حصري

تاريخ الإخوان في أوروبا: مسارات التغلغل والنفوذ


تغلغل جماعة الإخوان الإرهابية في فرنسا يعد جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى بناء شبكات سياسية واجتماعية في أوروبا، وقد اعتمدت الجماعة على طرق متعددة للوصول إلى المجتمع الفرنسي والتأثير فيه.

وقد بدأت جذور التغلغل في فرنسا منذ عقود، حين استغل قادة الإخوان النزاعات في العالم الإسلامي واللجوء السياسي كفرص لبناء قاعدة لهم في أوروبا، مع قدوم مهاجرين من دول عربية وإسلامية إلى فرنسا، بدأت الجماعة في استهداف هذه الجاليات من خلال تقديم خدمات اجتماعية ودينية، مستغلة عدم اهتمام السلطات الفرنسية في تلك الفترة بمراقبة النشاطات الدينية والسياسية لهذه المجموعات.

الدور المشبوه لجهات عديدة

ومع مرور السنوات وزيادة أعداد المهاجرين من الدول العربية نحو فرنسا، يتم الكشف عن بعض المؤسسات والهيئات ذات الطابع المشبوه في أوروبا تضطلع بهذا الدور المشبوه الذي يكاد يصبح مصنعًا جاهزًا لولادة العنف والإرهاب، وتتفاقم الأوضاع مع وفرة الموارد المالية.

بداية من مدرسة ابن سينا في فرنسا باعتبارها ضمن المؤسسات التعليمية لجماعة الإخوان المصنفة إرهابية في عدد من البلدان العربية، لا يبدو أمراً جديداً أو مباغتاً، فقد سبق أن أعلنت وزيرة التربية الوطنية الفرنسية نيكول بيلوبيه عن إغلاق مدرسة ابن سينا الموجودة في مدينة نيس الفرنسية وفي إحدى ضواحيها الفقيرة والتي تصف نفسها في لافتة بأنّها مدرسة “للتعليم الإسلامي”.

وثمة شبهات عديدة تحوم حول تلك المدرسة، سواء على مستوى مناهجها وارتباطها بأدبيات وأفكار الإسلام السياسي، تحديداً جماعة الإخوان، أو مصادر تمويلها الغامضة، حيث إنّ رئيسة أكاديمية نيس التعليمية ناتاشا شيكوت، صرحت بأنّ المدرسة طالتها عمليات تفتيش وإنذارات.


مصادر تمويل مشبوهة

وحول تمويل مدرسة ابن سينا الخاصة، في مدينة نيس الفرنسية، لا أحد حتى الآن، بما في ذلك السلطات الفرنسية، يعرف مصادر تمويلها، وكيف تدفع نفقاتها لتؤمن سير دروس نحو 100 طالب ممن يرتادونها، لكنّ المؤكد هو أنّ لهذه المدرسة “روابط مباشرة” مع ما كان يعرف بـ “اتحاد المنظمات الإسلامية”، وبالتالي مع تنظيم الإخوان في فرنسا.

كما أنّ المدرسة حاولت جاهدة البقاء بعيداً عن الجدل المتنامي في فرنسا حول مخاطر مثل هذه المدارس على أمن البلاد واستقرارها، إلا أن قانون 2021 لمكافحة النزعة الانفصالية أسقط عنها القناع.

وعند توجيه استفسارات حول التمويل كشفت الإدارة أسماء عائلات المساهمين سواء كانوا أولياء أمور الطلاب أو من المتبرعين.

المدرسة حاولت الإيهام بأن الفئة الأولى تدفع 200 يورو شهرياً عن كل طالب، وأنّها تعتمد بشكل كبير على الفئة الأخيرة التي تدفع أكثر بكثير لتغطية ميزانيتها، لكنّ عملية مقارنة بسيطة بين الإيرادات والنفقات تظهر خللاً واضحاً، ليس في الحسابات فقط، بل في مصادر التمويل نفسها.

وتم إعلان قرار إغلاق مدرسة ابن سينا في 26 فبراير الماضي من قبل وزيرة التربية الفرنسية نيكول بيلوبيه، وقد أمر بتطبيقه محافظ مدينة نيس أوغ مطوح في 14 المنقضي، لكنّ المحكمة الإدارية في نيس فاجأت الرأي العام الفرنسي بإلغائها الأمر الصادر بإغلاق المدرسة، معتبرة أنّ الأخطاء في حسابات المؤسسة لا تبرر اتخاذ مثل هذا الإجراء النهائي.

الاخوان المسلمون"في أوروبا - الواجهات و سبل المحاربة - المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات

ويقول الباحث السياسي في شؤون الجماعات الإرهابية سامح عيد، إن جماعة الإخوان الإرهابية استغلت البنية الديمقراطية والمنفتحة في أوروبا لبناء نفوذ سياسي واجتماعي من خلال تأسيس الجمعيات الدينية والخيرية، التي تعتبر واجهة للجماعة، وهذا التغلغل يتم بشكل هادئ ومنظم تحت غطاء العمل الخيري والديني، ولكن في الواقع يستخدم لنشر أفكارها المتطرفة بين المجتمعات المسلمة المقيمة في أوروبا.

وأضاف عيد إن في فرنسا الوضع أصعب من باقي الدول لما تتكون منه البلاد من وفود عربية كثيرة وكذلك المهاجرين المقدرين بالملايين، ولذلك ينتشر بينهم أعضاء الجماعة، وينفذون سلطتهم من أجل زيادة النفوذ، وهو ما تسعى لوقفه السلطات الفرنسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى