الأيام القليلة الماضية أفرزت أسئلة متعددة حول الاتجاهات الحالية لما يدور في المنطقة، ولعل أكثر تلك الأسئلة ارتبطت بما بالحدث الأهم والأبرز مؤخرا، عندما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن خطوات سياسية حول علاقتها مع إسرائيل، والسؤال الأكثر أهمية في هذه المرحلة يدور حول الثقافة السياسية التي تجتاح المنطقة حاليا، فما أنتجه الفضاء الفكري والإعلامي خلال الشهر الماضي حول المنطقة وخاصة القضية الفلسطينية والعلاقة مع إسرائيل، يطرح الأسئلة المهمة لأسباب الفوران الفجائي للأهواء السياسية.
وللإجابة على هذا التساؤل لابد وأن نكون قادرين على تفسير الاتجاهات التي تحكمت في تطورات الحوار التي صاحبت القضية العربية والعلاقة مع إسرائيل، كما يجب أن نكون قادرين على تفسير تلك الاتجاهات القطعية وغير المتوقعة حول فهم القضية الفلسطينية من خلال علاقات الدول مع إسرائيل، الحقيقة أن القضية الفلسطينية تاريخيا تعتبر أولوية لكل الدول العربية والإسلامية بمافي ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة أو غيرها من الدول العربية التي أقامت أو قد تقيم علاقات سياسية مع إسرائيل في المستقبل، ومن هذا المدخل يمكننا فهم أن هناك من يريد أن يبقي الأخرين في العالم العربي في عزلة عن القضايا العربية وعن أطرافها.
الأخطر فيما حدث في الفضاء الفكري والإعلامي العربي من أولئك المختلفين مع الدول الساعية للسلام، هو اعتقادهم بأن الجميع يقف ضدهم والجميع لا ينصت إليهم ولا يقدرهم، لذلك هم يلجؤون إلى المساحة الإعلامية والفكرية المتاحة لهم لمحاولة تبرير قلقهم، ولكن بطرق هي في حقيقتها تعبيرعن الهزيمة العميقة أمام فرص السلام وتغيير المفاهيم، ليست إسرائيل الرابح من علاقتها مع أي دول عربية، وليست الدول العربية والشعوب العربية بهذا الضعف والهوان حتى نتصور أن العلاقة مع إسرائيل خطر محدق إلى هذه الدرجة.للسياسية والدبلوماسية بين الدول مسار طويل ومتبادل، وقد تكون العلاقة مع إسرائيل مفتاحا ميسرا لحل القضايا العربية ومواجهة أعدائها الحقيقيين، وليست قضية فلسطين فقط بل جميع القضايا الاستراتيجية والجيوسياسية، وخاصة إذا نظرنا بعمق إلى تلك الأهداف الخطيرة على الأمن القومي العربي والخليجي والتي تنبع مصادره “إيران وتركيا”، فإن الخليج العربي بشكل دقيق يعاني فعليا من الاستهداف السياسي والاستراتيجي من كل من إيران وتركيا، وكذلك القضية الفلسطينية تعاني من اختراق هاتين الدولتين لها بفرض أجندات واستقطاب خطير للقضية واتجاهاتها.إن الخطر الفعلي لا يكمن في علاقات دبلوماسية بين دولتين، ولكن الخطر الأهم أن تصاب الشعوب العربية “بمتلازمة الهزيمة” كما قال عنها أحد الباحثين، ومتلازمة الهزيمة شعور مخيف متردد غير مدرك غير واثق بقدراته، ومستعد لقبول الانكفاء على الذات والإيمان بالضعف والهزيمة والمؤامرة، لذلك علينا أن نثابر من أجل تغيير ثقافتنا ونقلها من الاهتمام بالماضي إلى التفكير بالمستقبل وتحمل الصعاب وتصحيح المسارات، أما الكلمة الأخيرة فإن السلام هو الطريق الوحيد لتحقيق السلام وليس هناك غيره.
نقلا عن العين الإخبارية