أحداث لا يسمعها مخلوق سواه. وبين التفكير لدرجة التحدث.
ويوضح الباسوسي. أن التفكير لدرجة التحدث أو الهمس بصوت مرتفع يأتي نتيجة لضغوط اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية مؤثرة ومن الصعب احتمالها.
ويضيف أن بعض الأشخاص يضطرون لا إراديًا إلى تفريغ شحنات التوتر غير المحتملة في صورة همس أو حديث بصوت مرتفع انعكاسًا لانشغالهم الشديد في التفكير في مشاكلهم التي هي مصدر الضغوط.
ويؤكد الباسوسي أنه لا يعتبر حديث البعض في الشوارع بصوت مسموع هلوسة سمعية إذا كان الشخص ليس لديه تاريخ مع مرض الفصام أو أمراض نفسية أخرى.