الشرق الأوسط

“نتنياهو ونصر الله: صراع على الشرعية وسط تصاعد التوترات”


تطرح 3 سيناريوهات لفهم تحرك رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو ضد أمين عام حزب الله حسن نصر الله.

ويسعى نتنياهو لاستفزاز نصر الله من أجل دفعه لبدء الحرب، ما يمنح تل أبيب شرعية إشعال جبهة الشمال دون ارتدادات سياسية على الساحة الداخلية المنقسمة بحدة.

وفي حال احتفظ حزب الله ببرود أعصابه فإن صورة الردع التي استقرت منذ عام 2006 ستكون قد تضررت بشدة في الحد الأدنى.

فيما لم يستبعد مراقبون أيضا أن تكون عمليات التصعيد الجارية منذ الثلاثاء الماضي مقدمة لعملية برية في جنوب لبنان.

فبدءا من اغتيال فؤاد شكر الشهر الماضي، مرورا بانفجارات أجهزة الاتصال يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين، وصولا إلى محاولة اغتيال إبراهيم عقيل (لم يتأكد مقتله) اليوم الجمعة كلها أسباب كان من المتوقع أن تؤدي إلى بدء حسن نصر الله الحرب.

ولكن من ناحية ثانية قد ينظر إلى هذه الخطوات الكبرى على أنها أيضا محاولة من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو للضغط على نصر الله من أجل وقف هجمات حزب الله على شمالي إسرائيل، وفصل ارتباط جنوب لبنان بالجبهة المستعرة في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتبدو الإشارات في إسرائيل حول تحرك بري متضاربة، فمن ناحية فإن هذه المؤشرات واضحة ومن ناحية ثانية تعارض الولايات المتحدة الأمريكية عملية برية إسرائيلية في لبنان في ذروة الانتخابات الرئاسية.

كما أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أعلن، الجمعة، أن نتنياهو سيغادر الثلاثاء إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث ينتظر أن يلقي خطابه الجمعة على أن يغادر في طريق عودته إلى إسرائيل بعد انتهاء السبت.

ولا يمكن لرئيس وزراء إسرائيلي أن يخوض حربا وهو خارج البلاد.

ومع ذلك فليس من المصادفة أن ينشر الجيش الإسرائيلي في ذروة الإعلان عن عملية اغتيال في الضاحية الجنوبية في بيروت صورة لرئيس الأركان الجنرال هرتسي هاليفي مع قائد المنطقة الشمالية وقادة الفرق العسكرية في القيادة الشمالية”.

البارز في الصورة كان مشاركة قائد الفرقة 98 بالجيش الإسرائيلي جاي ليفي الذي وصلت فرقته خلال الأيام القليلة الماضية من غزة، ما يؤشر بأن الدخول البري إلى جنوب لبنان بات على الطاولة حقا.

وينظر في إسرائيل إلى ما يقوم به نتنياهو ضد نصر الله بأنه “إذلال” و”استفزاز”.

فقد اعتبر المحلل في صحيفة “معاريف” الإسرائيلية جاكي خوجي ما جرى بأنه “إهانة كبرى”.

وكتب في تحليل يوم الجمعة “: “من ناحية استخبارية، تعد هذه (تفجير أجهزة الاتصال) عملية لامعة منسوبة لجهاز الأمن الإسرائيلي. (..) كان يجب رؤية النكات التي تراكضت على حسابه (نصرالله) وحساب رجاله”.

وأضاف أن “حزب الله، الذي يدعي صبح مساء بأن أفعاله تحمي اللبنانيين ويتباهى بأنه يردع إسرائيل، جلب الموساد والجيش الإسرائيلي إلى كل بيت (في إشارة إلى انفجارات البيجر واللاسلكي التي خلفت آلاف الجرحى)”.

وتابع: “الآن نصر الله في شرك: من جهة تأذى بشرفه، ومن جهة أخرى كل رد من جانبه سيجر رداً أكثر حدة بأضعاف من عدوه المرير”.

غير أنه استدرك: “نصر الله يعرف أن كثيرين آخرين، في الشارع العربي، في لبنان أيضاً، وفي إيران بالطبع، يتوقعون منه محو العار، وبخلاف (يحيى) السنوار (رئيس المكتب السياسي لحماس)، الذي يقاتل وحده في غزة، فإن نصر الله ليس وحيداً فالإيرانيون معه والحوثيون أيضاً، وجيوش من المؤيدين في العراق وفي أماكن أخرى أيضاً، إذا ما علق في حرب وجود سيأتي كل هؤلاء لنجدته”.

وقال خوجي: “هذا يجلبنا إلى أنباء سيئة: هجوم البيجر وإن كان سيذكر لسنوات طويلة إلى الأمام، لكنه لن يعيد سكان الشمال إلى بيوتهم، هذه عملية لامعة أساسها تكتيك، لكنها ليست استراتيجية، من الأفضل لو كانت خطوة بدء لحرب، تذهل العدو وتضعفه قبل إلقاء ضربات رهيبة على رأسه، لكنها لم تكن”.

ومن جهته وفي إشارة إلى نتنياهو، قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هارئيل، الجمعة “في الأسابيع الأخيرة تغير شيء ما في ترتيب أولوياته، من الصعب أن نتخيل ما هي الاعتبارات التي يفكر فيها رئيس الوزراء على وجه التحديد”.

وأضاف: “لقد شهد الأسبوع بلا أدنى شك تصعيداً دراماتيكياً، الأمر الذي زاد من خطر اندلاع حرب شاملة، ولكن حتى كتابة هذه السطور ما زال من الصعب أن نرصد مساراً لا مفر منه للأحداث يتجه نحو حرب مؤكدة، لقد تلقى حزب الله ضربة قاسية لأنظمته التشغيلية، وهناك شعور بالإذلال والارتباك في صفوفه، إلى الحد الذي يجعل من الصعب تشغيل سلسلة القيادة والسيطرة”.

واستدرك: “ولكن نصر الله ورعاته الإيرانيين ما زالوا قادرين على الاختيار بين عدد من الاحتمالات: رد مدروس، من شأنه أن يثبت أن حزب الله لن يتخلى عن الحرب على الرغم من محاولة إسرائيل فصل غزة عن الشمال، أو شن هجوم شامل، أو إعطاء جهود الوساطة الأمريكية فرصة أخرى مهما كانت احتمالاتها ضعيفة”.

وأضاف “على الرغم من التهديدات الذكورية القادمة من جانبي الحدود فإن إسرائيل ولبنان يدركان التكلفة الكاملة للحرب، لن يكون هناك نصر سهل، بل سيكون هناك قصف متبادل متعدد الضحايا، بما في ذلك على الجبهة الداخلية، ومن المتوقع أن تتعرض البنى التحتية المدنية والمناطق الحضرية لأضرار جسيمة، إن الدمار والقتل سوف يكونان على نطاق وكثافة لم تشهدهما أي من الدولتين من قبل”.

وأشار هارئيل إلى “إن تفضيلات نصر الله وإيران واضحة، فمنذ انضمام حزب الله إلى القتال في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي اختار البقاء في صيغة القتال عن بعد، إطلاق الصواريخ والطائرات دون طيار والصواريخ المضادة للدبابات دون اختراق الأراضي الإسرائيلية ودون مهاجمة منطقتي تل أبيب وحيفا، إن الهجمات الأخيرة ضد المنظمة تلزمها بإعادة النظر في سياستها والبت فيما إذا كانت قادرة على الحفاظ عليها في حين أن الثمن الذي تدفعه يرتفع”.

هذه هي شارة البدء

ولفت هارئيل إلى معلومة مهمة وهي أن الحرب البرية ستستدعي أولا استدعاء قوات الاحتياط.

وقال: “بعد الهجومين، وردت أنباء تفيد بأن الجيش الإسرائيلي ينقل الفرقة 98 إلى القيادة الشمالية. وفي اليومين الماضيين شوهد عدد كبير من ناقلات الدبابات وناقلات الجنود المدرعة وهي تتجه شمالاً على الطريق السريع رقم 6، وما دام لم يتم الإعلان عن استدعاء مكثف وفوري للاحتياطيات فإن هذه الخطوة تبدو أقرب إلى التعزيز الدفاعي، أو ربما إشارة تهديد لحزب الله، وليس تمهيداً لحرب برية”.

وأضاف “والآن يراقب لبنان بقلق كل تحرك وتصريح إسرائيلي، ولكننا ما زلنا في خضم المناقشة المستمرة، وتعتمد التطورات إلى حد كبير على قرارات نصر الله، على رد فعل حزب الله ثم على رد فعل إسرائيل على ذلك”.

واستدرك “من المحتمل أيضاً أن تكون القيادة الإسرائيلية أقل تصميماً مما تبدو عليه، فقد أذن نتنياهو بخطوات هجومية غير عادية، ولكنه لا يزال غير مندفع إلى الحرب، ويبدو أنه لا يزال ينوي حضور دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع المقبل”.

حزب الله لن يكون قادرا على كبح جماح نفسه

غير أن المحلل في موقع “واينت” الإخباري إيتمار إيخنر نقل، الجمعة، عن مسؤول إسرائيلي إن اغتيال عقيل مثل “مرحلة جديدة في الحرب” مضيفا: “نواصل ضرب حزب الله ونستعد للرد، كل شيء مطروح على الطاولة”.

وقال إيخنر: “التقييم في إسرائيل هو أن حزب الله لن يكون قادرا على كبح جماح نفسه من الاغتيال”.

وأضاف “لكن مصدرا آخر قال إنه “في المرحلة الجديدة من الحرب لا توجد خطوط حمراء، سنواصل ضرب حزب الله، الهدف الوحيد هو تحقيق هدف الحرب، إعادة السكان إلى منازلهم بأمان، نحن نتفهم التكاليف التي ينطوي عليها الأمر”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى